عند التفكير في كلمة نوبة، قد يتبادر إلى الذهن مجموعة مزعجة من التشنجات التي تجعل الشخص فاقدًا للوعي مع تشكيل خطر محتمل على نفسه حتى، لكن ليست كل النوبات على هذا الشكل.
نوبات الصرع الجاكسوني هي نوبات جزئية بسيطة لا تتطلب علاجًا في كثير من الأحيان. سنناقش في هذا المقال أعراض هذا النوع من النوبات والعلاج المتاح لها.
ما نوبة الصرع الجاكسوني؟
نوبة الصرع الجاكسوني هي نوع من النوبات الجزئية البسيطة، لا تترافق بتشنجات أو ارتعاش، وكلمة بسيطة في هذا السياق تعني أن المرضى لا يفقدون الوعي، بل يبقون مستيقظين، ويتذكر الشخص المصاب النوبة ويدرك ما حدث في أثنائها.
أما كلمة الجزئية فتعني أن الإطلاق غير الطبيعي للخلايا العصبية يحدث في جزء من الدماغ فقط، وبالتالي فإن الحركات الشاذة أو الإحساس غير الطبيعي يقتصر على جزء من الجسم فقط.
السمات المميزة لنوبة الصرع الجاكسوني هي:
- أنها تحدث في جانب واحد من الجسم فقط.
- أنها تتطور وفق نمط يمكن التنبؤ به من الإحساس بالوخز أو الضعف في إصبع ما أو في إصبع القدم الكبير أو في زاوية الفم، ثم ينتقل هذا الإحساس خلال بضع ثوانٍ إلى كامل عضلات اليد أو القدم أو الوجه، لذلك يشبه تطورها «بالمسير».
هل هي نوع جديد من النوبات؟
لا ليست كذلك، إنها نمط فرعي من النوبات الجزئية، وصفها جون هيغلينغ جاكسون أول مرة في عام 1870، وهو طبيب أعصاب إنجليزي درس بنية الدماغ ووظيفته، وبسبب ذلك اكتسبت تسميتها.
اعتبر جاكسون أن أجزاء من الجسم تمثل في أقسام منفصلة من الجهاز العصبي بما في ذلك الأجهزة الحسية والحركية. ثم أكد أطباء أعصاب آخرين صحة نظريته لاحقًا من خلال إثبات الاستثارة الكهربائية في جزء معين من دماغ الكلب، وبالتحديد في الطبقة الخارجية من الدماغ والمسؤولة عن التحكم في الحركات الإرادية والتي تسمى القشرة الحركية.
من المثير للاهتمام، أن زوجة جاكسون، إليزابيث ديد جاكسون، تعرضت لنوبة جاكسونية بؤرية قبل وفاتها بخثرة في الوريد المخي في عام 1876.
ما السمات الأخرى لنوبة الصرع الجاكسوني؟
نوبات الصرع الجاكسوني قصيرة عمومًا وخفيفة نسبيًا، وقد تكون عرضية لكنها لا تؤثر بشدة عادةً على الذين يعانونها ولا تعيق حياتهم، تأتي وتذهب، دون أن تترك اضطرابات بعدها، وقد لا يلاحظها المرضى أحيانًا.
إضافةً إلى أن فترة التخليط الذهني القصيرة التي تتلو معظم النوبات لا يحتمل أن تترافق مع هذا النوع من النوبات.
قد يعاني بعض المرضى أيضًا ظاهرةً تسمى «التلقائية»، مثل لعق الشفاه القسري، أو التحسس من الملابس، أو حركات الأصابع الإيقاعية الأخرى (النقر).
وقد يعاني البعض الآخر انعطاف الرأس وحركات العين، وتشنج العضلات، والخدر والوخز والإحساس بشيء ما يزحف على الجلد، وقد تحدث هلوسة أيضًا، التي قد تكون بصرية أو سمعية، الأمر الذي يعني أن المرضى قد يرون أو يسمعون أشياء غير موجودة.
هل ظهور الأعراض المذكورة سابقًا يؤكد الأصابة بنوبة الصرع الجاكسوني؟
لا ، لسوء الحظ لا يمكن تأكيد ذلك بسبب وجود أمراض قد تشبه نوبة الصرع الجاكسوني، الأمر الذي يسبب صعوبةً في التشخيص.
على سبيل المثال، قد يؤدي الصداع النصفي أيضًا إلى ضعف أو تغيرات في الحس في جانب واحد فقط من الجسم. وقد يعاني المرضى المصابون بالسكتة الدماغية ضعفًا في الجسم أو تنميلًا ووخزًا أيضًا.
في متلازمة الخثار المحفظي، قد يعاني المرضى المصابون أعراض نوبة الصرع الجاكسوني نفسها، مثل نوبات التنميل النمطية القصيرة التي تصعد من القدم إلى اليد على جانب واحد من الجسم.
كيف يمكن تمييز نوبة الصرع الجاكسوني عن نوبات أمراض أخرى؟
يمكن ذلك بالوصف الدقيق للأعراض، وتخطيط الدماغ الكهربائي (EEG)، وطرق تصوير الدماغ المختلفة مثل التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI)، وقد تكون مراقبة فيديو تخطيط الدماغ الكهربائي EEG مفيدة أيضًا في التشخيص.
كيف نتعامل مع نوبة الصرع الجاكسوني؟
يتنوع العلاج حسب الشدة، فقد لا تحتاج النوبة بحد ذاتها إلى أدوية مضادة للنوبات ما دامت الأعراض خفيفة جدًا وقصيرة الأمد. ومع ذلك، فإن معظم المرضى الذين يعانون نوبات الصرع الجاكسوني قد يعانون أيضًا نوبات أكثر حدة تشمل تشنجات كاملة، ما يجعل العلاج مبررًا.
قد تكون النوبات أيضًا مظهرًا لسبب كامن قد يتطلب علاجًا في حد ذاته، مثل ورم في المخ.
تشمل الخيارات العلاجية: الجراحة (إزالة الورم) أو الأدوية المضادة لنوبات الصرع الجاكسوني، وأشيع هذه الأدوية المضادة للنوبات الصرعية: الفينيتوين والكاربامازيبين وثنائي فالوبروكس الصوديوم.
ما النصائح للأشخاص القلقين من نوبات الصرع الجاكسوني؟
نوبات الصرع الجاكسوني هي نوع من النوبات التي تظهر لدى المرضى الذين يعانون صرعًا بؤريًا موضعيًا.
من الأفضل مراجعة طبيب الأعصاب أو اختصاصي الصرع عند ظهور أعراضها لدى أي شخص للحصول على تشخيص واضح، ووضع خطة علاج مناسبة.
اقرأ أيضًا:
الصرع: علاج جيني ينجح في علاج الحالة المستعصية على الأدوية
كيف تحدث نوبات الصرع ولماذا يصعب تشخيصها؟
ترجمة: حلا بلال
تدقيق: جعفر الجزيري