كلما انحرفت الطائرة نحو الأعلى بشدة، تختبر مينكارا الجاذبية بطريقة تختلف عمّا سبق. وقالت مينكارا: «تشعر أن ضغطًا كبيرًا يُطبَّق عليك، ويُسحب جلد وجهك على عظام جمجمتك، إنه شعور غريب حقًا». وبعد ذلك، عندما وصلت الطائرة إلى قمة مسارها قوسي الشكل، تبددت ضغوط الجاذبية، وبدأ جسد مينكارا يختبر انعدام الجاذبية.
يمكن لانعدام الوزن أن يكون مربكًا لشخص كفيف مثل مينكارا، إذ قالت: «بالنسبة لشخص كفيف يتجوّل، تكون الجاذبية ثابتة دائمًا، أنت تعرف دائمًا ما هو تحتك، وتستخدم عصاك لأنها تلامس الأرض، ولكن لا يمكنك استخدام عصا في انعدام الجاذبية، لأنها ستضرب أي شيء حولك، وأنت لا تريد ذلك».
وهذا هو بالضبط ما دفع مينكارا -وهي الأستاذة المساعدة في الهندسة الحيوية بجامعة نورث إيسترن، وتدرس الجزيئات الموجودة على السطح الداخلي للرئة البشرية- إلى التحليق في السماء الشهر الماضي، وكانت واحدة من اثني عشر سفيرًا لشركة AstroAcces من ذوي الاحتياجات الخاصة، وهي مبادرة غير ربحية تهدف لجعل السفر إلى الفضاء شاملًا للجميع.
وقد اختبر الفريق انعدام الوزن، وجربوا بعض المعدات المتخصصة على متن رحلة فضائية مكافئة في بيئة معدومة الجاذبية.
قُيدت وظيفة رائد الفضاء (السفر إلى الفضاء) منذ زمن بعيد من قبل وكالات الفضاء الحكومية بالأشخاص الذين يستوفون شروطًا جسدية محددة من بين معايير أخرى.
ولكن مع قيام الشركات الخاصة العاملة في مجال الرحلات الفضائية بفتح باب السفر إلى الفضاء لمجموعة أوسع من البشر، تسعى شركة AstroAccess إلى ضمان إدراج ذوي الاحتياجات الخاصة منذ البداية، وهذا يعني أن المعدات يجب أن تُصمم لمجموعة مختلفة من الإمكانات.
وقالت مينكارا: «نحن نخطو خطوات البداية. فتمامًا مثل أي شيء آخر، عندما تفكر بتصميم عمومي وشامل منذ البداية، سيكون أسهل وأكثر فعالية من إضافة تعديلات لاحقة على كل ما تنتجه في النهاية».
تحقيقًا لهذه الغاية، جربت مينكارا والسفراء الآخرون الرحلة؛ لتقييم الكيفية التي يمكن أن يتنقلوا بها في بيئة منخفضة الجاذبية في أثناء السفر إلى الفضاء. واختبرت مينكارا على وجه الخصوص ثلاثة أجهزة مختلفة، قد تساعدها في توجيه نفسها في بيئة معدومة الوزن.
وقالت: «كنت في لحظات كثيرة غافلة تمامًا عن الاتجاه الذي أواجهه؛ لأنه كما نعلم يبدو كل شيء غير منظم عند انعدام الوزن»، وأضافت: «لا تندفع الدماء نحو رأسك، فهنالك لحظات لم يكن لدي فكرة في أي اتجاه أتحرك، وفي لحظات أخرى كنت أعلم تمامًا».
وكانت إحدى الأدوات التي اختبرتها مينكارا هي تطبيق يجعل هاتفها يهتز كلما اقتربت من شيء أو شخص ما في أثناء طفوها. والأداة الثانية هي عصا فوق صوتية، إذ ترتد الموجات الصوتية من الأشياء الموجودة في الطائرة، وتشبه إلى حد ما تحديد الموقع بالصدى عند الخفافيش، وتهتز العصا عند وجود شيء أمامها. والأداة الثالثة كانت عصا مضغوطة صغيرة مع غطاء مطاطي مبهم.
تضيف مينكارا: «باستخدام العصا، عندما ربطتُ نفسي بالحبل الذي وصلوه بالمقصورة، تمكنتُ باستخدام اليد الأخرى من فهم انحناء وبنية كل ما تلمسه العصا؛ عصا الفضاء كما سميناها».
تضمنت الرحلة الجوية عدة رحلات صعود وهبوط، اختبر فيها المسافرون نحو 20 إلى 30 ثانية من انعدام الوزن كلَّ مرة، ووضع الطاقم -بمن فيهم مينكارا- حصائر فردية على الأرض في أثناء صعود الطائرة. وبعد الطفو، حاولوا العودة مجددًا إلى أماكنهم المخصصة باستخدام الأدوات المختلفة التي كانوا يختبرونها قبل عودة الوزن.
تقول مينكارا: «كنا دقيقين بنسبة 90% عند عودتنا إلى أماكننا المحددة، وهذا هو بالضبط ما نحتاج إلى إظهاره لنثبت أن السفر إلى الفضاء آمن، وهذه بعض الأشياء التي يمكننا تقديمها للمكفوفين».
وتضيف مينكارا إن المزيد من البحوث والتجارب سوف تساعد على تحسين بعض الأدوات، وقالت: «ولكن، أؤكد لكم أنني في كل مرة كنت أنوي فيها العودة إلى مكاني كنت أصل».
وأضافت في النهاية: «كنت مستمتعة كثيرًا، وتعرفت على أجزاء أخرى من الطائرة، وكان ذلك أروع شيء قمت به في حياتي، وتلك هي الحقيقة الصادقة».
اقرأ أيضًا:
صواريخ ايلون ماسك تحدث ثورة، السفر إلى الفضاء أرخص بمئة مرة
هل تود السفر إلى الفضاء؟ أربعة بدائل موجودة على الأرض قد ترضي شغفك
ترجمة: حلا بوبو
تدقيق: إيناس خير الدين
مراجعة: حسين جرود