إذا كان الشخص أشقر ويستمتع بالسباحة في المسبح، فقد يلاحظ أن شعره يتلون باللون الأخضر بعد السباحة المتكررة في مياه معالجة بالكلور.
يحدث هذا للشعر الأشقر الطبيعي والمصبوغ. يحدث هذا في الواقع للجميع، لكنه أقل وضوحًا على الشعر الداكن وعلى الذين لا يتعرض شعرهم للتلف بسبب المعالجات الكيميائية مثل التبييض.
لكن ما الذي يسبب بالضبط هذا التلون الأخضر؟ وماذا يمكننا أن نفعل حياله؟
يلوم معظمنا الكلور في مياه حمام السباحة. ومع ذلك، على الرغم من أن الكلور يؤدي دورًا، فإنه ليس الجاني الرئيسي.
ما المواد الكيميائية في حمام السباحة التي تحول الشعر إلى اللون الأخضر؟
العنصر الذي يسبب تلون الشعر باللون الأخضر هو النحاس.
المصدر الرئيسي للنحاس هو كبريتات النحاس (CuSO₄)؛ وهو مركب يُضاف إلى حمامات السباحة لمنع نمو الطحالب؛ لأن ملامسة الطحالب للجسم قد تسبب تهيج الجلد ومشكلات في التنفس، وتناول المياه التي تحتوي على طحالب قد يؤدي إلى مشكلات هضمية خطيرة. ويكفي كمية صغيرة فقط (نحو 0.5 ملغم لكل لتر أو 0.5 جزء لكل مليون) من كبريتات النحاس لمنع نمو الطحالب.
مع ذلك، قد يتسرب أيضًا النحاس إلى حمامات السباحة عن طريق تآكل أنابيب المياه، لذا قد تكون التراكيز أعلى في بعض الأحواض.
إن لون بلورات كبريتات النحاس أخضر مزرق. لذا، عندما يتلامس الشعر مع أيونات النحاس؛ وهي صيغة مشحونة إيجابيًا من ذرة النحاس مع نقص في عدد الإلكترونات، يمتص الشعر تلك الأيونات وتسبب اللون الأخضر.
كان العلماء مذهولين من ظاهرة (شعر السباحة الأخضر) حتى في السبعينيات، لذا لدينا بالفعل بيانات بحثية تثبت أن النحاس هو السبب.
أجريت دراسة مثيرة للاهتمام في عام 1978 تجارب عن طريق غمر عينات من الشعر في ماء يحتوي على تراكيز مختلفة من أيونات النحاس والكلور وقيم pH متنوعة (محايدة وقاعدية). وأظهرت التجارب أن الشعر الذي تعرض لأيونات النحاس الحرة تحول إلى اللون الأخضر.
علاوة على ذلك، عندما يتأكسد الشعر (ما يعني إزالة الإلكترونات من بروتينات الشعر) بسبب الكلور، فإنه يُلحق فعليًا ضررًا بالشعر، ما يزيد من امتصاص أيونات النحاس. والشعر الذي يُغمر في مياه تحتوي على كلور دون أيونات النحاس لا يصبح أخضر. أما الشعر المعرض للمياه التي تحتوي فقط على أيونات النحاس دون وجود كلور، فيظهر بلون أخضر.
لذلك، لا يؤدي الكلور بذاته دورًا في تلون الشعر باللون الأخضر الذي نراه في (شعر حمام السباحة)، ولكن يزيده تفاقمًا، إذ تساهم مواد حمام السباحة بالفعل في تلون الشعر الأخضر، ولكن الكلور ليس الجاني الرئيسي.
إذًا، كيف يدخل النحاس في الشعر؟
أجرت فرق بحثية أخرى دراسات أوسع نطاقًا باستخدام أدوات متطورة مثل المجهر الإلكتروني بالمسح؛ لفهم كيفية اتصال أيونات النحاس بالشعر.
يتكون الشعر أساسًا من بروتين يُسمى الكيراتين. ويُصنف الكيراتين على أنه بروتين ليفي بنيوي، ما يعني أنه يمتلك هيكلًا ممددًا شبيهًا بالورقة.
يتكون هيكل الكيراتين من مجموعات كيميائية مختلفة (أنواع تجمعات الذرات ذات الخصائص المماثلة) مثل مجموعات الكاربوكسيل، ومجموعات الأمين، ومجموعات ثنائي الكبريتيد. وتمتلك أيونات النحاس القدرة على تكوين روابط مع هذه المجموعات، مكونةً معقد نحاس-كيراتين. ويبقى هذا المعقد في الشعر، ما يجعله يظهر بلون أخضر.
على نحو مثير للإعجاب، أظهرت الدراسة الأحدث التي أُجريت في عام 2020 أن أيونات النحاس تتفاعل تفاعلًا رئيسيًا مع مجموعات ثنائي الكبريتيد. وأظهرت أيضًا أن عناصر معدنية أخرى مثل الزنك، والرصاص، والكروم، والزئبق تتفاعل أيضًا مع الشعر بالطريقة نفسها. ويُعد هذا مفيدًا جدًا في تحليل الطب الشرعي؛ لأن علماء الطب الشرعي يمكنهم تحليل عينات الشعر لمعرفة هل تعرض الشخص لمعدن معين أم لا؟
يظهر الشعر ذو اللون الفاتح بالفعل أكثر خضرة، ولكن الأبحاث أظهرت أن الشعر التالف الناتج عن التبييض أو التصفيف أو التعرض لأشعة الشمس هو الأكثر عرضةً للتفاعل مع أيونات النحاس؛ لأن الشعر التالف يحتوي على روابط محطمة في مجموعات ثنائي الكبريتيد (الرابط الذي يجمع بين العناصر داخل هذه المجموعات يكون محطمًا)، ما يجعل من السهل على أيونات النحاس التفاعل مع الشعر.
هل يمكن منع تلون الشعر باللون الأخضر أو التخلص منه؟
لمنع تحول لون الشعر إلى اللون الأخضر في حمام السباحة، هناك خياران أساسيان. الخيار الأول هو استخدام حاجز فيزيائي مثل ارتداء قبعة السباحة. أما الخيار الثاني، فهو العلاج الكيميائي، إذ يمكن معالجة الشعر مسبقًا باستخدام شامبو قلوي، إذ أظهرت الدراسات أن أيونات النحاس لن تلامس الشعر في ظروف القلوية. ولعلاج الشعر قبل الذهاب إلى حمام السباحة، يمكن استخدام شامبو يحتوي على قيمة pH أعلى من 7 أو حتى مزج بعض بيكربونات الصوديوم مع الشامبو العادي.
لكن ما الذي يمكن فعله إذا تحول لون الشعر بالفعل إلى اللون الأخضر؟
حسنًا، يمكن محاولة غسل الشعر باستخدام شامبو مصمم لهذا الغرض، الذي عادةً ما يُسوق باسم «شامبو إزالة الكلور»، إذ تحتوي هذه المنتجات على مركب يُسمى EDTA الذي يمكنه الارتباط بأيونات المعادن (مثل النحاس)، ومن ثمّ سيزيل النحاس من الشعر.
ربما سمعت أن صلصة الطماطم أو الكاتشب هو وسيلة جيدة للتخلص من اللون الأخضر من الشعر في حمام السباحة؛ ربما لأن الصبغات الحمراء من المفترض أن «تلغي» الصبغات الخضراء. ومع ذلك، ليس لدينا أي دليل علمي يدعم هذا الأمر حتى الآن.
اقرأ أيضًا:
ما مدى أمان صبغة الشعر؟ وهل تسبب مخاطر جسيمة؟
هل ساهم الشعر المجعد في تبريد أجسام البشر الأوائل؟
ترجمة: عقيل الحسن
تدقيق: غفران التميمي
مراجعة: هادية أحمد زكي