قد ينتشر عدد من الفيروسات مثل زيكا وفيروس حمى غرب النيل بواسطة لدغات البعوض الذي يحملها. وتحدثت Medical News Today مع الخبراء لمعرفة: هل بإمكان البعوض أيضًا حمل ونقل كوفيد-19 أو لا؟
وإذا لم تنقله الآن، فهل بإمكانها نقله مستقبلًا؟
تنتشر فيروسات زيكا وحمى الضنك وغرب النيل عبر لدغات البعوض المصاب. ونظرًا لأن عددًا من الفيروسات قد تنتقل عبر لدغات البعوض، فقد يتساءل الناس: هل ينتشر كوفيد-19 بالطريقة نفسها أيضًا أو لا؟
تستند جميع البيانات والإحصائيات إلى البيانات المتاحة للنشر، لذلك قد تكون بعض المعلومات قديمة، لذا فعلى الأشخاص زيارة مركز كوفيد-19 للحصول على أحدث المعلومات حول جائحة كوفيد-19.
هل ينشر البعوض كوفيد-19؟
الجواب هو «لا» وفقًا للدكتور دانيال ماركوفسكي، المستشار الفني للجمعية الأمريكية لمكافحة البعوض.
إذ قال: «لا يوجد دليل على أن البعوض قد يحمل كوفيد-19 وينقله».
أوضح الدكتور ماركوفسكي -من أجل فهم الآليات التي تمنع البعوض من حمل ونشر كوفيد-19- إنه من المهم فهم كيفية نقل البعوض للفيروسات أو الجزيئات الفيروسية.
وأضاف قائلًا: «عادةً يجب أن تتغذى البعوضة أولًا على عائل مصاب ينتشر ما يكفي من الفيروس في دمه لتكون هناك كميات صغيرة منه تتناولها في أثناء وجبتها».
«ثانيًا، يجب أن ينجو الفيروس من المعي المتوسط للحشرة، التي لديها مجموعة من الاستجابات المناعية المشابهة لاستجاباتنا. فلا يبقى على قيد الحياة داخل المعي المتوسط للبعوض، بل يحتاج إلى التكاثر والارتباط في نهاية المطاف بمواقع المستقبلات على جدار المعي المتوسط، والمرور عبر هذا الحاجز إلى تجويف جسم البعوض».
شرح الدكتور ماركوفسكي أنه فور دخول الفيروس إلى تجويف الجسم، سيحتاج إلى تجاوز الجهاز المناعي للبعوض، وشق طريقه إلى الغدد اللعابية للحشرة مع الاستمرار في التكاثر.
يُضيف: «والآن مع وجبة الدم التالية، يمكن نقله إلى عائل جديد في أثناء تغذي البعوضة. ومثلما ترون فهي رحلة طويلة ومعقدة إلى حدٍ ما يقوم بها كل فيروس للانتقال من عائل إلى آخر عبر لدغات البعوض. ولم تتطور العديد من الفيروسات على مدى آلاف السنين لإتمام هذه الرحلة بنجاح، وهذا هو السبب في أن العديد من الفيروسات مثل: الإنفلونزا، وكوفيد-19، وجدري القرود ليست فيروسات ينقلها البعوض».
نشر فريق من الباحثين في يوليو 2022 بما في ذلك الدكتور ستيفن هيغز -نائب الرئيس المساعد للأبحاث ومدير معهد أبحاث الأمن الحيوي في جامعة ولاية كنساس- دراسةً وجدت أنه حتى في ظل الظروف القاسية، فإن كوفيد-19 لم يتكاثر داخل البعوض. وبسبب هذا، صرح الباحثون بأن البعوض لن يكون قادرًا على نقل الفيروس إلى الناس حتى لو تغذوا على شخص مصاب بالفيروس.
صرح الدكتور هيغز: «لم نتوقع قط أن الفيروس قد يصيب البعوض؛ لأن كوفيد-19 -ولسببٍ ما- لا يصيب البعوض أو مفصليات الأرجل الأخرى».
«ما فعلناه في بحثنا الأصلي هو حقن الفيروس في البعوض. ونعلم أنه بهذا الأسلوب يمكن أحيانًا إصابة بعوضة مقاومة بفيروس لا يصيبها في العادة. وحتى مع هذا النهج غير الطبيعي، فإن الفيروس لم يصب البعوض أو يتكاثر فيها».
هل يحمل البعوض كوفيد-19؟
سُئل الدكتور هيغز عن حمل البعوض للفيروس مع ظهور متغيرات جديدة منه بسبب الطفرات داخله، فصرح قائلًا: «لا أظن ذلك حقًا لأنني لا أظن أن هذه التغييرات قد تحول فيروسًا لا يصيب البعوض إلى فيروس يصيب البعوض».
ووضح قائلًا: «منذ سنوات، أثبتنا أن تغيرًا واحدًا فقط في الأحماض الأمينية لفيروس الشيكونغونيا قد يجعله أكثر عدوى للبعوض، ولكن هذا كان لفيروس أصاب البعوض بالفعل».
كان الدكتور ماركوفسكي أكثر حذرًا بقليل في تنبؤاته، ولكنه اتفق مع الدكتور هيغز عامةً قائلًا: «عندما تقول شيئًا قد لا يحدث أبدًا، ربما يحدث! ومع ذلك، أظن أنه من غير المرجح أن ينقل البعوض كوفيد-19 في المستقبل. فعدد الطفرات التي يجب أن تحدث للسماح بهذه العملية سيجعلها غير محتملة إحصائيًا. وإذا كان هناك دليل على أن هذا ممكن حقًا، أظن أننا كنا سنراه منذ فترة طويلة مع فيروسات أخرى مثل: الإنفلونزا، وشلل الأطفال، وما إلى ذلك».
هل يزيد كوفيد-19 خطر الإصابة بالفيروسات التي ينقلها البعوض؟
وجد باحثون من جامعة كونيتيكت في يونيو 2022 أن بعض الفيروسات مثل زيكا وحمى الضنك قد تغير رائحة جلد الشخص المصاب بها، وهذا ما يجعلها أكثر جذبًا للبعوض والحشرات للدغها، فيصاب الشخص بالعدوى، وربما تنقل الفيروس إلى أشخاص آخرين.
هل سيحدث هذا مع كوفيد-19؟
حتى إذا لم يصب البعوض بالفيروس، فهل يصبح الشخص المصاب بـه أكثر عرضة للدغ من بعوضة مصابة بفيروس ينقله البعوض مثل زيكا؟
قال الدكتور بينغوا وانغ – الأستاذ المساعد في قسم علم المناعة في جامعة كونيتيكت وعضو من فريق البحث: «لقد أظهرت بعض الدراسات أن مرضى كوفيد-19 يطلقون مزيجًا مميزًا من الجزيئات».
ويوضح: «قد تكون بعض هذه المركبات طاردة للبعوض، في حين قد يكون بعضها جاذبًا. فلا نعرف على وجه اليقين أن مرضى الفيروس يمكنهم جذب المزيد من البعوض لنشر الفيروسات الأخرى التي ينقلها البعوض. وعلى حد علمي، لا توجد مثل هذه الدراسة الرسمية المتاحة، على الرغم من أنني سمعت من قلة من القراء حول مقالتي يقولون إن كوفيد-19 يجذب البعوض».
ويضيف: «السبب هو أن تلك الفيروسات المنقولة بالبعوض قد تطورت مع البعوض والبشر، وبتلك العملية التطورية، طورت استراتيجيات مثل التأثير على الحيوانات البكتيرية للعائلين المصابين؛ للمساعدة في بقائهم على قيد الحياة، وأن كوفيد-19 والفيروسات الأخرى التي لا تنتقل عن طريق البعوض من غير المرجح أن تتمتع بهذه المزايا التطورية».
كيف يحمي الناس أنفسهم من الفيروسات التي ينقلها البعوض؟
قال الدكتور ماركوفسكي إن أفضل طريقة لمنع لدغات البعوض هي وضع مادة طاردة شخصية. ووضح قائلًا: «توجد عدة أنواع من المواد الطاردة للحشرات متوفرة في السوق، ولتحديد العنصر الذي يفضله الشخص، فسيحتاج إلى قراءة الملصق وتحديد المكون النشط المناسب».
وأضاف: «عادةً ما يعني التركيز الأعلى للمكوِّن النشط فترة حماية أطول من لدغات البعوض. ومع ذلك، لا يوصى باستخدام أكثر من 30٪ من المادة ديت DEET».
بالإضافة إلى استخدام طارد البعوض، اقترح الدكتور هيغز تغطية الذراعين والساقين لتقليل الجلد الظاهر الذي قد يتغذى عليه البعوض. ونصح بتجنب الذهاب إلى الأماكن التي يوجد بها الكثير من البعوض أو الخروج في الأوقات التي يعض فيها مثل أمسيات الصيف.
«إذا كان الشخص يعيش في منطقة فيها الكثير من البعوض، فيجب عليه محاولة التخلص من الأشياء التي قد يتكاثر فيها، خاصةً بالقرب من المنزل أو حتى في المنزل مثل أصيص النباتات المليئة بالماء أو أي أشياء قديمة يتجمع فيها الماء، والتأكد من وجود ستائر على النوافذ».
اقرأ أيضًا:
هل يؤثر لقاح كوفيد-19 في الدورة الشهرية للنساء؟
دواء أزيثرومايسين وكوفيد-19: هل يفيد المرضى؟ وما خطر مقاومة المضادات الحيوية؟
ترجمة: سميرة طارق غزولين
تدقيق: هادية أحمد زكي