يسعى فريقٌ دوليّ من علماء الفيزياء لاختبار فرضيّات “مُقدّسة” حول البروتونات- إحدى اللبنات الأساسيّة التي يتكوّن منها الكون- ونتائج هذه الدّراسة يمكن أن تجبر المؤلّفين إلى إعادة كتابة الكتب المدرسيّة في الفيزياء النّوويّة.
التّجارب التي تجري حاليًّا في الولايات المتّحدة، تهدف إلى إثبات قُدرة البناء الخاصّ بالبروتونات على التّغيّر داخل نواة الذّرّة في ظلِّ ظروفٍ معيّنة. وفي حال تمّ إثبات ذلك، فمجموعة كبيرة من التّجارب ستكون في طريقها إلى إعادة التّقييم.
يقول توماس أنتوني، أحد الباحثين من جامعة أديلايد في أستراليا: “بالنّسبة لكثيرٍ من العلماء، إنّ الفكرة القائلة بأنّ البناء الدّاخليّ للبروتونات قد يتغيّر في ظلّ ظروفٍ معيّنة، قد تبدو غير منطقيّة بعض الشّيء وزائِفة، وبالنّسبة لآخرين من أمثالي، الدّليل على هذا التّغيير الدّاخليّ مطلوبٌ إثباته جدًّا، وسوف يُساعد على تفسير بعض التّناقضات في الفيزياء النّظرية”.
لكن ماذا يعني بالضّبط أنّ البروتونات تُغيّر بنائها الدّاخليّ؟ حسنا، بالنّسبة لحياتنا اليوميّة، ذلك لا يعني الكثير. ولكن ذلك تترتب عليه آثار كبيرة في مجالات الفيزياء النّوويّة والنّظريّة. ولكي نفهم لماذا، نحتاج أوّلًا إلى فهم ممّا تتكوّن البروتونات؟
بينما هي إحدى أصغر اللبنات التي يتكوّن منها الوجود، فهي أيضًا مكوّنة من جسيمات أصغر، ومعروفة باسم الكواركات، والتي تجمعها سويًّا الغولونات (Gluons).
فَهمنا الحاليّ هو أنّ البروتونات داخل نواة الذّرة، لها نفس بناء البروتونات الحرّة بالضّبط. لكن هذا الافتراض لا يتناسب تمامًا مع الكروموديناميكا الكمّيّة (QCD)؛ النّظريّة التي تصف التّفاعلات بين الكواركات والغولونات، مبنيّة على ضرورة خضوع البروتونات داخل نواة الذّرّة نظريًّا للتّغييرات تحت مستويات طاقة معيّنة.
حتّى الآن، كان من المستحيل إلى حدٍّ كبير اختبار ما إذا كان ذلك هو الحال أم لا. ولكن بفضل المعدّات الجديدة في “كليّة توماس جيفرسون الوطنيّة للتّسريع” في فيرجينيا، ذلك سيكون على درب التّغيير.
قال توماس: “من خلال إطلاق شعاع من الإلكترونات في نواة الذّرّة، يمكنك قياس الفرق في طاقة الإلكترونات المنتهية التي تمثّل حالة التّغيّر . ونحن نحرز بعض التّوقّعات القويّة إلى حدٍّ ما حول ما سوف تُظهره نتائج تلك الاختبارات، ونأمل في الوصول إلى قياسٍ نهائيّ”.
استعدادًا للتّجارب الأولى، قام توماس وفريقه بنشر توقعاتهم في “رسائل العرض الفيزيائيّ” (النّسخة الكاملة في أرشيف)، حيث أوضحوا في المنشورات ما يلي: “سواء أكانت صحيحة أو خاطئة، النتائج سوف تكون صفقة ضخمة لفهمنا لبعض إحدى أهمّ اللبنات الأساسيّة في الكون، ونأمل أن تؤدّي إلى فهم أفضل للفيزياء التي تُحرّك التّفاعلات بين كلّ شيء من حولنا”.
قال توماس: “نتائج تلك التّجارب مهمّة للمجتمع العلميّ، وتُمثّل حصة علميّة كبيرة، ويمكن أن تمثّل نموذجًا جديدًا للفيزياء النوويّة”.