إنه ليس سرًا أن أدوية الاكتئاب لا تعمل دائمًا، وأن دراسة حديثة لعلماء فى اليابان قد منحتنا إطارًا جديدًا كي نفهم سبب ذلك.
الاكتئاب –(الاضطراب الاكتئابي الرئيسي – MDD)- يصيب حوالي 300 مليون شخص حول العالم، ولكن على الرغم من العدد الهائل من المصابين بهذا المرض، فهناك عدد كبير لا نعرف سببًا لإصابتهم بهذا المرض أو ما يسبّبه.
وبالحديث عن العلاج، فإن واحدة من أكثر القضايا المشهورة أن أكثر أنواع مضادات الاكتئاب شيوعًا وهو (Selective serotonin reuptake inhibitors SSRIs) غير فعّال في علاج حوالي 30 % من المرضى.
الآن، بحث جديد قد يأخدنا إلى نقطة أقرب نحو فهم السر وراء عدم فعّالية هذا النوع من مضادات الاكتئاب في علاج الكثير من المرضى، بالإضافة إلى مساعدتنا في تشخيص وعلاج هذه الحالة بدقة كبيرة.
يقول عالم الأعصاب الحاسوبية كينجى دويا Kenji Doya من معهد أوكيناوا للعلوم والتكنولوجيا: «لقد خُمِّنَ دائمًا أن هناك أنواعًا مختلفة من الاكتئاب وأنهم يؤثّرون في فعّالية الدواء المستخدم في علاجهم».
«لكن ليس هناك إجماع».
عادةً، الاكتئاب يُكتَشَف عن طريق تقييم يقوم به الأطباء الممارسون، لكن لأن هذا ليس الطب الكامل والصحيح، ففي السنوات الأخيرة يبحث العلماء لإيجاد العلامات الحيوية المحتملة للاكتئاب. واحدة من هذه الطرق لفعل ذلك هي دراسة نشاط المخ وفحص (إشارات الرنين المغناطيسي الوظيفية – fMRI).
وفي الدراسة الجديدة لإيجاد طريقة لتحليل وتصنيف الأنواع المحتملة والمختلفة للاكتئاب، قام الدكتور دويا وفريقه بتحليل جماعي (نشاط جماعي مبني على البيانات) في نطاق من بيانات صحّية من 134 فردًا.
نصف المشتركين في هذه الدراسة لديهم اكتئاب، بينما النصف الآخر ليس لديهم تاريخ مع هذه الحالة، وهم الذين قاموا بدور مجموعة الضبط في هذه التجربة.
سجّل الباحثون بعض المعلومات من هذه المجموعة، مثل بيانات الرنين المغناطيسي، معلومات التعبير الجيني، ردّهم على استبيانات عن نظام نومهم، حالاتهم العقلية، وأوجه أخرى عن تاريخ حياتهم.
بكل هذه البيانات في أيديهم، أدار الباحثون هذا التحليل مراقبين الأنواع المختلفة من العلاقات، والتي من الممكن أن تشير إلى أنواع فرعية من الاكتئاب عن طريق أكثر من 3000 خاصية تم تسجيلها في قاعدة البيانات، وهو نوع من التحليل قال الفريق أنه لم يتم أبدًا.
يفسّر المبتكر الأول لهذه الدراسة، عالم الاستاتيكا توموكي توكادا: «التحدي الرئيسي لهذه الدراسة هو تطوير أداة ثابتة لانتزاع المعلومات المتعلّقة بالأمر من أجل جمع مجموعات متشابهة من الأشخاص معًا».
وباستخدام أداة تحليل مختصة من أجل فحص البيانات ذات الأبعاد العالية، والتي تحتوي على أنواع مختلفة من الخواص التي قام الفريق بتطويرها العام الماضي، عرّف الفريق الأنواع الفرعية من الاكتئاب، وهى (D1) ،(D2) ،(D3) .
و بناءً على النتائج، فإن الأشخاص المصابين بالنوع D1 من الاكتئاب يتميّزون بتوصيل دماغي عالٍ وبتجربة مريرة في الطفولة.
على النقيض، فإن المشتركين المصابين بالنوع D2 لديهم توصيل دماغي عالٍ ولكن لم يمرّوا بتجربة مريرة في طفولتهم.
أخيرًا، فإن النوع D3 يعكس أشخاصًا لديهم توصيل منخفض في المخ وليس لديهم تجربة مريرة في الطفولة.
هذا التحليل الجماعي أظهر أن SSRIS فعّالة مع الأشخاص المصابين بالنوعين: (D2) و(D3)، لكن مع هؤلاء المصابين بالنوع (D1)، والذين يتميّزون بتوصيل دماغي عالٍ وبتجربة قاسية في الطفولة، لا يكون فعّالًا.
لقد علم الباحثون أنه سوف يتطلّب دراساتٍ أكثر وأعدادًا أكبر من المشاركين لإثبات هذه النتائج، لكن المنهجية التي قاموا باتباعها من الممكن أن تشكّل دليلًا جديدًا لمساعدة باحثي الصحة لفهم تعقيدات مرض الاكتئاب.
شرح دويا: «هذه هي أوّل دراسة لتعريف الأنواع الفرعية من الاكتئاب من تاريخ الحياة، وبيانات الرنين المغناطيسي».
«إنها تعطي أملًا واعدًا للعلماء الدارسين للنواحي البيولوجية العصبية لمرض الاكتئاب، والتي سوف تساعدهم في بحثهم».
- نتائج البحث قد نشرت في: https://www.nature.com/articles/s41598-018-32521-z
- ترجمة: نسمة عادل
- تدقيق: علي فرغلي
- المحرر: ماتيو كيرلس
- المصدر