ربما تكون القوات الروسية في أوكرانيا استخدمت أسلحة فراغية وقنابل عنقودية، وفقًا لتقارير الحكومة الأوكرانية وهيئات حقوق الإنسان. إذا كان هذا صحيحًا، فإنه يمثّل تصعيدًا في الوحشية يجب أن نتنبه له جميعًا. بينما تحظر الاتفاقيات الدولية الذخائر العنقودية، فإن الذخائر الحرارية -المعروفة أيضًا باسم الأجهزة المتفجرة التي تعمل بالوقود والهواء أو القنابل الفراغية- ليس استخدامها محظورًا صراحةً ضد أهداف عسكرية.
تُعتبر هذه الأجهزة المدمرة التي تخلق كرة نارية مستهلكة للأكسجين تليها صدمة قاتلة، أقوى بكثير من معظم الأسلحة التقليدية الأخرى.
ما القنابل الفراغية؟
الأسلحة الفراغية عادة تكون صواريخ أو قنابل، تعمل بإطلاق الوقود والشحنات المتفجرة. يمكن استخدام أنواع مختلفة من الوقود، بما في ذلك مساحيق المعادن السامة والمواد العضوية التي تحتوي مادة مؤكسدة.
تنشر الشحنة المتفجرة سحابة كبيرة من الوقود تشتعل عند ملامستها الأكسجين في الهواء المحيط، ما يخلق كرة نارية عالية الحرارة وصدمة ضخمة تمتص الهواء حرفيًا من الكائنات الحية القريبة.
القنابل الفراغية مدمرة وفعّالة في المناطق المأهولة وفي الظروف والأماكن المفتوحة، تخترق أيضًا المخابئ والمواقع تحت الأرض، وتدمّر أي كائن حي يستهلك الأكسجين. خيارات الحماية من انفجار القنابل الفراغية وآثارها الحارقة، قليلة جدًا.
نوّهت منظمة هيومن رايتس ووتش (رقابة حقوق الإنسان) إلى تقرير لوكالة الاستخبارات المركزية عام 1990، أشار إلى آثار انفجار فراغي في مكان ضيق: «الكائنات القريبة من نقطة الانفجار ستُمحى تمامًا. الكائنات الأبعد قليلًا يُحتمل أن يعانوا من الإصابات الداخلية غير المرئية، مثل انفجار طبلة الأذن وتحطّم أعضاء الأذن الداخلية والارتجاجات الشديدة وتمزق الرئتين وأعضاء الجسم الداخلية وربما العمى».
تاريخ من الرعب
طوّرت ألمانيا نسخًا أولية من الأسلحة الفراغية خلال الحرب العالمية الثانية، منذ ستينيات القرن الماضي استخدمتها الدول الغربية والاتحاد السوفييتي ومؤخرًا روسيا.
يُعتقد أن الاتحاد السوفييتي استخدم الأسلحة الفراغية ضد الصين خلال الصراع الصيني السوفييتي عام 1969، وأيضًا في أفغانستان عندما حاول الاستيلاء عليها عام 1979. استخدمتها موسكو في الشيشان، وزُعِم أن موسكو زودت الانفصاليين المتمردين في شرق أوكرانيا بالقنابل الفراغية. استخدمت الولايات المتحدة هذه الأسلحة أيضًا في فيتنام وجبال أفغانستان.
لماذا بعض الأسلحة محظورة حتى في الحرب؟
على الرغم من أن القنابل الفراغية ليست محظورة بشكل قاطع بعد، فتوجد العديد من النقاط المثيرة للجدل حول تطويرها واستخدامها.
ينص القانون الدولي الإنساني على ما هو مسموح وممنوع في الحرب. يوجد تفاهم منذ فترة طويلة على أنه حتى في الحروب لا بد من حدود. فبينما تعتبر بعض الأسلحة قانونية، البعض الآخر ليس كذلك، بسبب خرقها لمبادئ القانون الإنساني الأساسية.
يوضّح تقرير جديد صادر عن منظمة هيومن رايتس ووتش أن الغزو الروسي لأوكرانيا غير قانوني، واستند التقرير على اتفاقيات جنيف لتحديد عدم شرعية تصرفات موسكو، بما فيها استخدامها الفعلي أو المحتمل لأسلحة معينة.
تمنع اتفاقيات جنيف استخدام الأسلحة في الهجمات العشوائية التي لا تميز المقاتلين من المدنيين. ربما تستهدف القنابل الفراغية المنشآت العسكرية وأفرادًا محددين، لكن لا يمكن احتواء آثارها في منطقة واحدة. سيُقتل العديد من المدنيين إذا استُخدمت هذه القنابل في المدن.
استخدام الأسلحة المتفجرة في مناطق مأهولة قد يؤدي إلى نتائج عشوائية وغير مقبولة. تشكّل القنابل الجوية، تهديدًا خطيرًا للمدنيين بسبب نطاق انفجارها الواسع، حتى لو كانت تستهدف أهدافًا عسكرية.
معاناة غير ضرورية
الجهود المبذولة لحظر هذه الأسلحة لم تسفر عن حظر صريح حتى الآن. اتفاقية 1980 الخاصة بالأسلحة التقليدية (المعروفة باسم اتفاقية الأسلحة اللاإنسانية) تناولت موضوع الأسلحة الحارقة، لكن الدول تمكنت من تجنب فرض حظر صريح على القنابل الفراغية.
إضافةً لى تأثيرها على المدنيين، تسبب القنابل الفراغية الكثير من المعاناة والأضرار البشرية التي يمكن تجنبها، كما أنه لا ينبغي استخدامها وفقًا للقانون الدولي الإنساني. النقطة المهمة التي يجب أخذها بعين الاعتبار، أنه حتى لو اعتُبرت الحرب مشروعة أو مُبررة، فيجب ألا يشمل العنف أسلحة شديدة القسوة أو لاإنسانية.
إذا كان من المحتمل أن يؤدي السلاح إلى إطالة عذاب الجنود (أو المدنيين) أو ينتج عنه إصابات غير ضرورية وغير مقبولة، فمن الناحية النظرية لا يُسمح باستخدامه. من الواضح أن القنابل الفراغية تندرج تحت هذا البند.
القنابل العنقودية والأسلحة النووية
ليست القنابل الفراغية وحدها التي تثير القلق في الحرب الحالية. تقول الحكومة الأوكرانية وجماعات حقوق الإنسان أن روسيا استخدمت أيضًا الذخائر العنقودية، قنابل أو صواريخ تطلق مجموعة من المتفجرات الصغيرة على مساحة واسعة.
حُظرت الذخائر العنقودية بموجب اتفاقية دولية عام 2008. لم توقّع عليها روسيا والولايات المتحدة والصين والهند.
ربما يكون مصدر القلق الأكبر هو ترسانة موسكو للأسلحة النووية، فقد لمح الرئيس فلاديمير بوتين بقوة إلى استعداده لاستخدامها إذا دعت الحاجة، ووضع القوات النووية الروسية في حالة تأهب قصوى، وحذّر من أن الدول التي ستتدخل في الغزو ستواجه عواقب لم ترها من قبل.
تمتلك روسيا حوالي 6000 سلاح نووي ويمكن أن يؤدي تصعيد الصراع إلى استخدامها، إمّا عمدًا أو عن غير قصد تحت ستار فوضى الحرب.
بوتين ليس الوحيد الذي أطلق مثل هذه التهديدات، إذ تمتلك الولايات المتحدة حوالي 5500 سلاح نووي، وسياستها النووية مبنية على تهديد أعدائها بالدمار النووي.
يلجأ البريطانيون والفرنسيون أيضًا إلى الضغط النووي. استخدم الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، تهديدًا مماثلًا مع كوريا الشمالية. لكن تصريح بوتين كان الأوضح.
هذه المخاطر الحقيقية دفعت 122 دولة في الأمم المتحدة إلى التصويت لصالح تطوير معاهدة حظر الأسلحة النووية عام 2017.
الحرب في أوكرانيا هي آخر تذكير بضرورة إزالة الأسلحة الفراغية والعنقودية والنووية، تحت رقابة دولية صارمة، فالمخاطر المتوقعة من هذه الأسلحة أكبر بكثير من السماح باستخدامها.
اقرأ أيضًا:
أين تذهب الرصاصة بعد إطلاقها في الهواء؟
ما هي أكبر قنبلة نووية صنعها الإنسان؟
ترجمة: أحمد عضيم
تدقق: سماح عبد اللطيف