من الواضح أن مستقبل الذكاء الاصطناعي سيتخذ مسار فيلم (Blade Runner) لا فيلم (robot).
قام باحثون في (معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا – Caltech) بتكوين شبكة عصبية اصطناعية مكونة بالكامل من مواد عضوية مصنعة، ومن المتوقع أن تقوم نسخة أخرى أكثر تطورًا من تلك الشبكة بمهام مثل تشخيص الأمراض واتخاذ القرارات وحتى صياغة ذاكرتها الخاصة.
أما في الوقت الحالي، فهي قادرة على تصنيف الأرقام المكتوبة بخط اليد، كما هو موضح في دراسة نشرت في مجلة (نيتشر – Nature).
وكما هو الحال مع جميع الشبكات العصبية، فإنها تحاكي العمليات التي تحدث بشكل طبيعي في الدماغ البشري.
وصرح (لولو كويان – Lulu Quian)، الأستاذ المساعد في الهندسة الحيوية في جامعة كاليفورنيا في بيان له: « يمتلك كل إنسان أكثر من 80 مليار خلية عصبية في الدماغ وبها يتخذ قرارات متطورةً للغاية، بينما يمكن للحيوانات الأصغر مثل الديدان المستديرة أن تتخذ قرارات أبسط باستخدام بضع مئات من الخلايا العصبية فقط».
«وقد قمنا في هذا العمل بتصميم دوائر كيميائية حيوية تعمل كشبكة صغيرة من الخلايا العصبية لتصنيف المعلومات الجزيئية بشكل أكثر تعقيدًا مما كان متاحًا من قبل».
وعلى عكس الغالبية العظمى من الشبكات العصبية، فقد تم تطوير هذه الشبكة الاصطناعية في أنبوب اختبار مصنع من الحمض النووي، ويشبه (الحساء الذكي– Smart Soup).
لماذا الحمض النووي؟
لأنه يتم بناء سلاسل مفردة من الحمض النووي من نفس الجزيئات الأربعة (النيوكليوتيدات) A ، T ، C ، و G وهذا يجعل التنبؤ بتفاعلاتها أسهل وأبسط سواء كانت أو لم تكن قد تطورت بشكل طبيعي أو تم بناؤها في مختبر.
لإثبات أن الذكاء الاصطناعي يمكن برمجته في الدوائر الجزيئية الحيوية، قام الفريق باختبار تحدي الكتابة اليدوية؛ وهو اختبار أصعب مما يبدو عليه بفضل الاختلافات العديدة وفي بعض الأحيان عدم وضوح الكتابة اليدوية البشرية.
بدلًا من استخدام “الكتابة اليدوية المرئية”، استخدم الفريق تقنية تسمى “الكتابة اليدوية الجزيئية”، ما يعني أن الكتابة لا تأخذ أشكال أرقام أو أحرف، بل عوضًا عن ذلك، يتكون كل رقم جزيئي واحد من 20 شريط DNA منفرد، كل منها يتم اختياره من 100 جزيء تمثل وحدات بكسل مختلفة في أي نمط 10 × 10، والتي تم خلطها معًا في أنبوب اختبار.
الشبكة العصبية قادرة على تحديد الرقم الجزيئي كواحد من تسعة أرقام بين 1 و 9.
تم اختبار الشبكة العصبية لأول مرة على نموذج بسيط يتطلب فقط الفصل بين رقمين: 6S و 7S ، باستخدام أسلوب يدعى “الفائز يأخذ كل شيء” ونوع من جزيء الحمض النووي الملقب “المدمر”، نجحت بشكل مميز في تحديد 36 من أصل 36 من الأرقام المكتوبة بخط اليد.
وقد أوضح المؤلف الأول وطالب الدراسات العليا (كيفين شيري – Kevin Cherry) أن: «المدمر يشكل مركبًا مع جزيء واحد من منافس واحد وجزيء واحد من منافس مختلف ويتفاعل لتشكيل الأنواع الخاملة وغير المتفاعلة»، «كما يقضي المدمر على جميع جزيئات المنافسين حتى يتبقى نوع منافس واحد فقط، وبعد ذلك يتم استعادة المنافس الفائز إلى تركيز عال وينتج إشارة فلورية تشير إلى القرار النهائي للشبكات».
يتبع ذلك الترقية إلى نموذج أكثر تطورًا؛ يطلب فيه من الشبكات أن ترتب تسعة أرقام بين 1 و 9، وكما هو الحال في المرات السابقة، كان ذلك الأمر ناجحًا.
في حين أنه قد يلزم بعض الوقت قبل أن نرى أي شيء في غموض فيلم (Blade Runner) إلا أنه يمكن أن يمهد الطريق لمستقبل يأخذ فيه الذكاء الاصطناعي أدوارًا عضويةً أكثر.
وأضاف تشيان: «على الرغم من أن العلماء بدأوا للتو فقط في استكشاف الذكاء الاصطناعي في الآلات الجزيئية، فإن إمكاناته لا يمكن إنكارها».
«على غرار الطريقة التي جعلت بها أجهزة الكمبيوتر والهواتف الذكية الالكترونية البشر أكثر قدرةً من 100 سنة مضت، يمكن للآلات الجزيئية الاصطناعية أن تصنع كل الأشياء المصنوعة من الجزيئات، بما في ذلك حتى الطلاء والضمادات التي تكون أكثر قدرةً وأكثر استجابةً للبيئة في 100 سنة قادمة».
- ترجمة: علي كريمة
- تدقيق: أحلام مرشد
- تحرير: تسنيم المنجّد
- المصدر