تمتلئ الأخبار الطبية بقصص حول علاجات جديدة واعدة للحالات الصعبة، أو الحصول على فوائد صحية إضافية من السلوكيات والعادات الروتينية. من منا لا يريد أن يشعر بالرضا عن شرب القهوة أو تناول الشوكولاتة؟ وفي هذا السياق الغني، تشير دراسة -نُشرت في عام 2021- إلى أن النشوة الجنسية قد تزيل احتقان الأنف ، مثل مزيل الاحتقان. أجرى الدراسة باحثون ألمان وبريطانيون، وفازت مؤخرًا بجائزة إيغ نوبل للطب.
تُمنح جائزة إيغ نوبل لتكريم الإنجازات التي تُضحك الناس في البداية، ثم تحثهم على التفكير، أقيم الحفل في جامعة هارفارد، وشارك بتوزيع الجوائز حاصلون على جائزة نوبل.
يستحق فائز هذا العام تقييمًا نقديًا، قبل اتخاذ قرار: هل ستوصف النشوة الجنسية لمن يعانون من احتقان الأنف ؟
دراسة صغيرة، لكن جيدة التشكيل
عندما نقيّم الأبحاث نقديًا، من المهم النظر إلى الصلاحية الداخلية أولًا؛ هل النتائج ناجمة عن عوامل أخرى، مثل التحيز، بسبب عيوب في تصميم البحث أو كيفية إجرائه؟ والخطوة التالية، هل النتائج لها صلاحية خارجية؟ أي، هل يمكن تعميمها على السكان على نطاق أوسع؟
نحتاج أيضًا إلى مراعاة العوامل الأخرى لتحديد السبب والنتيجة، وذلك في معظم الدراسات التي لا تستخدم تصميم الدراسة «المعياري الذهبي» للتجارب العشوائية «مزدوجة التعمية ذات الشواهد»، ويشمل هذا التوافق مع الأدلة الأخرى والمعقولية البيولوجية، أو هل النتائج تتوافق مع الفهم الراسخ لأجسامنا؟
من الواضح أن الدراسة الألمانية البريطانية لم تكن دراسة مزدوجة التعمية، إذ عرف الزوجان أنهما يمارسان الجنس، وكانت دراسة صغيرة الحجم، تقتصر على 18 زوجًا من جنسين مختلفين، لكن كل موضوع كان موضوع تحكمه الخاص، وهذا يعني المقارنة -لدى كل شخص- بين النشوة الجنسية ورذاذ الأنف المزيل للاحتقان المطبق في اليوم التالي.
تم قياس تدفق الأنف في خمس نقاط زمنية، قبل الجماع وبعد النشوة وحتى ثلاث ساعات بعد ذلك. اختُبرت الموضوعات باستخدام استبيان لتحديد الأشخاص الذين لديهم انسداد في الأنف سابقًا في الشهر الماضي. قُيمت وظيفة الأنف ذاتيًا من قبل المشارك، وموضوعيًا باستخدام جهاز محمول يقيس تدفق الهواء.
وعلى هذا النحو، فقد صُممت هذه الدراسة وأجريت بصورة جيدة، بصرف النظر عن عيب واحد طفيف، هو أن بعض المشاركين لم يتمكنوا من التركيز على الجهاز قبل وبعد الجماع مباشرةً، ما أدى إلى فقدان بعض البيانات.
السير مع التيار
وجدت الدراسة تحسنًا كبيًرا في تدفق الأنف مباشرة بعد النشوة الجنسية، وكان حجمه مماثلًا للاستفادة من استخدام رذاذ الاحتقان في اليوم التالي. ومع ذلك، كانت الفائدة من النشاط الجنسي قصيرة الأجل وعاد تدفق الأنف إلى خط الأساس في غضون ساعات. من الطبيعي، أن تدفق الأنف المحسن لم يُشاهَد إلا لدى الاشخاص الذين يعانون من احتقان الأنف مسبقًا.
انتظر، هل هناك علاقة بين النشوة الجنسية والأنف؟
تشير ورقة البحث إلى نظرية «العُصاب الأنفي الانعكاسي» التي طرحها عالم الأنف والأذن والحنجرة الألماني فيلهلم فليس، وهو صديق مقرب لسيغموند فرويد، في عام 1897، ويعتقد كلاهما أن سبب العصاب غالبًا هو المشكلات الجنسية.
افترض فيلهلم فليس أن هنالك بقعًا تناسلية محددة في الأنف تؤثر في وظيفة الأعضاء التناسلية، لكن، فشلت نظريته أمام التدقيق العلمي وتلاشت في الغموض.
ومع ذلك، من المعروف أن التمارين الرياضية تسبب تحسنًا في تدفق الأنف، وتستمر هذه الفائدة مدة تصل إلى 30 دقيقة بعد النشاط البدني.
النتائج المستخلصة
هنالك بعض القيود على البحث، مثل صغر حجم العينة من الأزواج المتطوعين، وتوقيت قياسات تدفق الهواء الأنفي.
ولكن عمومًا، تقدم الدراسة بعض الأدلة المقنعة على أن النشوة الجنسية تحسن انسداد الأنف، على الأقل مدة ساعة أو نحو ذلك. وكما لاحظ الباحثون: «لا أعتقد أن الطرق الأخرى لتخفيف الاحتقان، ممتعة مثل النشاط الجنسي».
يقترح الفائزون بجائزة إيغ نوبل إجراء المزيد من الأبحاث حول ما إذا كان الاستمناء له فوائد مماثلة، أو ما إذا كانت هزات الجماع المتعددة قد توفر تخفيفًا أطول لاحتقان الأنف.
لا يجب على الأشخاص الذين يعانون من احتقان الأنف التخلص من بخاخات الاحتقان حتى هذه اللحظة. مع ذلك، يمكننا جميعًا أن نستمتع بالدفء لمعرفة أننا قد نضيف فائدة صحية أخرى إلى الجماع والنشوة الجنسية.
اقرأ أيضًا:
ما أسباب احتقان الأنف؟ وما علاجه؟
احتقان الجيوب الأنفيّة والعلاجات المنزلية
ترجمة: عصام حصري
تدقيق: حسين جرود