تُصنف السكسومنيا بأنها نوع من اضطرابات النوم يحدث للأشخاص البالغين، ويكثر في الرجال مقارنةً بالنساء. يمارس فيها النائم أفعالًا جنسيةً مثل الاستمناء، أو إصدار أصوات شهوانية، أو حتى اهتزازات الانتشاء الجنسي التي تكون عادةً مصاحبة للعلاقة الحميمية.
اضطرابات النوم هي مجموعة واسعة من المشكلات التي تحدث فقط عند النوم، وتتضمن السير في أثناء النوم، الكلام في أثناء النوم، ونوبات الهلع الليلي وغيرها.
تحدث بعض هذه الاضطرابات في مرحلة مبكرة من النوم -مرحلة حركة العين السريعة (REM)- إذ يكون العقل أنشط وحركة العين أسرع، وتحدث الأحلام عادةً في هذه المرحلة، لكن يحدث بعضها في مرحلة النوم العميق (non-REM).
تحدث السكسومنيا عندما يستيقظ العقل فجأة -لكن جزئيًا- من مرحلة النوم العميق. وفقًا لتصريح الدكتور ريكسفورد موزا المختص بطب النوم، فإن الشخص سيكون عمليًا ما يزال نائمًا عندما يبدأ ممارسة الأفعال الجنسية المصاحبة للسكسومنيا، وفي حالة لم توقظه كليًّا، فإن فقدانًا جزئيًّا للذاكرة سيتكفل بمحو أحداث الليلة من دماغه.
في بحث نُشِر عام 2016، أشار الباحثون إلى أن النساء أكثر ميلًا لممارسة أشياء مثل الاستمناء في أثناء التعرض للسكسومنيا، في حين يميل الرجال لممارسة علاقة جنسية مع شريك الفراش، الذي قد يكون واعيًا تمامًا وعلى علم مسبق بحالة شريكه، أو غير واعٍ هو الآخر، ما قد يسبب مشكلات قانونية.
أسباب السكسومنيا:
الأسباب المحددة وراء اضطرابات النوم في مرحلة النوم العميق عمومًا، والسكسومنيا تحديدًا، ليست معروفة بدقة إلى الآن، غير أن دراسة النشاط الكهربي للدماغ -بواسطة تخطيط النشاط الكهربي للدماغ (EEG)- قد يعطينا فكرة جيدة عن الأسباب.
في دراسة أُجريت عام 2016 على أشخاص يعانون اضطرابات النوم الناتجة عن الاستيقاظ الجزئي للدماغ من مرحلة النوم العميق، مثل المشي في أثناء النوم ونوبات الهلع الليلي، لاحظ العلماء نشاطًا زائدًا في القشرة الحركية والقشرة الحزامية للدماغ، وهي المناطق المسؤولة عن حركة الجسم واتخاذ القرارات. ولاحظوا أيضًا خمولًا كاملًا في باقي أجزاء الدماغ كأنها في حالة النوم.
لماذا يرتكب العقل نصف النائم أفعالًا جنسية؟
وفقًا للباحثين، فإن اضطرابات النوم الناشئة عن الاستيقاظ الجزئي للدماغ عادةً ما تشمل غريزة من غرائزنا الأساسية مثل الجنس أو الأكل أو المشي أو الشعور الخوف، فتلك كلها غرائز وأفعال بدائية قد تخرج بطريقة غير لائقة في أثناء النوم.
ما الذي يحفز حدوث السكسومنيا؟
ما الذي يجعل هذه الأفعال تحدث مع أشخاص دون غيرهم؟
توضح الحالات المسجلة أن السكسومنيا تُحفز غالبًا بسبب الاستيقاظ الجزئي للدماغ، بسبب أشياء مثل حركة الشريك في الفراش، أو الشخير، أو أي ضوضاء مفاجئة، أو بسبب التغيرات المفاجئة في درجة حرارة الغرفة.
مشكلة مثل انقطاع النفس في أثناء النوم، تنشأ أصلًا عن استرخاء جزئي لعضلات الحنجرة بشكل متقطع، ما يسبب انسدادًا كليًا أو جزئيًا في ممرات التنفس، ويسبب أعراضًا مثل الاختناق واللهاث والشخير، الذي قد يكون محفزًا لاستيقاظ الدماغ جزئيًّا، ومن ثم ظهور أعراض السكسومنيا.
وفقًا لدراسة نُشرت عام 2019، فإن 80% من الأفراد الذين يعانون اضطرابات النوم التي تظهر عادةً بصورة أعراض حركية، ويتعرضون لنوع من التوتر أو الضغط، كانوا يختبرون عدد نوبات أكثر من المعتاد.
وفقًا لدراسة نُشرت عام 2023، اقترح الباحثون أن تعرض الجنود للضغط المستمر -المصاحب بطبيعة الحال للحياة العسكرية- يزيد من احتمالية تعرضهم لاضطرابات النوم في مرحلة النوم العميق عمومًا.
تشخيص السكسومنيا:
عادةً ما يكتشف الأشخاص المصابون بالسكسومنيا مشكلتهم من ملاحظة شركائهم في الغرفة لتصرفاتهم، لذلك يكون اكتشاف المشكلة أصعب على الأشخاص الذين ينامون وحدهم، ويكون الاكتشاف عادةً بواسطة ملاحظة الإصابات الناتجة من الاستمناء العنيف.
لإجراء التشخيص، يستبعد الطبيب أولًا كل المشكلات التي قد تسبب أعراضًا مشابهة للسكسومنيا، مثل الصرع وانقطاع النفس في أثناء النوم، ثم يراجع التاريخ المرضي للحالة، إذ إن الأشخاص الذين يعانون السكسومنيا يكون لديهم عادةً تاريخ من اضطرابات النوم االمصحوبة بأعراض حركية، مثل السير في أثناء النوم أو نوبات الهلع الليلي.
ثم يُجري الطبيب تخطيط نوم، وهو فحص يسجل الموجات الدماغية في أثناء النوم، ومستوى الأكسجين في الدم، ومعدل نبضات القلب، والتنفس، وحركة العين والقدم لقياس مستوى نشاط الأحلام والكوابيس لدى الشخص، وعادةً ما يكون التشخيص بهذه الطريقة أدق.
مشكلة تخطيط النوم أن النتائج قد تكون طبيعية وتشير إلى نوم جيد، لكن هذا لا ينفي التشخيص بالسكسومنيا إذا كان تاريخ النوم يؤكده.
ما العلاج؟
لا يوجد علاج نهائي للسكسومنيا، لكن توجد طرق يمكن بواسطتها إدارة المشكلة.
من طرق العلاج مثلًا، تعزيز النوم وتقليل الاستثارة. لذلك إذا استطاع الشخص النوم بشكل أعمق، فإنه يكون أقل عرضة للاستيقاظ الجزئي في أثناء النوم، ومن ثم أقل عرضة لاختبار أعراض السكسومنيا.
أيضًا قد يكون لأدوية مثل البنزوديازيبينات تأثير إيجابي في تحفيز النوم، ومن ثم جعل الاستيقاظ من النوم العميق أصعب.
أيضًا يحفز الميلاتونين النوم من دون الآثار الجانبية المصاحبة للمهدئات، مع ذلك تجب مراجعة الطبيب قبل استخدام أي أدوية.
قد تساعد تغييرات بسيطة في عادات النوم، مثل النوم في سرير أكبر أو ترك مساحة أكبر بينك وبين شريكك، ما يقلل احتمالية التلامس الذي قد يحفز نوبات السكسومنيا.
أيضًا يُنصح بتجنب النوم بجانب القُصر أو الغرباء، وتجنب الكحول والكافيين قبل النوم ببضع ساعات، إذ ثبت أن الكحول والكافيين عوامل محفزة للسكسومنيا.
قد يكون التنويم المغناطيسي فعالًا، إذ يطيل فترة النوم العميق، مع ذلك فإن مزيدًا من البحث الدقيق والموسع ما زال ضروريًا لدعم اقتراحه علاجًا.
مع أنه لا يوجد علاج نهائي للسكسومنيا، ما زال هناك أمل للمرضى. فاضطرابات النوم عادةً ما تختفي أو تقل حدتها بمرور الوقت، ويميل المرضى عادةً لتطوير استراتيجيات ذكية للتعامل معها.
اقرأ أيضًا:
هذا ما تقوله عندما تتحدث خلال نومك
صداع النوم: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج
ترجمة: محمد جمال
تدقيق: أكرم محيي الدين