في محاولتنا لفهم ألزهايمر، ولتكون لدينا قابليةٌ لعلاجه بشكلٍ أفضل؛ تقترح دراسةٌ جديدةٌ وفي خطوةٍ مثمرة أن يُصنَّف ضمن ست مجموعاتٍ مختلفة، ما سيمكننا من فهم ومعالجة كل نوعٍ على حدة.
قد يبدو الأسلوب مألوفًا؛ فقد طُبّق بالنسبة لمرض السكري من النوع الثاني (type2 diabetes) في أوائل عام 2018.
المنطقيّ في الأمر أنه لا يمكن التعامل مع كل أشكال المرض على أنَّ لها نفس الخصائص أو نفس طريقة العلاج.
إلى الآن، يُشخّص ألزهايمر عادةً إما في وقتٍ مبكرٍ من بداية المرض أو في وقتٍ متأخر، لكن -وبناءً على الدراسة الجديدة- تعني الفئاتُ الإضافية حصولنا على نتائج أوضح فيما يتعلق باختبار العقاقير والأبحاث المستقبلية عن المرض.
بعبارةٍ أخرى، بدلًا عن إهمال العلاج الذي لا يحقّق النتائج على الصعيد العام لجميع مرضى ألزهايمر؛ سيكون فعالًا في حالاتٍ معيّنة من المرض.
وكما يقول شوبهابراتا موخرجي من كلية الطب في جامعة واشنطن، أحدُ أعضاء فريق الدراسة، إنَّ مرض ألزهايمر مثل (سرطان الثدي – breast cancer)، ليس مرضًا واحدًا.
ويقول: «أعتقد أنَّه من المحتمل للعقار الجيد أن يفشل في التجارب السريرية؛ لأنه ليس لدى كل الحالات نفس نوع ألزهايمر».
لاختبار هذه الفرضية، صنّف الباحثون 4050 مريضًا بألزهايمر ضمن ست مجموعاتٍ بناءً على أدائهم الإدراكيّ أثناء التشخيص.
وظهرت النتائج الإدراكية في أربعة أقسام: الذاكرة والأداء المعرفيّ واللغة والأداء البصريّ.
وبما أنَّ المشاركين جاؤوا من خمس دراساتٍ سابقةٍ مختلفة؛ كان لابُدَّ من تقريب درجات الاختبار قبل تطبيق الأنماط.
لكن بالفعل، ظهرت الأنماط: (39% من المرضى)؛ أكبر المجموعات الست، لديهم نتائج متقاربة في جميع الأقسام الأربعة إلى حدٍ ما.
بينما أولئك في ثاني أكبر المجموعات (27 % من المرضى)؛ لديهم درجات ذاكرةٍ أقل بشكلٍ ملحوظٍ من الدرجات الأخرى.
ويمكن تصنيف ثلاث مجموعاتٍ أخرى من خلال الدرجات المنخفضة إما في اللغة أو نتائج الأداء البصري أو نتائج الأداء المعرفيّ مقارنةً مع الفئات الأخرى.
أما المجموعة الأخيرة (6 % من المرضى)؛ كانت لديها فعليًا نتائج أقل بكثير في اثنين من الأقسام الإدراكية.
حُلّلت المجموعات أيضًا للعثور على الاختلافات الجينية التي قد تساعد في تفسير الأنماط المُسجلة.
في مجموعةٍ من SNPs 33 (33 تعدد لأشكال النوكليوتيدات المفردةsingle nucleotide (polymorphisms؛ (وهي وحدة أساسية في بناء الحمض النووي وبمثابة الحروف الأساسية التي تُكتب بها الجينات)، أو مراكز محدّدة على الجينوم؛ عُثر على روابط جينية قوية مع مجموعاتٍ فرعية محدّدة.
هذه خطوةٌ قويةٌ من عمر العشرينيات فصاعدًا؛ باعتبار الـ SNPs (النوكليوتيدات المفردة – single nucleotide polymorphisms) مرتبطة بألزهايمر ككل (بغض النظر عن المجموعات الفرعية).
بدا أحد أنواع الجينات على وجه الخصوص (أليل البروتين الشحمي – E، APOE e4 allele: شكلٌ بديلٌ عن الجين، هي بنيات كيميائية حيوية ذات شكل كروي تنتج عن اندماج الدهون والبروتينات)، بدا وكأنه عامل خطرٍ قويّ لتطور مرض ألزهايمر لدى الأشخاص ذوي الأصول الأوروبية؛ وهذا ما اقترحته أبحاثٌ سابقة.
مع العلم أنَّ الفريق حرص على الإشارة إلى أنَّ الأشخاص المصابين بالأليل (APOE e4 allele) لا يصابون بمرض ألزهايمر بالضرورة.
هذه ليست سوى بداية للتفكير في كيفية تصنيف مرض ألزهايمر إلى عدة أنواع كما يقول الباحثون.
فقد شملت الدراسة عدة آلافٍ من الأشخاص، لكنهم كانوا -على سبيل المثال- أوروبيين ومتعلمين جيدًا وهو أحد القيود.
ومع ذلك، هناك نتائج كافية تشير إلى أننا يمكن أن نستفيد من التمييز بين فئات ألزهايمر بهذه الطريقة، وبالتالي إيجاد طرقٍ أكثر دقة وتطورًا لتحديدها والتوصّل إلى علاجٍ في يومٍ من الأيام كما نأمل.
يقول بول كرين، أحد الباحثين من كلية الطب بجامعة واشنطن (University of Washington School of Medicine): «إنَّ النتائج مثيرة، لقد وجدنا اختلافاتٍ بيولوجية جوهرية بين مجموعاتٍ فرعية محددة من مرضى ألزهايمر».
- ترجمة: عمر النبواني
- تدقيق: تسنيم المنجّد
- تحرير: زيد أبو الرب