المركبات العضوية المتطايرة هي مواد كيميائية أخف من الهواء، وهي مسئولة عن الروائح المميزة لمواد مثل مخفف الطلاء والعطور.
تتميز المركبات العضوية المتطايرة بضغط بخار مرتفع وقابلية منخفضة للذوبان في الماء، على هذا فهي غير مستقرة نسبيًا في درجة حرارة الغرفة، ما يعني أنها ستتطاير في الهواء في حالتها الغازية إذا لم يُحكم إغلاق العبوات المخصصة لها. وهي شحيحة الذوبان في الماء، وقد تكون غير قابلة للذوبان على الإطلاق.
وفقًا لوكالة حماية البيئة الأمريكية، تُستخدم المركّبات العضوية المتطايرة عادةً مذيبات كيميائية لإذابة مواد أخرى. توجد هذه المركبات في مواد مثل الدهانات والوقود البترولي والمستحضرات الصيدلانية، وتصدر طبيعيًا عن الحيوانات والنباتات والكائنات الحية الدقيقة. للتعرض المتكرر للمركبات العضوية المتطايرة آثار صحية ضارة مثل تهيّج الجهاز التنفسي والسرطان.
تنتج بعض المركبات العضوية المتطايرة طبيعيًا من الحيوانات والنباتات والكائنات الحية الدقيقة، وتُسمى في هذه الحالة المركبات العضوية المتطايرة الحيوية. من أهم هذه المركبات الأيزوبرين والمونوتربين، وينتج كلاهما من النباتات وفقًا لتحليل نشر في مجلة Atmospheric Chemistry and Physics عام 2014.
تنتج النباتات نحو 90٪ من جميع المركبات العضوية المتطايرة في الغلاف الجوي، ولهذه المواد الكيميائية دور مهم في العمليات الكيميائية التي تحدث في الغلاف الجوي. مثلًا، تطلق الغابات المطيرة مركبات عضوية متطايرة تحافظ على نقاء الغلاف الجوي المحيط وتوازنه الكيميائي، إذ تتفاعل مع الملوثات الضارة، وهذا ما لا يحدث في المناطق الجرداء، وفقًا لدراسة نُشرت عام 2008 في مجلة Nature.
وفقًا لوكالة حماية البيئة (EPA) فإن نحو 10% من المركبات العضوية المتطايرة هي من صنع الإنسان. ومن مصادرها الشائعة الوقود البترولي والسوائل الهيدروليكية ومخففات الطلاء ومواد التنظيف الجاف. وتوجد في العديد من الأدوات المنزلية والمكتبية الشائعة، مثل مواد البناء ومحاليل التنظيف ومستحضرات التجميل والمواد اللاصقة والطابعات وآلات النسخ.
تركيز المركبات العضوية المتطايرة يكون عادةً أعلى بضعفين إلى خمسة أضعاف داخل المنازل مقارنةً بالخارج، وقد يصل إلى 10 أضعاف. وجد باحثون مع وكالة حماية البيئة أن بعض المركبات العضوية المتطايرة قد تبقى داخل الأماكن المغلقة عدة ساعات بمستويات قد تبلغ ألف ضعف مستوياتها في الخارج!
يختلف خطر التعرض لهذه المركبات على صحة الإنسان اختلافًا كبيرًا تبعًا لنوع المادة الكيميائية وكمية التعرض لها، إذ تسبب مشكلات صحية عند التعرض لها بكميات كبيرة، أو بكميات صغيرة لفترات طويلة.
يُعد البنزين من أشيع هذه المركبات ضررًا، وهو مادة مسرطنة معروفة تنبعث من دخان السجائر والوقود والدهانات والسيارات. للمركبات العضوية المتطايرة روائح مميزة عادةً، لكن الرائحة المنبعثة من تلك المواد ليست بالضرورة مؤشرًا مرتبطًا بخطرها على الصحة.
مادة البيركلوروإيثيلين من المواد العضوية الضارة المستخدمة عادةً في التنظيف الجاف، والتي يستنشقها عادةً الأشخاص القائمون بهذا العمل أو من يرتدون ملابس نُظفت بهذه الطريقة. تزيل شركات التنظيف الجاف أكبر قدر ممكن من المواد الكيميائية عن الملابس، لكن إذا كانت الملابس تحمل أثر الرائحة بعد تنظيفها، فهذا مؤشر على بقاء مادة البيركلوروإيثيلين فيها، وفي هذه الحالة من الأفضل أن نطلب من العمال الاحتفاظ بالملابس حتى تجف تمامًا ثم البحث عن شركة تنظيف جاف جديدة.
عند التعرض للمركبات العضوية المتطايرة بكميات كبيرة لفترة قصيرة من الوقت، تظهر أعراض مثل تهيج العين والأنف والحنجرة والصداع والغثيان والتقيؤ والدوار وتفاقم أعراض الربو. أما التعرض للمركبات العضوية المتطايرة بكميات قليلة لسنوات عديدة فيؤدي إلى الإصابة بالسرطان وتلف الكبد والكلى والجهاز العصبي.
يصعب تحديد المنتجات المنزلية الخطرة على الصحة التي تنبعث منها المركّبات العضوية المتطايرة، إذ تفحص الدراسات عادةً المواد الكيميائية السامة كل على حدة، أما المنتجات المنزلية فتتضمن غالبًا تركيبات من هذه المواد، ويرتبط ضررها بكيفية استخدامها ومدى تكراره. تتضمن قاعدة بيانات المواد السامة التابعة لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها تفاصيل حول التأثيرات الصحية الشائعة للمركبات العضوية المتطايرة.
لا توجد معايير حكومية أو فيدرالية محددة لاستخدام المركبات العضوية المتطايرة. توصي وزارة الصحة في مينيسوتا بالتخلص من المواد العضوية المتطايرة من المنزل حال الشك بسميتها، أو تخزينها في أماكن حيث لا يقطن الأشخاص عادةً مثل العلية أو المرآب، من المفيد أيضًا تهوية المنزل والحفاظ على تبريده، لأن الأجواء الراكدة والساكنة تساعد على بقاء المركّبات العضوية المتطايرة فترةً أطول.
اقرأ أيضًا:
قد يكون التعرض للمواد الكيميائية في صالونات تجميل الأظافر أسوأ مما تتخيل
عشر نصائح عليك معرفتها للتعامل مع دخان حرائق الغابات
ترجمة: ديانا الشمالي
تدقيق: هادية أحمد زكي
