ماكس هوركهايمر فيلسوف ألماني وُلِد بشتوتغارت (ألمانيا) في 14 فبراير 1895 وتوفي بنورنبيرغ في 7 يوليو 1973. عمل مديرًا لمعهد البحوث الاجتماعية في الفترة 1930-1941 ثم في الفترة 1950-1958، حيث طوّر النظرية النقدية، التي كانت حركة أصيلة متعددة الاختصاصات، دمجت الفلسفة السياسية القائمة على الماركسية بالتحليل الاجتماعي والثقافي القائم على البحث التجريبي.
درس هوركهايمر الفلسفة في جامعة فرانكفورت حيث نال درجة الدكتوراه سنة 1922، وسنة 1930 عُيِّن مديرًا لمعهد الجامعة المؤسَّس حديثًا، المُخصص للبحوث الاجتماعية، بعد أن قضى أربع سنوات يعمل مُحاضِرًا في الفلسفة الاجتماعية في نفس الجامعة.
جذب المعهد -تحت إدارة هوركهايمر- عددًا من الفلاسفة وعلماء الاجتماع الموهوبين، منهم ثيودور أدورنو (1903-1969) وإريك فروم (1900-1980) وليو لوينتال (1900-1993) وهربرت ماركوز (1898-1979) وفرانز نيومان (1900-1954)، وقد عُرفوا جميعًا -إلى جانب هوركهايمر- باسم مدرسة فرانكفورت.
عمل هروكهايمر أيضًا محررًا لمجلة المعهد «مجلة البحوث الاجتماعية» التي نشرت دراسات مبتكرة في الفلسفة السياسية والتحليل الثقافي بين عامي 1932 و1941.
في سنوات المعهد الأولى، وصف ماكس هوركهايمر برنامجه بأنه «مادي متعدد الاختصاصات»، فحدد هدفه بالجمع بين فلسفة التاريخ المستندة إلى الماركسية والعلوم الاجتماعية، خصوصًا الاقتصاد والتاريخ وعلم الاجتماع وعلم النفس الاجتماعي والتحليل النفسي، فكانت النتيجة هي «النظرية النقدية» التي ستوضح بجلاء مختلف أشكال السيطرة الاجتماعية، التي بها حاولت الرأسمالية -بتوجيه الحكومة- تخفيف الصراع الطبقي بدمج الطبقة العاملة في نظام اقتصادي مهيمن على الجميع.
لم تتم أول دراسة أجراها المعهد في هذا المجال «السلطة والعائلة»، إذ سيطر النازيون على الحُكم فأجبروا معظم أعضاء المعهد على الهجرة من ألمانيا سنة 1933، فسافر هوركهايمر إلى نيويورك وأعاد تأسيس المعهد ومجلته في جامعة كولومبيا.
في العقود اللاحقة، سعى هوركهايمر لإبقاء شعلة النظرية النقدية متقدة، بكتابة عدد من المقالات المنهجية للمجلة، كان أكثرها تأثيرًا «التقاليد والنظرية النقدية» (1937)، التي بيّن فيها الاختلاف بين ما عدَّه الاتجاه المنصاع -اجتماعيًا- للفلسفة السياسية التقليدية والعلوم الاجتماعية، وبين نوع النقد الماركسي الذي فضّله المعهد.
فالمقاربات التقليدية -وفقًا لهوركهايمر- قانعة بوصف الأعراف الاجتماعية الموجودة كما هي تقريبًا، وبذلك يكون لتحليلها تأثير غير مباشر في نظام العقوبات -قانونيًا- وفي الممارسات الاجتماعية الظالمة سواء أكانت طبيعية أم غائية (هادفة)، في حين تكشف النظرية النقدية -بفهمها الدقيق للسياق التاريخي والاجتماعي الأكبر لطريقة عمل هذه الأعراف- ادعاءات النظام الخاطئة للشرعية والعدالة والحقيقة.
حُلَّ المعهد سنة 1941 بعد مواجهته مصاعب مالية، وانتقل هوركهايمر إلى لوس أنجلس، حيث اشترك مع أدورنو في دراسة مؤثرة تابعت صعود الفاشية والأنظمة الشمولية الأخرى وأرجعتها إلى تصور عصر التنوير للمنطق الذرائعي، وكانت الدراسة بعنوان «جدلية التنوير» (1947).
عكس تشاؤم الدراسة الخسائر التي منيت بها الحركات الاجتماعية التقدمية في أوروبا منذ أوائل الثلاثينيات، وظهرت نسخة مبسطة من حجة الكتاب سنة 1947 أيضًا بعنوان «كسوف العقل»، وبعدها بثلاث سنوات عاد هوركهايمر إلى فرانكفورت، فأعاد تأسيس المعهد ثم أصبح -أخيرًا- رئيس الجامعة.
بيّنت أعمال ماكس هوركهايمر الأخيرة إعجابه الدائم بالفيلسوف الألماني آرثر شوبنهاور (1788-1860) وبفلسفة الدين، إذ شعر هوركهايمر أن تشاؤم فلسفة شوبنهاور الاجتماعية عكست -بأمانة- إمكانيات اليوتوبيا الضائعة أكثر مما فعلت النظريات الاجتماعية المتفائلة التي ظهرت بعد الحرب.
اقرأ أيضًا:
السيرة الشخصية للفيلسوف الألماني فريدريك إنجلز
الفيلسوف الأمريكي هربرت ماركوزه: سيرة شخصية
ترجمة: الحسين الطاهر
تدقيق: أكرم محيي الدين