العلماء يصورون لأول مرة جسيمًا في حالة دوران شديد السرعة! تخيل أنك تحاول تصوير حدث انتهى خلال 125 تريليون جزء من الثانية. إنه شيء لطالما حلم علماء الفيزياء الجزيئية به، ويبدو أنهم حققوه أخيرًا. تمكن فريق دولي من العلماء من أربع مؤسسات مختلفة من تصوير حالة دوران شديد السرعة لجزيء، باستخدام نبضات ضوء ليزر مضبوطة بدقة. وقال عالم الفيزياء الجزيئية إيفانجيلوس كاراماتسكوس من مركز ديزي (أكبر مركز لتسريع الإلكترونات في ألمانيا): «سجلنا فيلمًا جزيئيًا عالي الدقة عن الدوران فائق السرعة لكبريتيد الكربونيل كمشروع رائد.
يشير مستوى التفاصيل الذي استطعنا تحقيقه إلى أنه يمكن استخدام طرقنا في إنتاج أفلام إرشادية حول ديناميكية العمليات والجزيئات الأخرى». يمثل الفيديو أدناه 651 صورة، تم تجميعها بالتتابع لتغطية دورة ونصف لجزيء كبريتيد الكاربونيل. المنتج النهائي عبارة عن فيلم يتكون من 125 بيكو ثانية للجزيء، وقد أُجري إبطاؤها لتستمتع بمشاهدتها.
لا يمكن إنكار جمالها، لكن اللقطات تكون أكثر روعة عندما تفهم ما الذي تنظر إليه تحديدًا. عندما تكون المادة في حالة غازية، تكون الجزيئات متباعدة نسبيًا وبالتالي فهي حرة للخضوع للدوران حول محاورها، هذا الدوران يخضع لقواعد ميكانيكا الكم.
باعتباره غازًا بسيطًا ومشتقًا من الكبريت، فإن كبريتيد الكاربونيل الموجود على شكل قضيب -والذي تتكون جزيئاته من ذرة أكسجين واحدة وذرة كربون واحدة وذرة واحدة من الكبريت- يعتبر نموذج تدوير مثالي. ولكن يقول رئيس فريق البحث الفيزيائي يوتشين كوب يجب ألا تفكر في أن هذا الجزيء يدور كالعصا.
يوضح كوبر الذي يعمل في جامعة هامبورغ ومركز ديزي: «العمليات التي نلاحظها هنا تحكمها ميكانيكا الكم، وفي هذا المجال، تتصرف الأجسام الصغيرة جدًا مثل الذرات والجزيئات بشكل مختلف عن الأشياء اليومية في محيطنا».
لا يمكن تحديد موضع وزخم الجزيء في وقت واحد بأعلى درجات الدقة؛ يمكنك فقط تحديد احتمالية وجود الجزيء في مكان معين في وقت معين. حتى عندما يشير الجزيء إلى اتجاهات متعددة في نفس الوقت، فإن لكل منها احتمال مختلف وفقًا لقوانين ميكانيكا الكم.
يقول الباحث الجزيئي أرنود روزي من معهد ماكس بورن في برلين: «هذه هي بالضبط تلك الاتجاهات والاحتمالات التي صورناها تجريبيًا في هذه الدراسة. على الرغم من أن هذه الصور الفردية تبدأ في التكرار بعد حوالي 82 بيكو ثانية، يمكننا استنتاج فترة دوران جزيء كبريتيد الكاربونيل».
للحصول على جزيئات غاز تتحرك في انسجام تام، استخدم الفريق لأول مرة نبضتين من ضوء ليزر أشعة تحت الحمراء، وضُبطت بدقة مع بعضها البعض بحيث تنبض كل 38 بيكو ثانية.
تضمنت الخطوة التالية بعد ذلك نبضة ليزر أخرى ذات طول موجي أطول، استُخدمت لتحديد موضع الجزيئات على فترات تبلغ حوالي 0.2 بيكو ثانية. كانت العملية برمتها عملًا مضنيًا، لأن هذه النبضة الأخيرة تدمر الجزيئات. لذلك، تمثل كل لقطة تجربة جديدة بالكامل تبدأ من جديد.
يأمل المؤلفون أن تساعدهم التقنية الجديدة في دراسة الجزيئات والعمليات الأخرى، مثل الالتواء الداخلي الذي يحدث في الجزيئات أو المركبات اللولبية؛ وهي مركبات موجودة في شكلين كل منهما صورة طبق الأصل عن الآخر.
يلخص الفريق في دراستهم: «علاوة على ذلك، فإن الدرجة العالية جدًا من المحاذاة الخالية من الحقول التي تحققت هنا ستكون مفيدة للغاية في دراسات الكيمياء التجسيمية وكذلك في تجارب تصوير الإطار الجزيئي».
نُشر البحث في مجلة Nature Communications.
اقرأ أيضًا:
النجم النيوتروني – نجم ذو كتلة ضخمة جدًا وحجم صغير !
ترجمة: بيتر نبيل
تدقيق: سلمى توفيق
مراجعة: تسنيم المنجد