وجد علماء الفلك ألمع جسم تم اكتشافه على الإطلاق، يبعد عنا مسافة 13 مليار سنة ضوئية، وهو كوازار من الوقت الذي كان فيه كوننا لم يتجاوز 7% من عمره الحالي.

الكوازار هو عبارة عن مجرة تدور حول ثقب أسود فائق الكتلة يتغذى على المادة بنشاط.

إن انبعاثات الضوء والراديو التي نراها ناجمة عن المادة حول الثقب الأسود والتي تعرف بـ قرص التراكم Accretion Disk.

يحتوي هذا القرص على غبار وغاز يدور في دوامات بسرعة هائلة مثل دوامات الماء، ما ينتج عنه احتكاك هائل عندما يتم سحبه بواسطة الجاذبية الهائلة في مركز الثقب الأسود.

وعندما تستهلك هذه المادة، تطلق الثقوب السوداء انبعاثات قوية من البلازما بسرعة قريبة من سرعة الضوء من مناطق الهالات للغازات الساخنة الدوامة فوق وتحت قرص التراكم.

هذه الانبعاثات ساطعة للغاية في طيف الترددات الراديوية، وكانت هذه الإشارات صادرةً من الكوازار المكتشف حديثًا واسمه P352-15؛ تم التقاطه بواسطة مصفوفة التليسكوب الراديوي الأساسي الطويل جدًا (Very Long Baseline Array ) VLBA.

يقول عالم الفيزياء الفلكية إدواردو بانيادوس Eduardo Bañados من معهد كارنيجي للعلوم في كاليفورنيا: «هناك قلة من الأجسام المعروفة الباعثة للموجات الراديوية القوية في السنوات الأولى من عمر الكون، وهذا هو أسطع كوازار راديوي في تلك الحقبة بعامل 10».

وأظهرت ملاحظات مصفوفة التلسكوب الراديوي الأساسي الطويل جدًا أن الكوازار ينقسم إلى ثلاث مكونات مميزة، ولهذا يوجد تفسيران محتملان:

الأول هو أن الثقب الأسود في طرف، والمكونين الآخرين هما جزءان من انبعاث واحد.

أما الاحتمال الثاني هو أن الثقب الأسود في الوسط والانبعاثات على الجانبين.

وفقًا للتلسكوبات البصرية التي تظهر الكوازرات في الضوء المرئي؛ فإن موقع الثقب الأسود يتموضع في أحد الأطراف، ما يجعل التفسير الأول هو الأكثر احتمالًا.

وهذا يعني أنه من خلال دراسة وتحليل جزأي الانبعاث قد يتمكن علماء الفلك من قياس مدى سرعة انتشاره.

وقال عالم الفضاء إيمانويل مومجيان Emmanuel Momjian : «قد يكون هذا الكوازار هو أبعد الأشياء التي يمكن أن نقيس لها سرعة مثل هذه الانبعاثات».

من ناحية أخرى، إذا تبين أن الثقب الأسود في المركز، فهذا يعني أن الانبعاثات أصغر بكثير، ما يدل على أنه جرم أصغر عمرًا بكثير أو أنه جسم متضمن في المواد الكثيفة التي تبطئ الانبعاثات.

يجب إجراء المزيد من الأبحاث لتحديد أي من السيناريوهين صحيح. في هذه الأثناء لا يزال P352-15 جرمًا ذا قيمة عالية للدراسة.

على الرغم من أنه ليس قديمًا مثل كوازار J1342 + 0928 الذي اكتشف أيضًا من قبل فريق بقيادة بانيادوس عندما كان الكون في عمر 5% فقط من عمره الحالي، لكن يمكن استخدام ضوء الكوازارات لدراسة الوسط بين المجرات، لأنه أثناء رحلة الضوء الطويلة إلى الأرض يتغير طيف الضوء عند مروره بالهيدروجين.

في الآونة الأخيرة تم استخدام الكوازار بهذه الطريقة تمامًا للعثور على المادة الباريونية المفقودة من الكون في الفضاء بين المجرات، حيث أن الكوازار P352-15 لديه إمكانات كبيرة كأداة من هذا القبيل.

وقال عالم الفيزياء الفلكية كريس كارلي Chris Carilli: «نحن نرى P352-15 كما كان عندما كان عمر الكون أقل من مليار سنة.

هذا الوقت قريب من نهاية الفترة التي كانت فيها النجوم والمجرات الأولى تعيد تأين ذرات الهيدروجين المتعادلة التي سادت الفضاء بين المجرات. قد تسمح لنا المزيد من الملاحظات باستخدام هذا الكوازار كمصباح “خلفية” لقياس كمية الهيدروجين المتعادل المتبقي في ذلك الوقت.

إن سطوع الكوازار ومساحته الكبيرة تجعل منه أداةً فريدةً لدراسة الظروف والعمليات التي كانت سائدةً في المجرات الأولى في الكون».


  • إعداد: سرمد يحيى
  • تدقيق: أحلام مرشد
  • تحرير: أحمد عزب
  • المصدر