وفقًا لدراسة جديدة نُشرت في صحيفة BMJ Oncology، قد يُستخدم اختبار دم جديد في الكشف عن 18 نوع مختلف من السرطان.
ركز الباحثون في أثناء تطويرهم لاختبار الدم السابق على البروتيوم، وهو المجموع الكامل للبروتينات في الجسم.
يكشف اختبار الخزعة السائلة نوعي الجنس عن الواسمات الحيوية البروتينية لأنواع مختلفة من السرطانات في مجرى الدم وتحليلها. استطاع الفحص السابق تشخيص سرطانات في مراحلها الأولى في 93% من الرجال و84% من النساء بنجاح، وفقًا للبحث الذي أشرف عليه الطبيب أشكان أفشين، وهو الأستاذ المشارك المنتسب لعلوم المقاييس الصحية في معهد القياسات الصحية والتقييم بجامعة واشنطن.
ذكر أفشان وزملاؤه في البحث أن اختبار الدم السابق، الذي يُحلّل 150 واسمًا حيويًا، سمح للباحثين بربط منشأ السرطان بعضو محدد في أكثر من 80% من الحالات.
أضاف الباحثون أيضًا: «أظهر اختبار الدم القائم على تحليل البروتيوم أداءً واعدًا مقارنةً بغيره من التقنيات، إضافةً إلى كونه نقطة بداية في تطوير جيل جديد من اختبارات الدم المفيدة في الكشف المبكر عن السرطانات».
قال الطبيب ميساغ كريمي، وهو مختص بعلم الأورام في City of Hope Orange County Lennar Foundation Cancer Center بكاليفورنيا، في مقابلة له مع Medical News Today: «يمثل الكشف المبكر مفتاحًا لتلقي نتائج مستقبلية أفضل للسرطان».
أضاف كريمي، الذي لم يشارك في الدراسة، قائلًا: «قد تغير احتمالية الكشف عن 18 نوعًا مختلفًا من السرطانات في مراحلها المبكرة قواعد اللعبة تمامًا، وقد يؤدي لابتكارات جديدة في عالم الاختبارات والعلاجات وغيرها. لكن رغم ذلك، يُعد هذا المجال من الأبحاث قيد التطوير، ويحتاج إلى إجراء مزيد من الدراسات حول اختبارات الكشف المبكر عن أنواع السرطانات المتعددة».
تحليل الواسمات الحيوية للكشف عن السرطان:
جمع الباحثون في الدراسة السابقة عينات لبلازما الدم من 440 مريضًا مشخصين بحوالي 18 نوعًا مختلفًا من السرطان، قبل تلقيهم أي علاج لهذه الأورام. وجُمعت عينات دم من 44 متبرعًا سليمًا غير مشخص بالسرطان.
قيس حوالي 3000 بروتين معروف بارتباطه بالسرطان في عينات بلازما الدم السابقة. وطور الباحثون من ذلك لوحةً تحوي 10 واسمات حيوية بروتينية نوعية الجنس.
لاحظ الباحثون أن البروتينات اتصفت بدقة متوسطة عند كشفها فرديًا عن المراحل المبكرة من السرطان. لكن ازدادت دقتها بشكل ملحوظ عندما حُللت الواسمات الحيوية البروتينية جماعيًا.
ذكر أفشين وزملاؤه في الدراسة أن اختبارات الدم كشفت عن السرطانات في المراحل الثلاث الأولى، لكنها أظهرت فاعليتها العظمى في الكشف عن المراحل المبكرة من الأورام.
أشار الباحثون إلى أن القدرة على تمييز المستويات المنخفضة من الواسمات الحيوية السرطانية قبل أن يكون للورم أي تأثير كبير على أجهزة الجسم، قد تشكل داعمًا مهمًا لعلاجات السرطان.
أضاف كريمي قائلًا: «يشكل اختبار الدم السابق -نوعي الجنس القادر على الكشف عن السرطان في مراحله المبكرة- ثورةً علميةً، إذ قد يُساعد المرضى على التوجه إلى العلاج المناسب للسرطان من بين الكثير من العلاجات المتاحة قبل انتشاره في الجسم. قد يؤثر جنس المرء على قابليته الجزيئية للإصابة بالسرطان، وقد تلعب الهرمونات الجنسية دورًا في تطور عدة أنواع من الأورام. يُصاب الرجال بالسرطان أكثر من أقرانهم النساء، ويمتلك الرجال معدلات وفاة أعلى من النساء في معظم أنواع السرطانات مثل سرطان المثانة والكلى والقولون والكبد والمريء والرأس والعنق والدماغ والجلد والدم».
الكشف عن السرطان بواسطة واسمات حيوية بروتينية وجينية:
لا تعد الاستعانة بالواسمات الحيوية في الدم للكشف عن السرطانات أمرًا جديدًا. فمثلًا، طُور اختبار دم يستخدم الواسمات الحيوية الجينية للكشف عن أكثر من 50 نوعًا من السرطان.
مع ذلك، لا تمثل اختبارات الدم السابقة خيارًا جيدًا في الكشف عن المراحل الباكرة من الأورام. إضافةً إلى كونها مكلفةً جدًا على أن تُستخدم للفحص الروتيني، وفقًا لأفشين وزملائه.
قالت الطبيبة ماري إدغرتون التي لم تشارك في الدراسة، وهي أستاذة في قسم علم الأمراض، وعلم الأحياء الدقيقة، وعلم المناعة في المركز الطبي بجامعة نبراسكا: «يمثل اختبار الدم البسيط وغير المكلف هذا، والقادر على الكشف عن الأورام في مراحلها المبكرة، تفوقًا على غيره من الاختبارات الحالية، خاصًة لدى المرضى الأصغر سنًا الذين تكون إصابتهم بالسرطان أقل شيوعًا. لكنها ليست نادرةً أبدًا، ولا تُطبق عليهم بروتوكولات الفحص الاعتيادية بسبب قدرتها التشخيصية والكشفية الضعيفة. قد تستبدل اختبارات الدم هذه تقنيات التشخيص بالتصوير المكلفة، بالإضافة إلى تقليل تعرض المرء للإشعاع في أثناء الفحص السابق، وفي النهاية القضاء على الإجراءات التشخيصية المؤلمة والباضعة مثل تنظير القولون».
أضافت إدغرتون قائلةً: «يتطلب إثبات فاعلية اختبار الدم السابق تطبيقه على مجموعة سكانية أكبر، أو على أنواع أقل شيوعًا من السرطانات، أو حتى على مجموعات عمرية ذات انتشار أقل للأورام. ويحتاج ذلك امتلاك الاختبار حساسيةً ونوعيةً عاليةً حتى يتخطى عقبات التشخيص الخاطئة، التي تطغى على عدد المصابين الفعليين بالمرض. قد يؤدي عدم امتلاك اختبار الدم السابق لدقة تشخيصية كافية إلى دفع المريض لإجراء اختبارات تشخيصية باضعة ومؤلمة، ما يقلل من قيمة اختبار الدم».
يعمل أكثر أنواع اختبارات الدم القائمة على تحليل البروتينات شيوعًا على الكشف عن مستضد محدد للبروستات، ما يفيد في تشخيص سرطانات البروستات. بينما تستخدم الاختبارات الأخرى للتوجه نحو علاج سرطانات الثدي، والمبيض، والقولون.
تستخدم الواسمات الحيوية أيضًا لتشخيص أنواع مختلفة من الأورام الفردية مثل سرطانات الكبد والرئتين.
اختبار الدم هذا هو الأول من نوعه في الكشف عن بعض أنواع السرطانات:
وضحت الدراسة أن 60% من الوفيات بين مرضى السرطان تعود لأنواع من السرطان لا يكشف عنها أي نوع من الاختبارات.
قال الطبيب ريتشارد رايثرمان الذي لم يكن جزءًا من الدراسة، وهو مختص في علم الأشعة والمدير الطبي لتصوير الثدي في Orange Coast Medical Center’s MemorialCareBreast Center بكاليفورنيا: «ستقدم اختبارات الدم هذه نتائج مماثلة للفحوص الحالية التي تكشف عن الأحماض النووية DNA و RNA والبروتينات. ما لن يجعل فائدتها تقتصر على تشخيص المرضى المصابين بالسرطان، بل أيضًا الكشف عمن لديهم خطر إصابة به أكثر من غيرهم. تفيد اختبارات الدم هذه في تشخيص حالات السرطان التي عجزت الوسائل الأخرى عن كشفها».
وأضاف كريمي، الذي وضح أن مؤسسة City of Hope طورت اختبار دم يُستخدم للكشف عن سرطان القولون في مراحله المبكرة، قائلًا: «يجب تطوير تقنيات واختبارات تشخيص السرطان تكون متاحةً ومتوفرةً للمرضى بشكل أكبر. حقق الباحثون تطورًا في هذا المجال، إذ طوروا اختبارات دم تكشف عن أنواع متعددة من السرطان، لكنها ما تزال غير متوفرة لجميع المرضى بعد».
قالت إدغرتون أيضا: «سيمثل اختبار الدم هذا خطوةً كبيرةً في مجال الكشف عن السرطان، وذلك إذا تحقق من فعاليته على مجموعة أكبر من السكان، وأدرج على أنه اختبار تشخيصي غير مكلف. قد يصبح هذا الاختبار افتراضًا جزءًا من الفحص الجسدي السنوي حتى».
لكنها حذرت من صغر حجم العينة الحالية للدراسة، بالإضافة إلى احتمالية ظهور نتائج تشخيصية إيجابية كاذبة، إذ قالت في ذلك: «يعد نشر الباحثون للدراسة السابقة بعيدًا كل البعد عن إثباتها وتطبيقها على أرض الواقع».
يستطيع الأشخاص إجراء اختبارات جينية للكشف عن امتلاكهم لعوامل خطر وراثية ترفع احتمالية إصابتهم بأنواع معينة من السرطان، وذلك بالإضافة إلى اختبارات الدم السابقة.
أضاف كريمي قائلًا: «تضمن معرفة المرء امتلاكه جينات لنوع معين من السرطان تلقيه العلاج المناسب في الوقت المناسب».
اقرأ أيضًا:
اختبار دموي سهل يمكنه الكشف عن أكثر من 50 نوعًا من السرطان
اختبار دموي واحد يكشِف عن ثمانية أنواع من السرطانات
ترجمة: رهف وقّاف
تدقيق: جنى الغضبان