ابتكر باحثون في الولايات المتحدة الأمريكية أجسامًا صغيرة شبيهة بالاسفنج، قادرة على كشف وضبط خلايا CTC في الدم (وهي خلايا سرطانية تفتّتت من الورم الأصلي، ثم جرفها تيار الدم معه بعيدًا عن مكان الورم)، لتمنع انتقالها إلى عضو آخر في الجسم كالعظام، أو الكبد أو الرئتين مسبّبة تشكّل ورم جديد. من الصعب كشف خلايا CTC قبل أن يكون الورم الجديد قد تشكّل، ومع بعض المرضى الذين لا يُظهرون أي أعراض؛ لا يُكتشف الأمر إلا بعد فوات الأوان.
حتى الآن تم اختبار الجهاز لدى الفئران المصابة بسرطان الثدي، لكن الفريق يأمل بأن يسرّع الجهاز تشخيص وعلاج المصابين بالسرطان المنقول -الخلايا السرطانية المنتشرة في الأوعية الدموية في الجسم. “الحيوانات التي حصلت على هذه الأجسام قد خففت عبء المرض على رئتيها مقارنة بالحيوانات التي لم تحصل على الأجسام”، بحسب ما صرح الباحث المشارك في الدراسة لوني شيا في جامعة نورث وسترن لوكالة فرانس برس.
يتم إدخال الجهاز الحيوي القابل للتحلل بقطر حوالي 5 مليمترات إما عبر دهون البطن أو تحت الجلد مباشرة، فالمادة المسامية لهذا النسيج -والمستعملة على نطاق واسع في الأجهزة الطبية المختلفة- معبأة مع جزيء يسمى CCL22 والقادر على دفع الخلايا المناعية أن تتراكم حوله وتحط عليه.
هذه الخلايا المناعية تجذب الـCTC التي تجول في الجسم بأعداد صغيرة جدًا، ثم تحصرها في مسامها الاسفنجية الصغيرة. كجزء من التجربة، زرعوا في الفئران المصابة بسرطان الثدي جسيمين في كل فأر، وبعد أسبوعين فقط كانت الأجسام قد جمعت CTC كافية لاجراء الفحوصات وتحصيل النتائج.
لم يتمكّن الجهاز فقط من حصر الخلايا السرطانية المتجولة -والذي من شأنه أن يسمح للأطباء عند استخراج الجهاز مع الخلايا داخله باجراء فحوصات أكثر دقة-، بل عندما قورنت أعداد الخلايا السرطانية المتجوّلة عند الفئران بدون الجهاز المزروع، وجدوا أن الجهاز قد قلّل عدد هذه الخلايا التي هاجرت إلى عضو ثانوي في الجسم بعيدًا عن موقع الورم.
وقال شيا لقناة ديسكفري: “دمج النظامين معًا سيُمكّننا من تشخيص السرطان المنقول مبكرًا. وأضاف: “الفائدة الأولى هي الكشف -اصطياد الورم الخبيث قبل أن ينتشر في الجسم. ومع ذلك، فإمكانيات الجهاز العلاجية يُحتمل أن تتجاوز زمن العلاج التقليدي”.
اكتشف الفريق أيضًا طريقة كشف الخلايا السرطانية في الجهاز أثناء وجوده في الجسم باستخدام ماسحات ضوئية يُرمز لها بـOCT اختصارًا لـ optical coherence tomography. وصرّحت كلير ويلسون وهي صحفية من New Scientist: “هذه التقنية القادرة على اختراق الأنسجة الحية بمليميترات قليلة؛ تتضمن قياس طريق تبعثر الضوء عند اصطدامه بجزيئات كبيرة وهياكل داخل الخلايا”. وقالت أيضًا: “يمكن كشف خلايا السرطان لأنها الأكثر كثافة داخليًا. شركات كثيرة تعمل على تطوير أجهزة من شأنها أن تسمح أن يتم هذا المسح الضوئي عن طريق الهاتف الذكي”.
كونه المسبب لـ90% من وفيات السرطان لدى البشر حول العالم؛ فإن السرطان المنقول* يُعتبر مشكلة كبيرة لدى الأشخاص الذين يعانون أساسًا من السرطان. إذا استطاع الباحثون جعل الجهاز يعمل على البشر، فلن يكون الأمر كافيًا لإخراج كل الـCTC من الجسم، لكنه قد يعطي إنذارًا للأطباء باحتمالية وجود السرطان في مرحلة مبكّرة لبدء استعمال العلاج الكيماوي قبل تكوّن سرطان جديد.
التحدي الأكبر في التجهيز لدخول الجسم البشري هو كيفية جعل مسح الـOCT يخترق الجلد البشري الذي يُعتبر أسمك من جلد الفئران، بحسب ما صرح بعض العلماء.
*السرطان المنقول هو سرطان تسببت به خلايا CTC، فيحدث أن يُصاب شخص بسرطان الرئة وفي مرحلة متأخرة من المرض تنجرف خلايا سرطانية من الرئة إلى الكبد أو الثدي أو الأمعاء الخ.