لأول مرة، حقق فيزيائيون حالة جديدة من المادة «الضوء السائل» عند درجة حرارة الغرفة، مما يتيح الوصول لهذه الصورة الغريبة من المادة أكثر مما مضى.
هذه الحالة للمادة تمتلك خاصيتين، وهي الموائع الفائقة ذات درجة احتكاك ولزوجة تقدّر صفرًا، وأيضاً خاصية (تكاثف بوز-أينشتاين -Bose-Einstein condensate) المُلقبة أحيانًا حالة المادة الخامسة – والتي تسمح للضوء أن يطفو حول الأجسام المحيطة.
يتخذ الضوء العادي سلوكًا موجيًا وفي بعض الأحيان جسيمات ينتقل في خط مستقيم، ولذلك تستحيل رؤيته بالعين المجردة حول الزوايا والاجسام، ولكن تحت ظروف خاصة يعمل الضوء عمل السوائل، ويطفو حول الأجسام الساقط عليها.
يثير تكاثف بوز وأينشتاين – Bose-Einstein condensat اهتمام الفيزيائيين نظرًا لتحول القواعد العامة من الفيزياء الكلاسيكية إلى الكمية في هذه الحالة، فتتخذ المادة خواص تشبه الموجات أكثر.
والتي تتشكل عند درجة حرارة قريبة من الصفر المطلق متواجدًا لمدة أجزاء من الثانية فقط .
ولكن في هذه الدراسة سجل الباحثون ( تكاثف بوز-أينشتاين) عند درجة حرارة الغرفة مستخدمين لذلك Frankenstein mash-up لمزج الضوء والمادة.
وتحدث دانيل سانفيتو – Daniele Sanvitto قائد فريق الباحثين من معهد CNR NANOTEC المتخصص في تكنولوجيا النانو في إيطاليا عن أهمية هذه الدراسة: «استثنائية الملاحظات في دراستنا، برهنتُنا إمكانية الحصول على ميوعة فائقة -Superfluidity عند درجة حرارة الغرفة مستخدمين جسيمات مادية-ضوئية تسمّى بولاريتونات – Polaritons تحت ظروف ملائمة.»
تطلّبت صناعة البولاريتونات بعض الأدوات الدقيقة جدًا وتقنيات الهندسة النانونية.
قام العلماء بزرع طبقة سماكتها 130 نانومتر من الجزيئات العضوية بين مرآتين فائقتي الانعكاس، تحت نبض أشعة ليزر بمقدار 35 فيمتو ثانية.
«وبهذه الطريقة، يمكننا الجمع بين خواص الفوتونات – مثل التكتل الفعال للضوء والسرعة الفائقة – مع تفاعلات قوية نتيجة لتواجد الإلكترونات داخل الجزيئات». ذاك ما قاله ستيفان كينا-كوهين Stéphane Kéna-Cohen من مدينة مونتريال -كندا، أحد أعضاء الباحثين في تلك الدراسة.
وقد أظهر ذلك المائع الفائق – Superfluid بعض الخصائص الغريبة والمثيرة للاهتمام.
فعندما تتدفق السوائل في الظروف الاعتيادية، تخلق موجات ودوامات، ولكن ليس هذا هو الحال بالنسبة للمائع الفائق، فتظهر الصورة أدناه أن البولاريتونات تتعرض لحالة من التشتت والتموج عند التدفق في ظروف طبيعية، ولكن ليس في حالة المائع الفائق:
ويستطرد (كينا كوهين): «في حالة الموائع الفائقة، يتم قمع أي اضطراب موجي قد يحدث نتيجة وجود عقبات في مسار السائل، مما يتيح التدفق السلس للسائل دون أي تأثير.»
يقول الباحثون أن النتائج قد مهدت الطريق ليس فقط لدراسة (علم قوة الموائع الكميّ – Quantum Hydrodynamics)، بل إلى إمكانية التعمق في دراسة الأجهزة التي تستخدم البولاريتونات عند درجة حرارة الغرفة من أجل تكنولوجيا متقدمة، مثل المواد فائقة التوصيل والتي قد تستخدم في صناعة أجهزة كمصابيح (LED)، الألواح الشمسية، وأشعة الليزر.
وأخيرًا، كانت كلمة الفريق البحثيّ ككل: «إمكانية دراسة مثل هذه التأثيرات تحت ظروف ملائمة يضيء شعلة المستقبل أمام أعمال مهولة في المستقبل، ليس فقط عن طريق دراسة الظواهر حول تكاثف بوز وأينشتاين – Bose-Einstein condensat بل أيضًا من خلال تصميم أجهزة ضوئية تعتمد على الموائع الفائقة، حيث تكون الخسائر معدومة تمامًا، و قد تكتشف ظواهر أخرى مستقبلًا!».
- ترجمة: علي كريمة
- تدقيق: قصي السمان
- تحرير: أحمد عزب
- المصدر