يُعرف الفشل التنفسي بنقص الأوكسجين أو ارتفاع ثنائي أوكسيد الكربون في الجسم، وقد يكون حادًا أو مزمنًا، وله أسباب كثيرة. ويعد الفشل التنفسي الحاد خطرًا مهددًا للحياة يتطلب التدخل الفوري. وتعد هذه الحالة حالةً طارئةً في أغلب الأحيان، توجد الاتصال بالإسعاف أو الاتجاه إلى أقرب مستشفى عند الشعور بالأعراض.
كيف يعمل جهازنا التنفسي؟
يشبه التنفس رحلة ركاب يسافرون من الهواء إلى الأنسجة، تنتقل جزيئات الأوكسجين إلى الرئتين عند الشهيق كالركاب القادمين إلى المطار، ثم تصل جزيئات الأوكسجين إلى الحويصلات الهوائية الصغيرة في الرئتين كما البوابات في المطار، وتعبر بعد ذلك إلى الدم لتنتقل إلى وجهتها النهائية في الأنسجة (كالأعضاء والعضلات).
بعد تسليم الكريات الحمراء للأوكسجين في الأنسجة، تلتقط غاز ثنائي أوكسيد الكربون منها، وهو غاز ضار بجسم الانسان، ويجعل نقل الأوكسجين صعبًا إذا تراكم بكميات كبيرة في الجسم. يعود الدم بعد ذلك إلى الرئتين للتخلص من غاز ثنائي أوكسيد الكربون، ثم يُطرد خارجًا عن طريق عملية الزفير.
وصول الأوكسجين إلى وجهته النهائية ضروري لاستمرار الحياة، ففشل أي جزء من هذه العملية لن يُبقِ ما يكفي من الأوكسجين للحفاظ على صحة الأنسجة.
ما أنماط الفشل التنفسي؟
قد يحدث الفشل التنفسي فجأة (حالة حادة) أو تدريجيًا مع مرور الوقت (حالة مزمنة). ويوجد نمطان شائعان منه: النمط الأول هو الفشل التّنفسي الناتج عن نقص تركيز غاز الأوكسجين، والنمط الثاني هو الفشل التّنفسي الناتج عن زيادة تركيز غاز ثنائي أوكسيد الكربون. تشمل الأنماط الأخرى كلًا من الفشل التّنفسي المتعلق بالجراحة (الفشل التنفسي الجراحي) ويمثل النمط الثالث، والفشل التنفسي الناجم عن الصدمة يمثل النمط الرابع.
الفشل التّنفسي الناتج عن نقص الأوكسجين
ينتج عن عدم توفر كمية كافية من الأوكسجين في الدم، أو ما يسمى بنقص أكسجة الدم، وتُعد الأمراض القلبية والرئوية أشهر أسبابه.
الفشل التّنفسي الناتج عن زيادة ثنائي أوكسيد الكربون
ينتج عن وجود كمية كبيرة من غاز ثنائي أوكسيد الكربون (CO2) في الدم، إذ تزداد صعوبة نقل الأوكسجين عندما يفشل الجسم في التخلص من غاز ثنائي أوكسيد الكربون، وذلك لعدم توفر عدد كافٍ من الكريات الحمراء الشاغرة لنقله.
ومن أشهر أسبابه الأمراض القلبية والرئوية والعضلية والعصبية (أمراض الدماغ والحبل الشوكي)، وقد تسببه أيضًا بعض الأدوية.
الفشل التنفسي الجراحي
يحدث الفشل التّنفسي الجراحي عند إجراء عملية جراحية، فقد يحول التخدير دون التنفس الصحيح، وقد تتقلص الحويصلات الهوائية في الرئتين أحيانًا فتمنع وصول الأوكسجين إلى الدم.
الفشل التنفسي الناجم عن الصدمة
تُعرف الصدمة بأنها حالة تؤدي إلى انخفاض ضغط الدم، وتجمع السوائل في الرئتين، بالإضافة إلى اضطرابات أخرى قد تسبب الفشل التنفسي. قد تنجم الصدمة عن تعفن الدم (إنتان الدم) أو أحد الاضطرابات القلبية (كالذبحة الصدرية) أو النزيف الدموي الحاد.
ما أعراض الفشل التنفسي؟
تعتمد أعراض الفشل التنفسي على سبب حدوثه، وقد تشمل الأعراض التالية:
- صعوبة في التنفس أو الشعور بالعجز عن الحصول على ما يكفي من الهواء.
- التنفس السريع.
- التعب الشديد.
- زيادة ضربات القلب أو خفقان القلب.
- نفث الدم.
- التعرق الزائد.
- البشرة الشاحبة.
- تغير لون الجلد أو الشفتين أو الأظافر إلى الأزرق أو البنفسجي.
- الصداع.
- الرؤية المشوشة.
- الاضطرابات السلوكية أو عدم التصرف كالمعتاد.
ما أسباب الفشل التنفسي؟
ينتج الفشل التنفسي عن عائق يمنع الحصول على الأوكسجين أو التخلص من غاز ثنائي أوكسيد الكربون من الدم، وتشمل أسبابه:
- نقص تدفق الهواء أو الدم إلى الرئتين.
- انسداد الرئتين أو تشوهاتهما أو وجود السوائل فيهما.
- العجز عن التنفس الصحيح أو بعمق كافٍ، وقد يحدث ذلك بسبب اضطراب رئوي ما، أو خلل في عمل الأعصاب أو العضلات التنفسية، أو نتيجة لإصابات ورضوض الصدر.
- خلل في تدفق الدم عبر أجواف القلب.
عوامل خطر الفشل التنفسي
من عوامل الخطر التي تزيد من حدوث الفشل التنفسي:
- اضطرابات الرئة وأمراضها، ويشمل ذلك متلازمة الضائقة التنفسية الحادة (ARDS)، وداء الانسداد الرئوي المزمن (COPD)، والتهاب الرئة، والربو، والانسداد الرئوي، والصمة الرئوية، وتليف الرئة.
- أمراض القلب والدورة الدموية، كتشوهات القلب الخلقية، وفشل القلب، والصدمة.
- الحالات التي تؤثر في الأعصاب والعضلات التنفسية، وتشمل الضمور العضلي، والتصلب الجانبي الضموري (ALS)، والجنف الشديد، ومتلازمة غيلان باري (Guillain Barre).
- أذيات الصدر أو الحبل الشوكي أو الدماغ (كالسكتة الدماغية).
- التدخين أو التعرض للمواد المهيجة للرئة، كالأبخرة الكيماوية، والغبار، والهواء الملوث.
- الجراحة التي تتطلب التخدير.
- سوء استخدام الأدوية أو الكحولية المفرطة.
- العمر، إذ يعد حديثو الولادة، وخاصة الأطفال الخدج، وكبار السن ممن تزيد أعمارهم عن 65 عامًا من الفئات الأكثر عرضة للإصابة بالفشل التنفسي.
تشخيص الفشل التنفسي
يشخص الطبيب الفشل التنفسي عن طريق فحص كمية الأوكسجين وثنائي أوكسيد الكربون في الدم، إذ يقيس ضغط الدم ويستخدم جهازًا صغيرًا (جهاز قياس نسبة الأوكسجين في الدم، أو مقياس الأكسجة النبضي) بوضعه على الإصبع لمعرفة تركيز الأوكسجين في الدم (وهو اختبار روتيني سهل)، ويصغي إلى القلب والرئتين ويجري فحصًا سريريًا عامًا. وقد يحتاج إلى إجراء اختبارات إضافية إذا شك بالفشل التنفسي، ومنها:
- تحليل غازات الدم الشرياني (ABGs): باستخدام إبرة لأخذ عينة من الدم الشرياني من المعصم أو الذراع أو الفخذ، ثم قياس مستويات الأوكسجين وثنائي أوكسيد الكربون في العينة.
- اختبار وظائف الرئة (PFT): إذ يطلب من المريض التنفس عبر أداة مخصصة لتقييم أداء الرئتين.
- التصوير الطبي: باستخدام الأشعة السينية أو التصوير المقطعي المحوسب، ومع إنها لا تشخص الفشل التنفسي مباشرة، فقد تساعد على معرفة سببه.
- تخطيط القلب الكهربائي (EKG): يهدف هذا الاختبار لتقييم الحالة القلبية التي قد تسبب الفشل التنفسي.
تدبير الفشل التنفسي وعلاجه
يعتمد علاج الفشل التنفسي على سببه وشدته، إذ يقوم على إزالة السبب وتوفير المزيد من الأوكسجين، أو استخدام التهوية الآلية (التنفس الاصطناعي).
ويعد الفشل التنفسي الحاد حالة طارئة يجب تدبيرها فورًا، بينما يمكن علاج الفشل التنفسي المزمن الطفيف في المنزل عادة.
وتتضمن العلاجات الخاصة للفشل التنفسي ما يلي:
- التهوية الآلية: استخدام جهاز التنفس الاصطناعي وأنبوب يُدخل إلى مجرى الهواء لتحريك الهواء عبر الرئتين.
- العلاج بالأوكسجين: باستخدام جهاز يزود المريض بأوكسجين إضافي باستخدام قناع تنفسي أو أنبوب صغير، والتزود بالأوكسجين ممكن في المنزل أو في المستشفى.
- الأكسجة الغشائية خارج الجسم: إذ يستخدم الأطباء جهازًا خارجيًا يؤدي وظيفة الرئتين لزيادة مستويات الأوكسجين في الدم وإزالة غاز ثنائي أوكسيد الكربون منه.
- السوائل: يستخدم الطبيب السوائل الوريدية لتحسين تدفق الدم في الجسم لتصل كميات إضافية من الأوكسجين إلى الأنسجة.
- العلاج الجذري: أي بعلاج سبب الفشل التنفسي وإزالته.
هل يمكن تجنب الفشل التنفسي؟
ليس بإمكاننا تجنب الفشل التنفسي على الدوام، ولكن تخفيف خطر الإصابة بالفشل التنفسي المزمن ممكن بمعالجة الاضطرابات القلبية والرئوية والعصبية القائمة.
هل يمكن البقاء على قيد الحياة بعد الإصابة بالفشل التنفسي؟
الفشل التنفسي حالة خطيرة جدًا بحسب شدته وما قد يسببه، ومع إن الكثير من أسباب الفشل التنفسي الحاد قابلة للعلاج، فقد يكون قاتلًا إذا تأخر العلاج، إذ تحدث الوفاة بنسبة واحد من كل ثلاثة أشخاص ينقلون إلى المستشفى نتيجة الفشل التنفسي الحاد.
اقرأ أيضًا:
تستطيع الخنازير التنفس من خلال مؤخرتها، فهل يستطيع البشر؟
نقص تأكسج الدم: الأسباب والعلاج
ترجمة: إيمان مشماشي
تدقيق: أنس الرعيدي
مراجعة: محمد حسان عجك