استخدمت وكالة الفضاء الأمريكية ناسا تلسكوب جيمس ويب لقياس درجة حرارة الكوكب TRAPPIST-1b الشبيه بالأرض، وتوصلت إلى أن حرارته غير ملائمة للحياة البشرية مع احتمالية عالية لافتقاره إلى غلاف جوي مناسب.
ساعد تلسكوب سبيتزر الذي يعمل بالأشعة تحت الحمراء التابع لوكالة ناسا قبل خمس سنوات في اكتشاف مجموعة مؤلفة من سبعة كواكب صخرية تدور حول نجم واحد يُعرف حاليًا باسم (TRAPPIST-1).
واعتمدت وكالة ناسا مؤخرًا على تلسكوبها الجديد العامل بالأشعة تحت الحمراء، جيمس ويب (JWST)، لقياس درجة حرارة الكوكب (TRAPPIST-1b)، أحد كواكب هذه المجموعة، في بحث جديد نُشر في مجلة (Nature)، ونقلت إلينا أخبارًا سيئة، إذ وجدت أن الكوكب الشبيه بالأرض غير صالح لحياة البشر بصورة شبه مؤكدة.
استخدم علماء الفلك كاميرا تلسكوب جيمس ويب للبحث عن الانبعاثات الحرارية الصادرة عن الكوكب الجديد، واكتشفوا أنه حار جدًا، إذ تقدر درجة حرارته بنحو 232 درجة مئوية، وأنه يفتقر على الأرجح إلى غلاف جوي يحيط به. يضاف هذا الاكتشاف الهام إلى سجلات تلسكوب جيمس ويب الذي يواصل تحقيق نتائج قيمة منذ إطلاقه.
أكد القائمون على وكالة ناسا في بيان صحفي أن الاكتشاف يعد الأول من نوعه بالنسبة لأي ضوء منبعث من كوكب خارجي ومشابه في حجمه وبرودته للكواكب الصخرية في المجموعة الشمسية.
قال توماس غرين عالم الفيزياء الفلكية في وكالة ناسا والمشارك الرئيس في البحث الجديد: «التلسكوبات القديمة غير حساسة بما يكفي لقياس مثل هذا الضوء الخافت في منطقة الأشعة تحت الحمراء».
أثار اكتشاف الكواكب السبعة التي تدور حول النجم (TRAPPIST-1) حماسًا كبيرًا في المجتمع الفلكي، إذ تتسم جميع هذه الكواكب البعيدة بحجم مماثل تقريبًا لحجم الأرض، وتقع على مسافة مناسبة من نجمها تجعلها ملائمة للحياة، بالإضافة إلى وجود الماء السائل على سطحها. ووفقًا لعالمة الفلك في اللجنة الفرنسية للطاقة البديلة والطاقة الذرية (CEA) والباحثة المشاركة في الدراسة إلسا دوكروت فإن هذا النظام يعد حقل تجارب جيد ويحقق الهدف المنشود لدراسة الغلاف الجوي للكواكب الصخرية.
لا يجب التفاؤل كثيرًا بالعثور على مسكن جديد للجنس البشري، فكواكب النجم (TRAPPIST-1) بعيدة جدًا عن المتناول، إذ تقع على مسافة تقدر بنحو 235 تريليون ميل (378 تريليون كيلومتر)، وتدور حول نجم أصغر بكثير من شمسنا وأكثر حرارة منها، يعرف باسم النجم القزم (M).
يضيف الباحث غرين: «يبلغ عدد هذه النجوم في درب التبانة عشرة أضعاف النجوم المشابهة للشمس، واحتمال دوران الكواكب الصخرية حولها ضعف احتمال وجودها حول نجم مشابه للشمس».
تعد النجوم القزمة (M) أهدافًا واضحة للفلكيين الباحثين عن كواكب صالحة للحياة البشرية بمراقبة الكواكب الصخرية المحيطة بها، ولكن المشكلة الوحيدة التي تواجه الباحثين هي أن نشاط هذه النجوم يفوق نشاط الشمس، إذ تتوهج بشدة غالبًا مطلقةً انبعاثات إشعاعية عالية الطاقة قد تلحق الضرر بالحياة الناشئة على الكواكب التي تدور حولها أو بأغلفتها الجوية.
لم تكن المراقبات السابقة لكوكب (TRAPPIST-1b) دقيقة بما يكفي للتأكد من وجود غلاف جوي يحيط به. يعد هذا الكوكب مقيدًا مداريًا، إذ يقابل أحد جانبيه نجم المجموعة، بينما يبقى الجانب الآخر في ظلام دائم.
استدل العلماء بواسطة عمليات المحاكاة إلى افتقار هذا الكوكب إلى غلاف جوي، إذ يعمل الهواء في حال وجود الغلاف الجوي على توزيع الحرارة حول جانبي الكوكب فتنخفض درجة حرارته، ولكن تسجيل تلسكوب جيمس ويب لدرجات حرارة مرتفعة جدًا يشير إلى غياب الغلاف الجوي، ما أدى إلى استبعاد هذا الكوكب من قائمة الكواكب الصالحة للحياة.
يتطلع علماء الفلك إلى إنجازات تلسكوب جيمس ويب في استكشاف الغلاف الجوي للكواكب الجديدة وقياس درجات الحرارة فيها.
يقول الباحث المشارك في الدراسة بيير أوليفييه لاجاج الذي يعمل أيضًا مع (CEA): «يمثل هذا الاكتشاف الهدف الوحيد الذي حلمت بتحقيقه».
يعد لاجاج أحد مطوري (MIRI)، وهو الجهاز الذي استخدمه الباحثون لتحقيق هذا الاكتشاف، ويتابع لاجاج قائلًا: «تعد هذه المرة الأولى التي نستطيع فيها اكتشاف الانبعاثات الصادرة عن كوكب صخري معتدل المناخ، وهي خطوة هامة على طريق اكتشاف الكواكب الخارجية».
اقرأ أيضًا:
العثور على كوكب غارق بالحمم البركانية
ثلاثة عوالم تشبه نظامنا الشمسي تموت، وتسلط الضوء على مصير كوكبنا
ترجمة: مريم ميهوب
تدقيق: أنس الرعيدي