تُعرف الطاقة بأنها القابلية على القيام بفعل معين، وهي تأتي بأشكال مختلفة، ويمكنها التحول من شكل الى آخر. تُعد البطاريات، والماء خلف السد، أمثلةً على الطاقة الكامنة (المخزونة)، بينما تُعد الأجسام المتحركة مثالًا على الطاقة الحركية. تُنتِج الجسيمات المشحونة، مثل البروتون والإلكترون، مجالات مغناطيسيةً عندما تتحرك، وتنقل هذه المجالات شكلًا من أشكال الطاقة، نطلق عليه الإشعاع الكهرومغناطيسي(الموجات الكهرومغناطيسية)، أو الضوء.
ما هي الموجات الكهرومغناطيسية والميكانيكية؟
تُعد الموجات الكهرومغناطيسية والميكانيكية طريقتين مهمتين لنقل الطاقة في العالم حولنا. تُعتبَر كل من التموجات في الماء، والموجات الصوتية في الهواء، أمثلةً حول الموجات الميكانيكية، والناتجة عن حدوث اضطراب، أو اهتزاز في المادة، سواء كانت صلبةً، أو سائلةً، أو غازيةً، أو بلازما.
تسمى المادة التي تنتقل الموجات خلالها بالوسط، وتتشكل الموجات المائية نتيجة حدوث اهتزاز في جزيئات الماء، وتتشكل الموجات الصوتية نتيجة الاهتزاز الحاصل في الغاز (الهواء).
تنتقل الموجات الميكانيكية في الوسط عن طريق تصادم جزيئات المادة مع بعضها، ونقل الطاقة من جزيئة إلى أخرى، وكأنها أحجار دومينو متساقطة. لا تستطيع الموجات الصوتية الانتقال عبر الفراغ، لعدم وجود وسط لنقل هذه الموجات الميكانيكية.
تنقل الموجات الكلاسيكية (العادية) الطاقة بدون نقل المادة خلال الوسط، فالموجات المائية لا تنقل جزيئات الماء من مكان إلى آخر بل تنتقل طاقة الموجة عبر الماء، تاركةً جزيئات الماء في مكانها. كما هو الحال في حشرة تتمايل فوق تموجات المياه
الموجات الكهرومغناطيسية
يمكن للكهرباء أن تكون ساكنةً، كما في الطاقة التي تجعل شعرك يقف، ويمكن للمغناطيسية كذلك أن تكون ساكنةً، كما لو أنها في مغناطيس مبرد. يُولِد التغير في المجال المغناطيسي مجالًا كهربائيًا، والعكس صحيح، فهما مرتبطان.
تشكل هذه المجالات المتغيرة ما يُعرَف بالموجات الكهرومغناطيسية، تختلف هذه الموجات عن الموجات الميكانيكية بكونها لا تحتاج وسطًا ناقلًا، أي أنها ليست قادرةً على الانتقال في الهواء أو في المواد الصلبة فحسب، بل أنها تستطيع الانتقال خلال الفراغ.
طور العالم الاسكتلندي (جيمس كلارك ماكسويل – Maxwell James Clerk) في ستينيات وسبعينيات القرن التاسع عشر نظريةً علميةً لتفسير الموجات الكهرومغناطيسية، فقد لاحظ بأن المجالات الكهربائية والمغناطيسية يمكن أن تتحد مع بعضها، لتشكل الموجات الكهرومغناطيسية، ثم لخص هذه العلاقة بين الكهربائية والمغناطيسية إلى ما يُعرَف الآن بـِ (معادلات ماكسويل – Maxwell’s Equations).
طبق الفيزيائي الألماني (هنريك هرتز – Heinrich Hertz) معادلات ماكسويل لإنتاج واستقبال الموجات الراديوية، وأصبحت وحدة قياس تردد الموجات الراديوية (دورة واحدة في الثانية) تُعرَف باسم هرتز، تيمنًا باسم هنريك هرتز.
حلت تجاربه مع الموجات الراديوية مشكلتين؛ الأولى: أثبت بما لا يقبل الشك ما طرحه ماكسويل نظريًا فقط، بكون سرعة الموجات الراديوية تساوي سرعة الضوء، وأثبت هذا تشكل الموجات الراديوية من الضوء.
والثانية: اكتشف طريقة تحرر المجالين الكهربائي والمغناطيسي، والتخلي عن الأسلاك، كما هو الحال في موجات ماكسويل (الموجات الكهرومغناطيسية).
هل الضوء موجات كهرومغناطيسية أم جزيئات؟
يتكون الضوء من حزم منفردة من الطاقة تدعى الفوتونات، والتي تحمل زخمًا (عزمًا)، ولا تمتلك كتلةً، وتسير بسرعة الضوء، ويمتلك الضوء خصائص الموجات والجزيئات معًا.
إذًا، كيف يمكن تصميم آلة تستشعر تأثير الضوء على كل من هذه الخصائص؟ تُعد الآلة التي تقوم بتحييد الضوء وتحليله لتكوين الأطياف مثالًا عن ملاحظة الخصائص الموجية للضوء.
أما الخصائص الجزيئية فتلاحَظ عبر (المكشاف – Detector) المستعمل في الكاميرا الرقمية، فيحرر الفوتون المفرد الإلكترونات المستعملة لكشف وتخزين بيانات الصورة.
استقطاب الموجات الكهرومغناطيسية
إحدى خصائص الضوء الفيزيائية، هي إمكانية استقطابه، والاستقطاب هو مقياس لانتظام المجال الكهرومغناطيسي. يوضح الشكل أعلاه أن اللون الأحمر الذي يمثل المجال الكهربائي مُستَقطب عموديًا، فعلى سبيل المثال، إذا قمت برمي لعبة الطبق الطائر باتجاه سياج خشبي لأحد المنازل، سيمر الطبق باتجاه معين، وسيفشل في المرور إذا رُمي باتجاه آخر، وهذا مشابه أيضًا لقدرة النظارات الشمسية على مواجهة السطوع، أو توهج ضوء الشمس عبر امتصاص جزء الضوء المستقطب.
وصف الطاقة الكهرومغناطيسية
تشير مصطلحات الضوء، والموجات الكهرومغناطيسية، والإشعاع جميعها إلى الظاهرة الفيزيائية نفسها؛ الطاقة الكهرومغناطيسية. يمكن وصف هذه الطاقة عبر معرفة التردد، أو الطول الموجي، أو الطاقة، فجميع هذه العناصر الثلاث مرتبطة رياضيًا، أي لو استطعت معرفة أحدها، يمكنك معرفة البقية.
توصف الموجات الراديوية والميكروية عادةً بصيغة راديوية، وتُقاس بالـ(هرتز)، ويوصف الضوء المرئي والأشعة تحت الحمراء بصيغة الطول الموجي، ويُقاس بالـ(متر)، أما (الأشعة السينية – x-ray) وأشعة (غاما – Gamma) فيُشار إليها بصيغة وحدات الطاقة، وتُقاس بالـ(إلكترون فولت). يُعد هذا تقليدًا علميًا متعارفًا عليه، يسمح بالاستخدام المناسب للوحدات التي تمتلك أرقامًا ليست كبيرةً جدًا أو صغيرةً جدًا.
التردد في الموجات الكهرومغناطيسية
يوصَف تردد الموجة بأنه عدد القمم التي تتجاوز نقطةً محددةً خلال الثانية الواحدة، فتسمى الموجة الواحدة أو الدورة الواحدة في الثانية بِـ (هرتز – Hz) تيمنًا باسم هنريك هرتز الذي أسس وجود الموجات الراديوية، إذ تمتلك الموجة التي تمر عبر نقطة معينة مرتين في الثانية الواحدة ترددًا مقداره 2 Hz.
الطول الموجي
تحتوي الموجة الكهرومغناطيسية على قمة، ومنخفض (قعر أو قاع)، مشابهة لموجات المحيطات، وتتمثل المسافة بين القمم بالطول الموجي.
تعادل أقصر الأطوال الموجية أجزاءً من حجم الذرة فقط، بينما يدرس العلماء حاليًا أطول الأطوال الموجية، والتي قد تكون أكبر من قطر الأرض.
الطاقة في الموجات الكهرومغناطيسية
يمكن وصف الموجات الكهرومغناطيسية بصيغة طاقتها، بوحدة قياس تدعى (إلكترون فولت)، وهي كمية الطاقة الحركية اللازمة لتحريك إلكترون بجهد كهربائي مقداره واحد فولت.
تزداد الطاقة كلما قصر الطول الموجي إذا ما تحركنا في المجال الطيفي من الأطوال الموجية الطويلة إلى القصيرة. «تصور حبل قفز يُسحب نحو الأعلى والأسفل، فإذا أردنا زيادة عدد الموجات في الحبل، فسنحتاج لمزيد من الطاقة».
اقرأ أيضًا:
علماء الرياضيات يؤكدون إمكانية نقل البيانات عبر موجات الجاذبية
أحزمة فان آلين الإشعاعية: الحقائق والنتائج
ترجمة: رياض شهاب
تدقيق: عبد الرحمن عبد