يعجّ الإنترنت بالكثير من مقاطع الفيديو المضحكة عن القطط واستجابتها لنبات معروف باسم كاتنيب (Catnip)، فما هو الكاتنيب ؟ وهل يؤثر في القطط كلّها؟ وهل هو آمن للقطط؟ وهل بوسع البشر استخدامه؟ يتناول هذا المقال هذه الأسئلة وسواها.
نعناع الهر الحقيقي (Nepeta cataria) أو (كاتنيب)، هو عشبة تنتمي إلى عائلة النعناع النباتية نفسها. يعود اكتشافه إلى أجزاء من أوروبا وآسيا، لكن ينتشر استخدامه حاليًا على امتداد بعض القارات، بما فيها أمريكا الشمالية.
هل تتفاعل كل القطط مع كاتنيب؟ ولماذا يؤثر هذا النبات في القطط خاصةً؟ وهل هو حقًّا شبيه بالمخدرات الاستجمامية؟ تابع القراءة لمعرفة الإجابة.
1. لماذا يؤثر الكاتنيب في القطط؟
يقدّر عالم الأدوية النفسية رونالد سيغل في كتابه (التسمم: الدافع العالمي للمواد المُغيرة للعقل) أن نحو 70% من القطط المنزلية تستجيب للكاتنيب، خاصةً القطط الناضجة جنسيًا. تصل القطط إلى النضج الجنسي في الشهر السادس من عمرها تقريبًا.
تشم القطط التي تتفاعل مع الكاتنيب النبات أو أي ألعاب تحتويه، ثم تبدأ في مضغه. قد تبدأ بعدها بفرك الرأس على النبات أو اللعبة، ثم التدحرج أو التقلب من جانب إلى آخر.
يحفز الكاتنيب القطط بطريقة ممتعة غالبًا، لكن الجمعية الأمريكية لمنع القسوة ضد الحيوانات تعده (سامًّا للقطط)، وتحذر من إمكانية تسببه في آثار ضارّة على بعض القطط المنزلية. قد تشمل هذه الآثار التقيؤ والإسهال، إضافةً إلى تسكين القطط كأنها تحت تأثير التخدير، أو ظهور سلوك عدواني.
يذكر سيغل أيضًا أن تأثير الكاتنيب يُعَد مثالًا على إدمان الحيوانات على سلوكيات المتعة، إذ تستجيب القطط من الذكور والإناث إلى الكاتنيب بطريقة ترتبط بالإثارة الجنسية فيما بينها.
يبيّن سيغل أن السبب وراء استجابة القطط هو الجزيئات التي تحمل رائحة الكاتنيب، وتُسمى تربينانيات. يتميّز الكاتنيب بنوع من التربينانيات يسمى نبيتالاكتونات (nepetalactones). وفقًا لسيغل، قد تكون هذه الجزيئات سامة، لكن لا يُعَد الكاتنيب ضارًّا إذ يحتوي على كمية لا تشكل خطرًا على القطط.
2. لماذا لا تستجيب بعض القطط للكاتنيب؟
أظهرت الدراسات عدم استجابة نحو 30% من القطط المنزلية للكاتنيب، فلماذا؟ وفقًا لسيغل فإن السبب هو اختلاف الحمض النووي بين القطط، إذ ترث بعضها جينًا (حساسًا للكاتنيب)، في حين لا ترثه قطط أخرى.
يضيف سيغل: «ربما ترث القطط جينًا سائدًا يحدد استجابتها للكاتنيب». أثبتت بعض الدراسات بالفعل انتقال الحساسية للكاتنيب إلى نسل القطط الحساسة له، في حين لا يستجيب نسل القطط التي لم تتأثر به.
أيضًا قد تكتسب القطط سلوكًا تجنّبيًا للكاتنيب بعد أن تمر بتجربة سيئة إثر التعرض له، كأن تؤذي نفسها مثلًا.
3. هل يؤثر الكاتنيب في السنوريات الأخرى؟
نظرًا إلى أن الكاتنيب قد يؤثر بوضوح في القطط المنزلية، فهل يؤثر أيضًا في القطط الكبيرة، مثل الأسود واليغور والنمور؟ الإجابة هي نعم، وهو يؤثر بدرجة أقل بكثير في الثدييات الأخرى التي تشبه القطط لكنها ليست في الواقع قططًا.
وجدت تجربة أُجريت في سبعينيات القرن العشرين ضمن ما يُعرف الآن بحديقة نوكسفيل للحيوانات في تينيسي أن الأسود واليغور كانت (حساسة للغاية) للكاتنيب. أما النمور وأسود الجبال والأوشاق الحمر فقد استجابت للكاتنيب، لكن بصورة طفيفة للغاية، في حين لم تُبد الفهود أي اهتمام بهذا النبات.
أظهرت حيوانات أخرى فضولًا حول الكاتنيب، لكن بدرجة أقل بكثير من القطط المنزلية. يأتي قط الزباد ضمن قائمة الحيوانات غير السنورية التي أبدت فضولًا تجاه الكاتنيب، وهو من الحيوانات اللاحمة المتوطنة في آسيا وأفريقيا، علمًا أنه يشبه القطط، لكن ينتمي إلى عائلة مختلفة تسمى الزباديات (Viverridae).
4. ما المنبهات الأخرى التي تؤثر في القطط؟
يُعَد الكاتنيب منبه القطط الأشهر، لكن لاحظ الباحثون وجود العديد من النباتات الأخرى التي قد تغير مزاج القطط وسلوكياتها.
يذكر سيغل الماتاتابي، أو الكرمة الفضية (أكتينيديا بوليغاما)، وهو نبات منتشر في اليابان والصين. أظهرت السنوريات الكبيرة التي تعرضت لكميات كبيرة من المادة الفعالة للماتاتابي علامات المتعة الشديدة والإدمان، وفقًا لتجربة أُجريت في حديقة حيوان أوساكا في اليابان.
أكدت دراسة أُجريت سنة 2017 أن الماتاتابي يضاهي الكاتنيب -إن لم يتفوق عليه- عندما يتعلق الأمر بتنبيه القطط المنزلية.
حدد الباحثون أيضًا نباتَين آخرين كان لهما تأثير مماثل: زهر العسل التتاري (Lonicera tatarica) والناردين المخزني (Valeriana officinalis).
تفاعل نحو 80% من القطط المنزلية في هذه الدراسة مع الماتاتابي، واستجاب نحو 50% من القطط أيضًا لزهر العسل التتاري وجذر الناردين المخزني.
لاحظ الباحثون أيضًا استجابة 75% من القطط المنزلية التي لم تظهر تأثرًا بالكاتنيب للماتاتابي.
خلص الباحثون إلى أن التعزيز الشمي باستخدام كرمة الفضة أو زهر العسل التتاري أو جذر الناردين المخزني قد يكون وسيلةً فعالة لتحسين نوعية حياة القطط، على غرار تأثير الكاتنيب.
5. هل يُعَد الكاتنيب آمنًا للاستخدام البشري؟
يعتقد البعض أن للكاتنيب تأثيرًا مهدئًا على عقولهم، إلى جانب الفائدة الترفيهية التي يقدمها لأصدقائهم القطط.
يميل البعض إلى تحضير شاي الكاتنيب، في حين جرب آخرون تدخينه في سجائر، ما يجعلهم يشعرون بالسعادة والرضا والنشوة، على غرار تأثير الماريجوانا، وفقًا لدراسة سابقة.
استُخدم الكاتنيب أيضًا مكملًا غذائيًا لعلاج بعض الأعراض مثل السعال أو آلام الأسنان، إضافةً إلى استعماله وسيلةً مساعدة على الهضم.
لكن هل هو آمن؟ ما زال الجواب غامضًا، خاصةً مع قلة الأبحاث حول فعالية الكاتنيب وكونه آمنًا في علاج البشر.
يربط بعض المتخصصين بين الكاتنيب وحدوث تقلصات رحمية، لذا يوصون النساء بتجنبه.
اقرأ أيضًا:
أظهرت دراسة أن تعابير وجه القطط لا يمكن لجميع البشر قراءتها
ما تأثير ملاطفة القطط والكلاب على صحتنا النفسية ؟
ترجمة: حسام شبلي
تدقيق: عون حداد
مراجعة: أكرم محيي الدين