انضم إلى عائلة الجسيمات الافتراضية المعروفة باسم التتراكواركات فرد جديد يُسمى Tcc+، ويعد أول تتراكوارك يحتوي على اثنين من الكواركات الثقيلة واثنين من مضادات الكواركات الخفيفة، وهو أطول الجسيمات المكتشفة عمرًا حتى الآن.
صرح ممثلو شركة LHCb التعاونية في مصادم سيرن الكبير للهادرونات الأسبوع الماضي، في مؤتمر الجمعية الفيزيائية الأوروبية المنعقد في ألمانيا حول فيزياء الطاقة العالية (فيزياء الجسيمات)، الذي شارك في استضافته كل من جامعة هامبورغ ومسرع ديزي.
يعد الكوارك اللبنة الأساسية لبناء المادة، وطرح جورج زفايغ وموري غيلمان نموذج الكواركات لأول مرة في 1964. تتمتع الكواركات بست نكهات تتباين في الكتلة والشحنة الكهربية وهي: علوي وسفلي وغريب وساحر وقعري وقمي (على الترتيب من الأخف إلى الأثقل) فضلًا عن نظائرهم من الكواركات المضادة، وعادة ما يتحد الكوارك مع كوارك أو كواركين آخرين ليُكوِّنوا الهادرونات، إذ يربطهم ببعضهم جسيم يسمى غلوون، وهو المسؤول عن القوى النووية القوية، وتعد أيضًا الباريونات هادرونات تضم تحتها بروتونات ونيوترونات الذرة؛ وتتألف النيوترونات والبروتونات من ثلاثة كواركات؛ أما الهدرونات المعروفة بالميزونات فتتألف من ثنائيات الكوارك- كوارك مضاد.
فكر في الكواركات على أنها لبنات لعبة ليغو للعالم ما دون الذري؛ إذ تمتزج وتتراكب بطرق مختلفة لتُكوِّن بنًى أكثر تعقيدًَا.
ظن غيلمان احتمالية وجود هادرونات افتراضية تتكون من 4 أو حتى 5 كواركات، لكن اقتصر وجود تلك الهادرونات على الحيز النظري فحسب؛ ويُعزى ذلك إلى اضمحلال الجسيمات الثقيلة الافتراضية إلى جسيمات ثانوية مستقرة في غضون أجزاء من الثانية، إذ تظهر تلك الجسيمات الثانوية في عدادات مسرع الجسيمات، وتعادل الجسيمات الناتجة الجسيمات الثقيلة التي تسبقها في السمات المميزة، لكن يتعذر تعيين تلك السمات جراء الضوضاء التي يصدرها طوفان البيانات في المصادم.
عثر الفيزيائيون اليابانيون على أول دليل معملي على تيتراكوارك في 2003، ومن هنا شهد الجسيم انطلاقته، إذ ضمت عائلة التتراكواركات المزيد والمزيد من الأفراد الجدد؛ مثالًا على ذلك، أكد فيزيائيو LHCb اكتشاف التتراكوارك (Z(4430 في عام 2014، وكان هذا عقب سنوات من أول اكتشاف له عبر كاشف بيل في مُسرع الجسيمات الياباني كيك بي.
وفي 2016 عثر فريق من الفيزيائيين يحلل بيانات مسرع تيفاترون المغلق حاليًا التابع فيرميلاب ما بين عامي 2002-2011 على تتراكوارك جديد وأُطلق عليه (X(5568 وكان الأغرب من نوعه إذ يتكون من 4 نكهات مختلفة وهي علوي وسفلي وغريب وساحر.
في العام الماضي، أعلنت «سيرن» عن إضافة أفراد جدد إلى عائلة التتراكواركات المتنامية: مجموعة من اثنين من الكواركات الساحرة واثنين من الكواركات الساحرة المضادة التي ألفت تتراكواركًا ضخمًا، كان أول جسيم مكتشف من نوعه يحتوي على أكثر من ثلاثة كواركات من نفس النوع من الكواركات، وكان أول تتراكوارك يتألف برمته من كواركات أثقل من المعتاد، ويسبق هذا بعام اكتشاف تعاون LHCb اثنين من البنتا كوارك، ما يؤكد ذاك الاكتشاف في عام 2019، فضلًا عن اكتشاف بنتا كوارك ثالث.
يواصل التترا كوارك وجوده لكوانتليون جزء من الثانية أي قبلما ينحل إلى زوج من الميزونات، التي تتألف كل واحدة منهما من كوارك ثقيل وكوارك مضاد خفيف يجعله في الطليعة على إخوته من جهة العمر؛ إذ يصل عمر هذا التترا كوارك إلى 10 أضعاف عمر إخوته، ويعزى ذلك الاستقرار النسبي إلى بنيته غير العادية، إذ يتكون من كواركين ساحرين ثقيلين وكواركين مضادين خفيفين، وهو ما يطلق عليه الفيزيائيون تتراكوارك «السحر المزدوج»، ما يجعل التتراكوارك هذا أثقل بقليل؛ ما ينتج عنه من ميزونات ثانوية، ومن ثم تضمحل على نحو أبطأ بقليل، وساعد العمر الأطول نسبيًا الفيزيائيين في قياس كتلة التتراكوارك بدقة متناهية الذي يظهر كذروة كبرى في البيانات.
يقرّبنا هذا الاكتشاف خطوة واحدة من فهم أفضلٍ للقواعد الأساسية المعقدة التي تحكم كيفية دمج هذه الجسيمات الافتراضية، ويمهد الطريق لاكتشاف مستقبلي لهادرونات افتراضية أثقل. ربما سيُكتشف تتراكوارك يحتوي على الكواركات السفلية (يطلق عليها Tbb) لا كواركات ساحرة كما سبق، التي ستحظي بعمر أطول.
حاليًا، ما تزال هناك أسئلة مهمة حول كيفية صنع هذه الجسيمات الافتراضية.
ذكر جون تيمر من آرس تكنيكا العام الماضي في تقرير: «هناك احتمالان يجب النظر إليهما: قد تتكون الجسيمات الجديدة ذات عدد كبير من الكواركات بالطريقة نفسها التي تتكون بها الجسيمات المألوفة التي تربطها الغلوونات ببعضها البعض بإحكام في جسيم واحد. وقد يتكون عدد كبير من الكواركات جراء ارتباط اثنين من الجسيمات المألوفة ارتباطًا وثيقًا، ومن ثم، يحتمل أن يكون التتراكوارك ببساطة ارتباطًا وثيقًا لزوج من الكواركات، وحينها؛ فإن البنتا الكوارك نتاج مزج ميزون ثنائي الكوارك بجسيم ثلاثي الكواركات».
قال إيفان بولياكوف، باحث ما بعد الدكتوراة في جامعة سيراكيوز وعالم الفيزياء في LHCb: «حاليًا، لم يتضح الأمر بعد، لكن لقد قسنا كتلة الذروة وعرضها بدقة شديدة، ما يدفع علماء الفيزياء النظرية إلى إجراء حسابات أكثر دقة؛ أملًا في تطوير فهم أعمق للهادرونات الافتراضية».
وفور اكتمال التحديثات الأخيرة لمكشاف LHCb، ستولد فرصة جيدة لاكتشاف المزيد من الهادرونات الافتراضية.
اقرأ أيضًا:
مصادم الهدرونات الكبير (مقالة مفصلة)
أرقام مذهلة عن مصادم الهادرونات الكبير في سيرن
ترجمة: مي مالك
تدقيق: تسبيح علي