يسير الضوء عبر الفضاء الخالي تمامًا بسرعة تقارب 299792458 متر/ثانية لا أكثر ولا أقل. لكن يختلف كل هذا عندما تواجه موجة كهرومغناطيسية مجالًا كهرومغناطيسيًا محاطًا بجزيئات مادة ما، أو عند الاختناق، إذ إن الضوء يتباطأ عند مروره بهذه البيئة المشوشة. بمعنى آخر، تتباطأ سرعة الضوء الإجمالية نسبيًا.
نشاهد مثل هذه الظواهر في حياتنا عند انكسار الضوء في أثناء مروره عبر الزجاج أو الماء، أو حتى في الانفصال الجميل المبهر في قوس قزح.
بينما يستطيع الفيزيائيون وصف هذا التباطؤ مستفيدين من معادلات القرن التاسع عشر الخاصة بالضوء والكهرومغناطيسية، فإنهم لم يرصدوا بعد التغيّر المفاجئ في سرعة الضوء بين الوسائط المختلفة في قياس الأمواج الفيزيائية.
توصل ثلاثة من علماء الفيزياء في جامعة تامبيري tampere إلى حل محتمل لهذه المشكلة، لكن ليس قبل إعادة فحص بعض المبادئ الأساسية المتعلقة بتدفق الأشعة الضوئية عبر الزمن وبُعد واحد من المكان.
يقول المؤلف الأول للبحث، البروفيسور ماتياس كويفوروڤا من جامعة شرق فنلندا: «وجدت طريقةً علميةً بارعةً لاشتقاق معادلة الموجة الرئيسية في البُعد 1+1. الافتراض الوحيد الذي احتجته هو أن سرعة الموجة ثابتة، ثم قلت لنفسي: ماذا لو لم تكن ثابتةً طول الوقت؟ لقد تبيّن أن هذا سؤال جيد جدًا».
إن سرعة الضوء C هي حد عالمي لسرعة الحركة عبر الفراغ. وبينما يمكن للمادة أن تُبطِّئ الرحلة الشاملة للجسيمات، فإن النظرية النسبية الخاصة تقول إن هذه الخاصية الكونية لا يمكن أن تتغير حقًا.
مع ذلك، تتطلب الفيزياء في بعض الأحيان الاستعانة بالخيال لاستكشاف مبادئ جديدة. لذا وضع كويفوروڤا بالتعاون مع طلابه كارليس روبسون وماركو أُورنيغوتي، الحقيقة المزعجة جانبًا للنظر في تداعيات معادلة الموجة القياسية، إذ يمكن لموجة ضوئية أن تتسارع عشوائيًا.
في البداية، لم يكن حلّهم منطقيًا تمامًا، لكنه أصبح كذلك بعد إضافة ثابت السرعة مرةً أخرى إطارًا مرجعيًا يجمع المبادئ معًا مثل قطع الأحجية.
أرسِل سفينةً فضائيةً إلى أعماق الفضاء بسرعة، وسوف يختبر ركابها نمطًا مختلفًا من الزمان والمكان عمّن يراقب رحلتهم من بعيد. ينشأ هذا التباين مرافقًا لمبدأ النسبية، التي تُعد بدورها النظرية التي اختُبرت بنجاح مرارًا وتكرارًا على جميع أساسيات القياس.
بواسطة تصوير الموجات المتسارعة أمام سرعة الضوء الثابتة، بدت التأثيرات الغريبة للحل الجديد للفريق لمعادلة الموجة القياسية تمامًا مثل تلك التي فرضتها النسبية. كان لتحقيق هذه النتائج تأثيرات عميقة على الجدل الدائر حول ما إذا كان زخم الموجة الضوئية يزداد أو يتناقص عند مرورها بوسط جديد.
يقول كويفوروڤا: «ما عرضناه هو أنه من وجهة نظر الموجة، لا يحدث شيء لزخمها. بعبارة أخرى، الزخم الموجي مصون».
بغضّ النظر عن ماهية الموجة، سواء كانت في مجال كهرومغناطيسي أو تموّج في بركة أو اهتزاز في خيط، يجب أن تأخذ كلها في عين الاعتبار؛ النظرية النسبية ومبدأ مصونية الزخم في المعادلة عندما تكتسب السرعة. يمتلك هذا التعميم نتيجةً مدهشةً نوعًا ما، وإن كانت مخيبةً للآمال بعض الشي.
سواء تعلق الأمر بالمسافرين الشجعان الذين يتجهون نحو alpha centauri بجزء من سرعة الضوء، وعائلاتهم التي تتقدم في العمر ببطء على الأرض، فإن أي ساعة من ساعاتهم تسير بانتظام في زمنها المناسب. قد لا يتطابق الوقتان في مدة الثانية الواحدة، لكنّ كلًا منهما يمثل مقياسًا موثوقًا لمرور السنوات داخل إطاره المرجعي.
يتجادل العلماء في فكرة أن كل الأمواج تتعرض لخاصية الوقت النسبي الطارئة، لذا فإن أي نظام فيزيائي يجب أن يحمل اتجاهًا زمنيًا صارمًا لا يمكن عكسه ببساطة لأي جزء من النظام.
حتى الآن، حُلّت المعادلات في بُعد زمني واحد للزمكان، لذا يجب إجراء التجارب لمعرفة ما إذا كان منظور الزمن النسبي سيبقى صحيحًا وفعالًا أم لا.
إذا كان الأمر صحيحًا، فإن رحلتنا الجماعية عبر الكون هي حقًا طريق ذو اتجاه واحد.
اقرأ أيضًا:
يبدو أن السفر عبر الزمن اعتمادًا على تجاوز سرعة الضوء مستحيل
السفر عبر الزمن ومشكلة التسلسل الزمني للأحداث
ترجمة: زين العابدين بدور
تدقيق: منال توفيق الضللي