عندما تدخل أدوية العلاج الكيميائي الجسم، تتعرف أجهزة التحسس (الاستشعار) في الجهاز الهضمي والدماغ عليها بمثابة مادة غريبة. ويحفّز الدواء بتفاعل معقد لسلسلة من الإشارات بين الدماغ والفم والمعدة والأمعاء الدقيقة ومجرى الدم “مركز القيء” في الدماغ، إذ يُطلَق العديد من المواد الكيميائية بما فيها السيروتونين والمادة P ( مركب عديد الببتيد ذو سلسلة قصيرة يعمل بمثابة ناقل عصبي)، ما يحرض الفعل المنعكس ل الغثيان والقيء ، وبهذه الطريقة يحاول الجسم التخلص من المادة الغريبة.
يعاني بعض المرضى من الغثيان والقيء المرتبط بالعلاج الكيميائي (CINV) خلال الساعات القليلة الأولى من تلقيه، ويطلق الأطباء على ردة الفعل هذه “الغثيان والإقياء الحاد”. قد لا يشعر المرضى بأية أعراض يوم العلاج ولكنهم يصابون بالغثيان والقيء بعد عدة أيام وتدعى هذه الحالة ” الغثيان والإقياء المتأخر”.
لذلك عليك ألا تعتبرها أعراضًا مستقلةً عن العلاج، بل عليك استشارة الطبيب عندما تختبر هذه الأعراض، بغض النظر عن وقت حدوثها. قد يعاني بعض المرضى من هذه الأعراض قبل بدء الاستجابة للعلاج، ويشار إليها باسم “الغثيان والقيء الاستباقي”، وقد تؤدي مشاهدة أو سماع أو شم روائح العلاج أحيانًا إلى حدوث رد الفعل هذا.
علاج الغثيان والقيء:
تقوم شركات الأدوية بتطوير أدوية مضادة للغثيان منذ 40 عامًا، يُعطى بعضها وريديًا بينما تتوفر أدوية أخرى على شكل حبوب أو شراب أو رقعة جلدية أو تحميلة (كبسولة ناعمة مخروطية أو أسطوانية تحتوي على مادة تذوب في المستقيم).
بعد العلاج الكيميائي، قد تُعطى أيضًا أدويةً مضادة للغثيان لأخذها إلى المنزل، ومن المهم معرفة مواعيد وطريقة تناولها. ولمنع الغثيان والإقياء الناجم عن العلاج الكيميائي (CINV) صُممَت بعض الأدوية التي يجب تناولها لعدة أيام، سواء كنت تشعر بالغثيان أم لا، بيما توجد أدوية أخرى تؤخذ فقط عند الشعور بالغثيان.
عمومًا، تُصنَف الأدوية المضادة للغثيان بالشكل التالي:
الستيروئيدات القشرية
على غرار الهرمونات الطبيعية كالكورتيزول، تُستخدَم الستيرويدات القشرية على نطاق واسع لمعالجة الـ(CINV)، ويمكن دمج الستيروئيدات القشرية مثل الديكساميثازون مع أدوية أخرى مضادة للغثيان لتحقيق الفائدة القصوى.
(مضادات السيروتونين – Serotonin antagonists)
تمنع هذه الأدوية وصول الإشارات المحرضة للقيء إلى الدماغ.
يستمر (البالونوسيترون – Palonosetron) (Aloxi) في العمل لعدة أيام بعد حقنة واحدة، إذ يعالج الغثيان والقيء الحاد والمتأخر.
تشمل مضادات السيروتونين الأخرى (الأوندانسيترون – ondansetron) (زوفران – Zofran وغيرها)، و(الجرانيسيترون – granisetron ) و(الدولاسيترون – dolasetron ) (أنزيميت – Anzemet)، والتي يمكن إعطائها على شكل حبوب أو حقن.
يتوفر كل من الـ(أونداستيرون – Ondansetron) والـ(جرانيسيرون – granisetron) بشكل شراب، ويتوفر الأونداستيرون بأقراص تذوب في الفم والتي تفيد بشكل خاص الأشخاص الذين يعانون من صعوبة في البلع أو لتخفيف الشعور بالغثيان.
مضادات الدوبامين
يُستَخدم الـ(ميتوكلوبراميد – Metoclopramide ) (ريجلان – Reglan وغيرها) والـ(بروكلوربيرازين – prochlorperazine ) لعلاج الغثيان والإقياء الذي لا يستجيب للأنواع الأخرى من الأدوية.
مثبطات (NK-1)
وهي أحدث فئة من الأدوية المثبطة للـ(CINV)، يُستخدَم (أبيربيتانت – Aprepitant) (إيماند – Emend وغيرها) عند احتمالية تسبيب العلاج كيميائي للغثيان والإقياء الحاد أو المتأخر، ويتوفر بشكل كبسولة، ويؤخَذ قبل جلسة العلاج الكيميائي وبعدها خلال يومين، ويمكننا حقن (فوسابريبيتانت ديميجلومين–fosaprepitant dimeglumine ) (إيماند- Emend) وريديًا إذ يتحول داخل الجسم إلى (أبريبيتانت – Aprepitant).
الكانابينويدات (مادة القنب الفعالة؛ مادة مخدرة) تحتوي هذه الأدوية على العنصر الخام النشط الموجود في الماريجوانا. وقد وصف الأطباء أقراص (مرينول – (Marinol (درونابينول – dronabinol وغيرها) كأدوية مضادة للقيء.
وافقت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية عام 2006 على أقراص (نابيلون – nabilone) المثبطة للـ(CINV) لدى مرضى السرطان غير المعالجين بمضادات غثيان أخرى. كما الماريجوانا؛ يهدئ (يسكن) كل من النابيلون والدرونابينول الجسم ويغيران في المزاج.
معالجة دوار الحركة (دوار السفر)
مثل (القنب – cannabinoids)، يأتي السكوبولامين على شكل رقعة توضع على الجلد خلف الأذن، ويمكن استخدامه لعلاج الـ(CINV).
الأدوية المضادة للقلق ( المهدئات)
تستخدم الأدوية مثل (اللورازيبام – lorazepam ) (أتيفان – Ativan وغيرها) لتهدئة المرضى، وللمساعدة في منع الغثيان والإقياء، وتعطى وريديًا أو على شكل حبوب. ولتجنب الإدمان على هذه الأدوية، يجب وضع جدول دقيق تلتزم به مع طبيبك أو ممرضتك.
مضادات حموضة المعدة
يوجد نوعين منها، مثبطات مضخة البروتون ومضادات مستقبلات الهستامين (H2)، والتي تستطيع إيقاف إنتاج حمض المعدة، ما يقلل من عسر الهضم والحرقة التي قد تؤدي إلى الغثيان والقيء.
يمكن شراء جميع هذه الأدوية دون وصفة طبية، وتكون غالبًا متاحةً بأقل تكلفة، ومنها (أوميبرازول – omeprazole ) (بريلوسيك – Prilosec وغيرها)، (لانسوبرازول – lansoprazole ) (بريفاسيد – Prevacid وغيرها)، (بانتوبرازول – pantoprazole ) (بروتونيكس – Protonix وغيرها)، (السيميتيدين – cimetidine ) (تاجاميت – Tagamet وغيرها)، (فاموتيدين – famotidine ) (ببسيد – Pepcid وغيرها) و(رانيتيدين – ranitidine ) (زانتاك – Zantac وغيرها).
بالإضافة إلى المعالجة الطبية للغثيان والقيء، يمكنك القيام بما يلي للتخفيف هذه الأعراض:
الأكل والشرب ببطء؛
- حاول أن تتناول وجبات صغيرة على مدار اليوم بدلًا من وجبات الإفطار والغداء والعشاء الكبيرة.
- تجنب السكريات والطعام المقلي والدسم؛ بالإضافة إلى الابتعاد عن الأطعمة ذي الرائحة القوية وذلك بتناولها باردة أو بدرجة حرارة الغرفة.
- ارتدي ملابس فضفاضة لا تشد أو تضغط على جسمك.
- اغسل فمك دومًا للتخلص من أي مذاق سيء؛
- استخدم محلولًا يحتوي ربع لتر من الماء العادي ونصف ملعقة صغيرة من ملح الطعام ونصف ملعقة صغيرة من الصودا (الخميرة).
- تناول الزنجبيل للمساعدة في تخفيف الغثيان؛
- قد يكون شرب الشاي بالزنجبيل فعالًا، وكذلك مصاصات أو قطرات (سائل محلى) الزنجبيل.
- تأكد من شربك كميةً كافية من السوائل، خاصة التي تحوي شوارد مهمة مثل مشروب (الغاتوريد – Gatorade) و(البيديالايت – Pedialyte)، وهي مشروبات دون وصفة طبية تُستخدَم للأطفال الرضع والبالغين، ولكن إن لم تكن قادرًا على شرب ما يكفي من الماء والسوائل الأخرى، فقد يصف لك طبيبك السوائل الوريدية.
اقرأ أيضًا:
علاج السرطان: تقنية جديدة قد تستبدل العلاج الكيميائي
لماذا يسبب العلاج الكيميائي للسرطان تساقط الشعر؟
كيف يتسبب العلاج الكيميائي في انتشار سرطان الثدي في الرئتين؟
العلاج الكيميائي بعيدًا عن الأساطير والخرافات
هل من الممكن استبدال العلاج الكيميائي بحمية خاصة ؟
ترجمة: وفاء ابو الجدايل
تدقيق: فارس سلطة