كُشف عن غيوم من الإلكترونات تتراقص في الفضاء العميق، ما يُظهر ظواهر كونية مختلفة عن أي شيء رآه علماء الفلك من قبل يشبه هذه الأشباح الراقصة في الفضاء، ويمكن أن تكشف عن معلومات جديدة حول سلوك الثقوب السوداء الفائقة، والبيئة المعقدة بين المجرات.
اكتشف علماء الفلك أنها ناتجة عن رياح بين ثقبين أسودين فائقين نشطين على مسافة نحو مليار سنة ضوئية، وقد سُميا PKS 2130-538، وما يزال هناك الكثير من الغموض حولهما. في حين أن هذه “الأشباح” والمجرتين الراديويتين اللتين يُعتقد أنهما مسؤولتان عن تكوينهما لم يشاهد لهما من قبل أي ملاحظات سابقة في وجود مثل هذه التكوينات المتألقة.
قال عالم الفيزياء الفلكية راي نوريس من جامعة ويسترن سيدني و CSIRO في أستراليا: «عندما رأينا “الأشباح الراقصة” لأول مرة، لم تكن لدينا أي فكرة عما هي عليه».
وأضاف: «بعد أسابيع من العمل، اكتشفنا أننا نشاهد مجرتين مضيفتين على بعد نحو مليار سنة ضوئية. يوجد في مركزهما ثقبان أسودان فائقا الكتلة، ينفثان دفعات من الإلكترونات التي تنحني بعد ذلك إلى أشكال غريبة بواسطة الرياح المجرية».
وأردف نوريس: «الاكتشافات الجديدة تثير تساؤلات جديدة وهذا ليس بالشيء الجديد. ما زلنا لا نعرف من أين تأتي هذه الرياح؟ ولماذا هي متشابكة للغاية؟ وما الذي يسبب انبعاث تيارات راديوية؟ من المحتمل أن يستغرق الأمر وقتًا طويلًا عبر الملاحظات والنمذجة وذلك قبل أن نفهم أيًا من هذه الأشياء».
كانت هذه الأشباح الغريبة واحدةً فقط في مجموعة دفينة صنعتها مصفوفة التلسكوبات الراديوية الأسترالية (ASKAP)، جزءًا من المسح التجريبي لخريطة الكون (Evolutionary Map of the Universe).
هذا بالضبط ما أُنجز العام الماضي، إذ رُصد وجود ما يُعرف بالدوائر الراديوية الفردية، أو ORCs، التي تبدو أنها دوائر عملاقة للانبعاثات الراديوية من بعد مليون سنة ضوئية، وتحيط بالمجرات البعيدة. وما زلنا لا نعرف ماهيتها.
حتى الآن، جمعت الدراسة الاستقصائية التجريبية لاتحاد الدراسات الأوروبي فهرسًا يضم نحو 220000 مصدر مختلف من أنواع الانبعاثات الراديوية، ولم يستطيعوا تحديد -في كثير من هذه الحالات- ماهية الانبعاثات الراديوية ORCs.
قال نوريس: «لقد وجدنا مفاجآت في أماكن اعتقدنا أننا نفهمها. بجوار مجرة IC5063 المدروسة جيدًا، وجدنا مجرة راديوية عملاقة، وهي واحدة من أكبر المجرات المعروفة، التي لم يُشك حتى في وجودها. يولّد ثقبها الأسود الفائق انبعاثات من الإلكترونات يبلغ طولها نحو 5 ملايين سنة ضوئية. وتلسكوب ASKAP هو الوحيد في العالم الذي يمكنه رؤية المدى الكلي لهذا الانبعاث الخافتة».
معظم مصادر الانبعاثات الراديوية المعروفة هي من الثقوب السوداء الفائقة والنشطة في مراكز المجرات. فبينما تلتهم هذه الثقوب السوداء المادة، توجه المواد حول الجزء الخارجي من أفق الحدث على طول خطوط المجال المغناطيسي وتنطلق بعيدًا عن القطبين في شكل انبعاثات هائلة.
هذه المصادر هي الأكثر وضوحًا في سماء الإشارات الراديوية، وهذا ما تميل التلسكوبات الراديوية إلى التقاطه. بدأ ASKAP في إظهار المدى الراديوي للكون، تلك المصادر الخافتة التي لا نراها عادةً، مثل انبعاث السنكروترون من بقايا الراديو في مجموعات المجرات، وأشياء أكثر غموضًا، مثل ORCs والأشباح الراقصة.
هذا مجرد مسح تجريبي. من المتوقع أن يستمر مسح اتحاد الدراسات الأوروبي لسنوات. قال نوريس: «لقد اعتدنا على المفاجآت بينما نمسح السماء كجزء من مشروع EMU، ونبحث في الكون بطريقة أعمق من أي تلسكوب سابق». وأضاف: «عندما تذهب بجرأة إلى حيث لم يذهب تلسكوب من قبل، فمن المحتمل أن تجد اكتشافات جديدة».
اقرأ أيضًا:
انفجارات راديوية فائقة السرعة يتكرر رصدها داخل مجرة درب التبانة
الحصول على صورة نفاثات بلازمية لثقب أسود فائق الكتلة
ترجمة: أنور عبد العزيز الأديب
تدقيق: حسام التهامي