الاستماع إلى الموسيقا قد يكون ممتعًا، لكن هل هو جيد لقلبك؟ إن المرضى الذين عانوا نوبات من الآلام في الصدر بعد تعرضهم لنوبة قلبية بفترة وجيزة، والمعروفة باسم الذبحة الصدرية المبكرة بعد الاحتشاء، كانت لديهم مستويات أقل بكثير من القلق والألم إذا استمعوا إلى الموسيقا مدة 30 دقيقة يوميًّا، وذلك وفقًا لدراسة قُدمت في الجلسة العلمية السنوية للجامعة الأمريكية لأمراض القلب، بالمشاركة مع المؤتمر العالمي لأمراض القلب ACC.20/WCC.
ينجو تقريبًا 700 ألف شخص من النوبة القلبية سنويًّا في الولايات المتحدة الأمريكية، ويقدر أن 1 من أصل 9 ناجين من النوبات القلبية تقريبًا يعانون نوبات لاحقة من ألم في الصدر وقلق في غضون 48 ساعة الأولى، يقترح البحث الجديد أن الموسيقا، بالترافق مع العلاجات القياسية مثل الأدوية، تمثل إجراءً بسيطًا يستطيع المريض اتخاذه في المنزل للتقليل من هذه الأعراض، والمساعدة على منع حدوث عوارض قلبية لاحقة.
وقال بريدراغ ميتروفيتش، بروفيسور أمراض القلب في كلية الطب بجامعة بيلغراد، الباحث الرئيس في الدراسة: «حلل عدد قليل جدًّا من الدراسات تأثير الموسيقا في أمراض القلب. اعتمادًا على ما توصلنا إليه، نعتقد أن العلاج بالموسيقا قد يساعد جميع المرضى بعد التعرض لنوبات القلبية، وليس فقط المرضى الذين يعانون الذبحة الصدرية المبكرة بعد الاحتشاء، وهو سهل التنفيذ للغاية وغير مكلف».
شارك في الدراسة 350 مريضًا أُصيبوا بنوبة قلبية وذبحة صدرية مبكرة بعد الاحتشاء في مركز طبي في صربيا، تلقى نصفهم -عشوائيًّا- العلاج القياسي فقط، فقي حين تلقى النصف الآخر جلسات موسيقا منتظمة إضافةً إلى العلاج المعتاد.
تضمن العلاج المعتاد لمعظم المرضى مجموعة متنوعة من الأدوية مثل النترات، والأسبرين، ومانعات التجلط، وحاصرات بيتا، والستاتينات، وحاصرات قنوات الكالسيوم، والأدوية الخافضة لضغط الدم والرانولازين المُخفِّف للذبحة الصدرية.
خضع المرضى المتلقون للعلاج الموسيقي أولًا لاختبار تحديد نمط الموسيقا الذي من المرجح أن تستجيب له أجسامهم إيجابيًّا. استمع المشاركون إلى 9 نماذج مدة كل منها 30 ثانية لموسيقا وجدوها مهدئة، وقيَّم الباحثون استجابة كل مشارك من طريق ملاحظة توسع بؤبؤ العين أو تضيقه، ثم عملوا على المزيد من الدقة في الاختيار من طريق مشاركة المرضى في تحديد الإيقاع الموسيقي و اللحن المثاليين.
طُلب من المشاركين الاستماع إلى الموسيقا المُخصصة لهم مدة 30 دقيقة يوميًّا كلما أتيح لهم الجلوس، وإغلاق أعينهم في أثناء الراحة، تابع المرضى يوميًّا جلسات الاستماع مدة 7 سنوات، ووثقوا جلساتهم في سجلات، وزاروا المركز الطبي لتقييم المتابعة كل 3 أشهر في السنة الأولى، وبعد ذلك سنويًّا.
بعد 7 سنوات، وُجد أن العلاج الموسيقي إلى جانب العلاج التقليدي يحقق نتائج أفضل من العلاج التقليدي وحده، من ناحية تقليل القلق، والإحساس بالألم والضيق المترتب عليه.
قلت نسبة القلق لدى المرضى المعالجين بالموسيقا بمقدار الثلث مقارنةً بمتلقي العلاج القياسي، وانخفضت أعراض الذبحة الصدرية بمقدار الربع، إضافةً إلى انخفاض معدلات أمراض القلب، متضمنًا انخفاض معدلات قصور القلب بنسبة 18%، وانخفاض معدل النوبات القلبية بنسبة 23%، وانخفاض الحاجة إلى طعم مجازة الشريان التاجي الجراحية بنسبة 20%، وانخفاض معدل وفيات القلب بنسبة 16%.
وقال ميتروفيتش إن الموسيقا تساعد على عكس نشاط الجهاز العصبي الودي، وهو جزء من الجهاز العصبي يحفز استجابة الكر أو الفر fight or flight عندما يواجه الشخص موقفًا مُجهِدًا، وهي استجابة تزيد معدل ضربات القلب وضغط الدم، لذلك تضيف جهدًا إضافيًّا إلى الجهاز القلبي الوعائي.
وأضاف ميتروفيتش: «يزيد القلق غير المريح فعالية الجهاز العصبي الودي، ما يؤدي إلى زيادة العبء على القلب»، مقترحًا جلسات منتظمة من الاستماع إلى الموسيقا التي تحد من هذه الأضرار، من طريق تخفيض القلق المرتبط بالذبحة الصدرية بعد النوبة القلبية.
يخطط الباحثون لإجراء المزيد من التحليل للمعلومات التي لديهم لتحديد كون العلاج بالموسيقا قد يظهر فوائد لمجموعات معينة من المرضى، مثل فئات عمرية معينة أو الذين يعانون حالات صحية أخرى كمرض السكري.
اقرأ أيضًا:
تساعد الموسيقى في تطور أدمغة الأطفال حديثي الولادة
كيف تغير الموسيقى من إدراكنا الحسي؟
ترجمة: آية وقاف
تدقيق: عون حداد
مراجعة: أكرم محيي الدين