انتشر في الآونة الأخيرة نبأ تعرض امرأة مصرية حامل لحالة طبية نادرة، إذ اختفى جنينها من رحمها دون سبب واضح، في قصة مرضية تشوبها الكثير من التساؤلات، وشخصت الحالة على أنها متلازمة التوأم المتلاشي.
فما تلك المتلازمة؟ وكيف تحدث؟ وهل تمكن الوقاية منها؟
سنناقش فيما يلي الأعراض والأسباب وجميع التساؤلات عن متلازمة التوأم المتلاشي.
ما هي متلازمة التوأم المتلاشي؟
تحدث هذه المتلازمة خلال مرحلة الحمل المبكرة أو المتأخرة، وتعد نوعًا من الإجهاض، إذ عندما يظهر أكثر من جنين متطور في الرحم فإننا أمام حالة حمل بتوأم ثنائي أو ثلاثي أو أكثر أحيانًا، ويسمى فيها الجنين غير المتطور الذي يفقد في مرحلة لاحقة من الحمل ولا يمكن إيجاده «التوأم المتلاشي».
لم يتمكن الأطباء من معرفة الكثير حول هذه المتلازمة قبل تطور تقنيات الفحص بالأمواج فوق الصوتية، إذ يمكن للأمهات اليوم رؤية أطفالهم منذ مراحل الحمل الأولى، ما ساعد في تشخيص المزيد من حالات التوائم المتلاشية التي تمتص فيها الأم وجنينها الحي أنسجة الجنين المتلاشي.
المقارنة مع التوأم الطفيلي:
ترتبط متلازمة التوأم المتلاشي بالجنين الطفيلي لكنها تختلف عنه، إذ في كلتا الحالتين يبدأ الجنينان في التطور سويًا، لكنهما لا ينفصلان كاملًا في مرحلة الحمل الأولى، ثم يتوقف أحدهما عن النمو.
تتميز هاتان المتلازمتان باحتمالية بقاء أنسجة التوأم غير المتطور أو المتلاشي متصلةً مع توأمه المولود.
ماذا يقول البحث؟
تعد الإحصاءات المعقدة حول التوائم المتلاشية محدودة النطاق، وقد يعود ذلك إلى حداثة عهدنا بتقنية الأمواج فوق الصوتية التي مكنتنا من إدراك آلية تلاشي التوائم.
يمكن أن يحدث تلاشي التوائم قبل زيارة الفحص الأولى بالأمواج فوق الصوتية التي تُجرى عادةً في الأسبوع الثاني عشر، إن لم يكن الحمل عالي الخطورة، وعلى هذا قد تنتهي هذه المتلازمة دون أن يدرك الطبيب أو الأهل حدوثها.
تقترح دراسة واحدة على الأقل حدوث هذه المتلازمة في حالات الحمل الطبيعي بتوائم أكثر من حالات طفل الأنبوب، وقدرت نفس الدراسة مقدار تلاشي الأجنة في الحمل المتعدد دون علاج إخصابي بنسبة 18.2%، أو أكثر وفقًا لآخرين.
تتلاشى التوائم في الحمل المتعدد بنسبة 30% مع الوقت، وفقًا لإحصاءات سياتل للأطفال.
لا يعد فقدان تطور الجنين في مرحلة الحمل الأخيرة تلاشيًا بل يعد إجهاضًا، إذ تتعدد أسباب وتعدادات الإجهاض في مراحل الحمل النهائية بشكل كبير.
ما أعراض تلاشي التوائم؟
تشير بعض أعراض الحمل إلى حدوث هذه المتلازمة، ولكنها لا تؤكد حتميتها، وتختلف هذه الأعراض من امرأة لأخرى، إجمالًا لا يعد تقلب هذه الأعراض أو اختفاؤها مدعاةً للقلق.
● التشنج والنزيف:
يُحدث نزيف خفيف في الكثير من حالات الحمل الطبيعي، أما في حال تأكيد الطبيب وجود حمل متعدد فإن الإصابة بالتشنج وبعض النزيف قد تشير إلى توقف نمو أحد الأجنة.
● مستويات هرمون الحمل hCG غير الطبيعية:
يستخدم هرمون موجهة الغدد التناسلية المشيمية البشرية hCG للتحقق من الحمل، وقد يرغب الطبيب في مراقبة مستويات هذا الهرمون خصوصًا في حالات الحمل المتعدد للتحقق من أن الزيادة طبيعية، قد يشير ارتفاع مستويات هذا الهرمون في بداية الحمل ثم استقرارها إلى توقف نمو أحد الأجنة.
أسباب متلازمة التوأم المتلاشي:
لا يوجد رابط بين نمط حياة الحامل وحصول متلازمة التوأم المتلاشي، إذ تحدث هذه المتلازمة حسب علمنا نتيجة لنفس العوامل المرتبطة بالإجهاض المبكر التي تكون غالبًا اضطرابًا وراثيًا.
تصنع خلايا الجنين عند انغراسها في الرحم وبداية نموها عددًا غير منته من نسخ الحمض النووي كل ثانية، قد تسبب هذه العملية جنينًا ناميًا متضمنًا حمضًا نوويًا غير قابل للتطور كما ينبغي، ناتجًا عن كروموسات متغيرة أو متروكة خارج الخلية بالكامل، منتهيًا بالإجهاض.
يستمر أحد الأجنة في النمو في حال موت توأمه في حالات الحمل الثنائي أو المتعدد، وهذا نتيجة لتطور مجموعات الحمض النووي مستقلة عن بعضها.
تشخيص متلازمة التوأم المتلاشي:
تلاحَظ هذه المتلازمة عادةً في زيارة الفحص بالأمواج فوق الصوتية التي تُجرى عادةً بين الأسبوع الثامن والثاني عشر من الحمل، إذ تُظهر الأمواج فوق الصوتية عندها دقات قلبين أو أكثر، ونلاحظ نقص عدد الأجنة أو الأكياس الحملية في الزيارة التالية في حال تلاشي أحد التوائم، إذ يمكن أن يشخص الطبيب الحالة بتلاشي التوائم في حال عدم القدرة على إيجاد دقات قلب إضافية.
أحيانًا لا تُكتشف متلازمة التوأم المتلاشي حتى الولادة، وقد تُلاحظ بعض أنسجة الجنين المتلاشي ضمن المشيمة بعد الولادة.
العلاج:
لا توجد الكثير من الطرق العلاجية المتاحة في حال فقدان توأم في الثلث الأول من الحمل، إذ يُمتص التوأم المتلاشي ضمن أنسجة المشيمة والجنين الحي.
تظهر بعض بقايا الجنين المتلاشي على المشيمة بعد الولادة، ويستمر الحمل في معظم الحالات كما لو أنه بدأ بجنين واحد فقط، وقد يزداد خطر الولادة المبكرة أو نقص وزن الجنين الحي المتبقي، لكن البيانات ما زالت غير واضحة.
يعد الحمل عالي الخطورة في حال فقدان توأم بعد الثلث الأول، ويتطلب المزيد من المراقبة والاختبارات، وتقترح بعض الدراسات زيادة خطر إصابة الجنين المتبقي بشلل دماغي في حال الفقدان المتأخر لتوأمه.
التعامل مع متلازمة التوأم المتلاشي:
قد تكون هذه التجربة مهيجةً بغض النظر عن زمن حدوثها، وقد تترافق مع الهيجان والقلق، إضافةً إلى الارتباك الحاصل بسبب الجهل المرافق لمراحل الحمل الأولى، إذ قد يخيفكِ اكتشاف حملكِ بأكثر من طفل أو يثير حماستك، وقد يصيبكِ توقف أحد أطفالكِ عن النمو بالأسى.
مشاعركِ مشروعة بالتأكيد، لكن طريقة التعامل مع الإجهاض قد تتباين من امرأة لأخرى، لذا تذكري رغم إحساسك بالارتباك لفقدان طفل بسبب متلازمة تلاشي التوائم، فأنتِ ما زلت حاملًا.
من الضروري المرور بتجربة الحمل برفقة شريك أو شخص تثقين بصدق مشاعره، ويمكنك اتباع الأفكار التالية لمواجهة هذه المتلازمة:
- الانضمام إلى مجموعات الدعم عبر الإنترنت للتحدث عن الأسى الذي تشعرين به، ويُمكن إيجاد هذه المجموعات عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
- تحدثي عن معاناتك مع امرأة مرت بنفس التجربة، إذ أن الإجهاض أكثر شيوعًا مما يُعترف به، وتزداد فرصتك في إيجاد من تعرض لنفس خسارتك انطلاقًا من صراحتك بشأن تجربتك.
- أعط نفسكِ المزيد من الاهتمام، إذ لست تهتمين بنفسك فقط بل بطفلك الحي في أحشائك، ويجب أن تكوني ألطف جسديًا وعاطفيًا مع نفسك في الأيام التالية لفقدانك التوأم إذا أمكن.
- أكتبي قائمةً بالأشياء التي تشعرك بالأمان والراحة والسلام واشغلي وقتك لأسبوع أو أسبوعين.
النأي بالنفس:
تعد متلازمة تلاشي التوائم أكثر شيوعًا مما ندرك، إذ رغم كونها مؤلمة عاطفيًا، إلا أن أعراضها الجسدية ليست مهددةً لاستمرار الحمل، لذا أعط نفسك بعض الوقت والمساحة، واحصلي على مكان آمن للشفاء والحزن على خسارتك.
يجب عليك التواصل مع مقدم العناية بالحمل في حال عانيت من تشنج أو ألم في الحوض، ويمكن أن يشخص خبير طبي أعراضك ويؤكد مخاوفك أو ينفيها.
اقرأ أيضًا:
عجبًا، كيف انتهى الحال بتوأم الطفل داخل بطنه؟
حالة طبية نادرة: ولادة طفلة حامل بتوأمها
امرأة تستقصي علامات خلقية غير اعتيادية في جسمها وتكتشف بأنها هي ذاتها أختها التوأم في جسد واحد
ترجمة: علي ياسر جوهرة
تدقيق: سمية بن لكحل