قد يكون المريخ أرضًا قاحلةً وجرداء الآن، ولكن ظهرت أدلة جديدة تشير إلى أنه لم يكن كذلك من قبل، وقد يكون بسبب تغيّرات أحوال المناخ -ربما موسميًا- ومن المرجح أنها أفضت إلى ظهور حياة على كوكب المريخ.
يشير نمط من الأشكال السداسية في حفرة غيل إلى تاريخ دورة متكررة من الظروف الرطبة والجافة، ما سمح بجفاف المعادن بين فترات الرطوبة لخلق تكوينات محددة تحجّرت لاحقًا إلى صخور.
يكتب فريقٌ بقيادة الجيوكيميائي ويليام رابين من جامعة بول ساباتيه الفرنسية: «لاحظنا ظهور حواف مضلّعة غنية بالكبريت، متصلة بتفرعات على شكل حرف Y، التي تركت تشققات تكوّنت في الطين بسبب دورات متكررة من الرطوبة والجفاف بشدة منتظمة. بدلاً من النشاط الهيدرولوجي غير المنتظم الناتج عن بعض التأثيرات أو البراكين، فإن نتائجنا تشير إلى وجود مناخٍ مستدامٍ ودوري وربما موسمي على المريخ في وقتٍ مبكر».
تتجاوز تبعات ذلك ما هو أكثر تشابهًا مع مناخ الأرض. فهي تؤكد مجموعة الأدلة التي تشير إلى أن الظروف على المريخ كانت في مرحلة مبكرة مواتيةً لظهور الكيمياء الحيوية التي تعدُّ الأساس الجزيئي للحياة.
ونظرًا لعدم تجدُّد سطح المريخ بفعل النشاط التكتوني، فإنه يحتفظ بسجل جيولوجي شامل لتاريخ المريخ، يعود تاريخه إلى ما يصل 4.3 مليار سنة. في هذا السجل، وجدنا أدلة وفيرة على ماضٍ رطبٍ من بحيرات وأنهار ومحيطات تلمع عبر سطح المريخ منذ عصور طويلة.
يصعب جمع المعلوماتٍ عن مناخ المريخ في الفترة المبكرة، لكن أظهر رابين وفريقه أن ذلك ممكن إذا كنت تعرف كيف تنظر. ولاحظ الفريق على أرضية حفرة غيل -حيث تستكشف العربة كيريوسيتي- سلسلةً من أنماط السداسيات المحفوظة بشكلٍ جيّدٍ في الصخور الرسوبية الغنية بأملاح الكالسيوم والمغنيسيوم، التي يعود تاريخها إلى 3.6-3.8 مليار سنةٍ مضت، متداخلةً مع فترتين زمنيتين تعرفان باسم النواخيان والهيسبيريان.
نحن نعلم -استنادًا إلى ما نراه هنا على الأرض- أنواع العمليات التي يمكن أن تُنتِج هذه الأنماط في حوضٍ جاف. وبعد دراسة الخيارات، استنتج الباحثون أن التفسير الأكثر احتمالًا هو جفاف الطين المبلل.
ولم تجف مرةً واحدة أيضًا، إذ إن الطين المبلل الذي يجف مرةً واحدةً يتكسر على شكل تقطعاتٍ بشكل حرف T، والمزج الذي يحدث عبر دورات التجفيف المتكررة هو ما يؤدي إلى تشكُّل تقطعاتٍ بشكل حرف Y، ما ينتج عنه في النهاية نمط سداسي.
تتركز الأملاح في هذه الصخور ذات التقطعات أكثر من الصخور العميقة، ما يشير إلى أن الملح تَرَسَّبَ هناك على الأرجح بواسطة مياهٍ مالحةٍ تتغلغل في الطين، ثمَّ تبخرت تاركةً الملح وراءها.
أخيرًا، يشير سُمك الصخور ذات التقطعات إلى استمرار الظروف المتكررة من الرطوبة والجفاف في المريخ لفترةٍ طويلةٍ تُقدَّر بآلاف أو ربما مئات السنين.
ليس لدينا حتّى الآن أدلةٌ على وجود الحياة الميكروبية على المريخ، ولكن هذه الظروف الدورية كانت مواتيةً لتنظيم الجزيئات العضوية في مركباتٍ معقدة. نعلم بوجود جزيئاتٍ عضويةٍ على المريخ، وأنها على الأرجح منتشرةٌ في نطاقٍ واسع. ودورات الطقس هي جزء آخر من لغز القابلية للعيش.
كتب الباحثون: «إضافة الأدلة المباشرة على سلسلة من دورات التبلل والتجفيف المتكررة المقدمة هنا تدعم استنتاج أن الظروف في حفرة غيل القديمة كانت مواتية لعمليات التبلور المسبقة للبوليمرات الحياتية».
وأضافوا: «تشير نتائجنا إلى أن فترة الانتقال من فترة النواخيان إلى الهيسبيريان على المريخ قد كانت مواتيةً لظهور الحياة ربما أكثر من العصور القديمة، مع احتمالات أنها بيئة سطح مبللة ودائمة».
اقرأ أيضًا:
تعجّ الأرض ببقايا نحو 200 نيزكًا قادمًا من المريخ، فكيف وصلت إلى هنا؟!
هل ستتدفق المياه على سطح المريخ مرة أخرى في المستقبل؟
ترجمة: محمد فواز السيد
تدقيق: غفران التميمي