إن الأشخاص الذين خاضوا تجربة السفر بالطائرة خلال السنوات العشر المنصرمة قد خبِروا الإجراءات الروتينية المرهقة في المطارات؛ فبعض البلدان، على سبيل المثال، لم تعد تطلب من المسافرين خلع أحذيتهم عند مرورهم من خلال نقاط تفتيش الأمن، لكن إخراج الحاسوب المحمول ما يزال مطلوبًا في أغلب المطارات.
قد يواجه بعض الأشخاص الذين لم يغادروا منزلهم مبكرًا كما ينبغي تأخيرًا عند الوصول إلى نقاط التفتيش؛ إذ سيؤدي الفحص الأمني إلى تأخير الإجراءات كافة منها تأخير وصولهم إلى بوابة الصعود إلى الطائرة، خاصة عند طلب عنصر التفتيش إخراج الحاسوب المحمول الخاص بالمسافر.
لكن ما علاقة الحاسوب المحمول بإجراءات الأمان التي يتبعونها في المطارات؟
تغير إجراءات السفر الجوي
تغيرت الإجراءات الأمنية في المطارات بصورة كبيرة بعد الهجمات الإرهابية التي حدثت في الولايات المتحدة الأمريكية في 11 سبتمبر عام 2001، فقبل هذا التاريخ المشؤوم كان بإمكان الأشخاص المرور من خلال نقاط تفتيش الأمن بحقيبة يد مليئة بكل ما قد يحتاجه المسافر لقضاء عطلته متضمنة بعض الأغراض الحادة مثل سكين بقطر 4 بوصات؛ وهي الطريقة التي أحضر بها المجرمون أسلحتهم الذين نفذوا بها اعتدائهم.
نتيجة لذلك الحدث الإرهابي تغيرت عمليات الفحص في المطارات في أنحاء العالم بين عشية وضحاها؛ إذ استُبدلت في الولايات المتحدة الأمريكية شركات الأمن الخاصة التي تتقاضى الحد الأدنى من أجورها ببرنامج اتحادي مع أفراد أمن مدربين تدريبًا فائقًا، الذين يُعنون بمصادرة أي شيء يمكن عدّه سلاحًا يهدد الأمن على متن الطائرة.
أصبح يُطلب من المسافرين في أنحاء العالم بُغتة نزع أحذيتهم وأحزمتهم وملابسهم الخارجية، إضافة إلى إخراج هواتفهم وأجهزة الحاسوب المحمولة والسوائل وأي شيء قد يُستعمل في تركيب عبوة ناسفة.
استمرت تلك الإجراءات الاحترازية لسنوات عدة، لكن بعد ذلك طُورت طرائق فحص أكثر تقدمًا لتحديد بعض التهديدات بصورة فعالة، ففي يومنا هذا لم يعد يُطلب من المسافرين في بعض البلدان خلع أحذيتهم عند مرورهم بنقاط التفتيش الأمنية.
على الرغم من تلك الإجراءات ما يزال على المسافرين إخراج حواسيبهم المحمولة.
تطور الماسحات الضوئية في المطارات
يعد الجهاز الذي تمر من خلاله أمتعة المسافرين آلة ذات أشعة سينية، فالسبب الرئيس لإخراج الحاسوب المحمول من حقيبة المسافر أن بطاريته والمكونات الأخرى فيه كثيفة جدًا؛ إذ لا يمكن للأشعة السينية اختراقها بصورة فعالة خاصة إذا كان نظام الماسحة الضوئية قديمًا.
ينطبق الأمر ذاته على أسلاك الطاقة والأجهزة الإلكترونية الأخرى بما فيها الأجهزة اللوحية والكاميرات، فبوجود مثل تلك العناصر في حقيبة المسافر لا يمكن لمسؤولي الأمن تحديد ما إذا كان هناك خطر أم لا من خلال صورة الماسح الضوئي؛ إذ سيتعين عليهم وضع علامة على الحقيبة لإجراء فحص يدوي عليها ما يؤدي إلى تأخير إجراءات التفتيش بالتالي تأخير المسافر عن وصوله إلى بوابة الطائرة، لذلك يجب إخراج الأجهزة جميعها قبل الشروع بالفحص الأمني.
يؤثر وجود الحاسوب المحمول في داخل الحقيبة في عملية المسح الضوئي ما يؤدي إلى عدم الكشف عن الأشياء الأخرى الموجودة داخل الحقيبة والتي قد تكون خطرة، لذلك فإن عملية مسح الحاسوب المحمول بصورة منفصلة عن المتعلقات الأخرى يساعد على الكشف عن مكوناته الداخلية وظهورها على شاشة الماسح الضوئي. لكن في بعض الحالات قد يُطلب من المسافر تشغيل حاسوبه المحمول لإثبات أنه جهاز حاسوب بالفعل وليس شيئًا آخر يُراد به إلحاق الأذى على متن الطائرة.
تساعد تقنية المسح الضوئي متعدد الرؤية مسؤولي الأمن على عرض الحقيبة من زوايا عدة للكشف عن الأشياء المخفية أو الأشياء المصنوعة بطريقة تبدو كأنها شيئًا آخر (كمحاولة خلط أجزاء من مسدس مع مكونات أخرى) في محاولة لاجتياز جهاز فحص الأمتعة.
طورت بعض المطارات جهاز المسح ثلاثي الأبعاد الذي من شأنه أن يسمح للمسافرين بتمرير أمتعتهم من خلال نقاط التفتيش الأمنية من دون الحاجة إلى إخراج أجهزة الحاسوب المحمولة الخاصة بهم، ففي حال لم يطلب عنصر الأمن من المسافر إخراج الحاسوب المحمول قد يرجع ذلك إلى استخدام أحد تلك الأنظمة باهظة الثمن.
على الرغم من استخدام التقنيات المتطورة في الكشف عن الأشياء الخطرة في المطارات، فإن تلك التكنولوجيا لن تُسرّع من عملية الكشف من خلال الماسح الضوئي؛ إذ يُعزى سبب تأخر المسافر عند نقطة التفتيش الأمني إلى أن هذه النقطة تُعد نقطة يزدحم عندها المسافرون ما يجعل عملية التفتيش أبطأ، فكلما زادت سرعة الحزام التي توضع عليه الأمتعة زادت سرعة عناصر الأمن في عملية التفتيش.
إذا لم يكن هناك طريقة لجعل عملية التفتيش آلية وتشغيلها من دون الحاجة لوجود عناصر أمن للإشراف عليها فإن التأخير سيكون محتمًا في أغلب الأوقات.
ماسحات الجسم الضوئية
مما لا شك فيه أن ليس الحقائب فقط التي تُفحص فحصًا ضوئيًا في المطار، بل أيضًا المسافرون يُفحصون من خلال ماسحات الجسم الضوئية؛ إذ يمر المسافرون من خلال إطار طويل يُكشف من خلاله عن المعادن، إضافة إلى الكشف عن أي أسلحة أو أي أشياء أخرى قد تكون مخبأة تحت ملابسهم.
تستخدم أجهزة الكشف عن المعادن في المطارات إشعاعات غير مؤينة؛ أي إنها لا تصدر أشعة سينية.
تعد الماسحات الضوئية الأكبر حجمًا نوعًا من الأجهزة ذات الأشعة السينية؛ إذ قد تكون تلك الأشعة نشطة أو سلبية، وقد تكون مزيجًا من الاثنين.
تكشف الماسحات الضوئية ذات الأشعة السلبية ببساطة عن الإشعاع الطبيعي المنبعث من جسم المسافر، إضافة إلى أي أشياء أخرى قد تكون مخفية، في حين تُصدر الماسحات الضوئية ذات الإشعاع النشط إشعاعًا منخفض الطاقة لمسح جسم المسافر وتحليل الصورة بعد ذلك.
يختلف نوع الآلة المستخدمة في عملية المسح من بلد إلى آخر، ففي الولايات المتحدة الأمريكية يُستخدم نوع واحد من أجهزة فحص الجسم النشطة ذات الأشعة السينية وتسمى (تقنية التشتت الخلفي)، إلا أن هذه التقنية محظورة في أستراليا والاتحاد الأوروبي؛ إذ يُستخدم فيها التكنولوجيا ذات الأشعة غير المؤينة فقط.
يوجد نوع آخر من الماسحات الضوئية تُصدر موجات مليمترية منخفضة الطاقة بدلًا عن الأشعة السينية لتصوير المسافرين؛ إذ تعد ترددات الموجات المليمترية من الإشعاعات غير المؤينة.
توظيف الذكاء الاصطناعي في المطارات
إن استخدام الذكاء الاصطناعي ليس حكرًا على مكان دون الآخر؛ إذ إن توظيفه في المطارات سيؤدي إلى إحداث تحول كبير في مستقبل أمن المطارات.
في وقتنا الحالي يُطلب من موظفي الأمن في المطارات تحديد التهديدات المحتملة من خلال الصور الممسوحة ضوئيًا. على الرغم من ذلك، ماذا لو استُخدم الذكاء الاصطناعي المتقدم لإجراء عملية المسح الضوئي باستخدام قاعدة بيانات للصور؟ هل ستوفر هذه العملية الوقت في أثناء إجراء عملية المسح الضوئي؟
تستخدم بعض المطارات ماسحات تصوير مقطعية محوسبة متطورة لإنتاج صور ثلاثية الأبعاد عالية الدقة؛ إذ سيكون بمقدور الذكاء الاصطناعي مستقبلًا تعزيز هذه التنقية بصورة أكبر لاكتشاف التهديدات بسرعة أكبر.
في حال كان بالإمكان استخدام الأشعة المقطعية على كل من المسافرين وأمتعتهم، هل يتيح ذلك للمسافرين السير من خلال ماسح الأجسام الضوئي وهم يحملون أمتعتهم؟ قد يصبح ذلك ممكنًا في المستقبل.
حتى ذلك الحين، يجب على المسافرين الالتزام بالوقت المحدد لحضورهم في المطار لتجنب التأخير في أثناء تفتيش حقائبهم.
اقرأ أيضًا:
الطريقة الأفضل والأكثر أمانًا لتنظيف شاشة حاسوبك المحمول
كيف صارت أجهزة اللابتوب (الحواسيب المحمولة) أنحف وأخف وزنًا؟
ترجمة: إسراء طلال
تدقيق: ريمي سليمان