الرنح ضعف في التنسيق العضلي قد يؤثر في القدرة على الكلام وحركة العين والقدرة على البلع والمشي والتقاط الأشياء وإمساكها وغيرها من الحركات الإرادية. يوجد كثير من أنواع الرنح، وسيتناول هذا المقال أكثر الأنواع شيوعًا وأسبابها والعلاجات المتوافرة لها.
ما الرنح؟
الرنح عرض ينتج عن طيف واسع من الحالات، ويؤثر في التنسيق والكلام والتوازن، وقد يصعّب البلع والمشي.
يولد بعض الناس مصابين بالرنح بسبب عوامل جينية، بينما يتطور لدى فئة أخرى بمرور الوقت، وقد يحدث عند بعض الناس بسبب عوامل أخرى مثل السكتات الدماغية والتصلب المتعدد والورم الدماغي والإصابة في الرأس والتعاطي المفرط للكحول والشلل الدماغي وقد ينتج أيضًا عن اضطرابات مناعية محددة وبعض أنواع الالتهابات.
قد تبدأ الأعراض فجأة وقد تصبح أسوأ مع مرور الوقت أو تستقر، ويعتمد ذلك جزئيًا على السبب.
أنواع الرنح:
الرنح المخيخي
وينتج هذا النوع عن خلل في المخيخ، وهو جزء من الدماغ له دور في الاستيعاب الحسي والتنسيق والتحكم بالحركات، ويسبب الرنح المخيخي أعراضًا عصبية مثل:
- الاهتزاز أو الرجفان في الجسم أو الأطراف عند محاولة الحركة.
- نقصان توتر (قوة) العضلات.
- نقص التنسيق بين الأعضاء أو العضلات أو الأطراف أو المفاصل.
- صعوبة التحكم في حركة الذراع أو اليد أو الساق أو العين من حيث المسافة والقوة والسرعة.
- صعوبة تقدير الزمن بدقة.
- عدم القدرة على القيام بالحركات السريعة والمتناوبة.
يتعلق التأثير ومداه بالمكان المتأذي من المخيخ، وبكون الآفات وحيدة أو ثنائية الجانب.
قد يغير الرنح في الوضعية التي يتخذها جسم المصاب، فإذا حدثت الأذية في الدهليز المخيخي ستؤثر في توازن الجسم والقدرة على التحكم بحركة العين، إذ يقف المصابون وأقدامهم متباعدة لتحقيق توازن أفضل وتجنب التمايل للأمام والخلف، وحتى عندما تكون العينان مفتوحتين سيصعب التوازن والقدمان متقاربتان.
عندما يؤثر الرنح في النخاع المخيخي، يعاني المصاب مشية غير اعتيادية مع خطوات جانبية غير متساوية وتأتأة متناوبة، ذلك لأن النخاع المخيخي ينظم حركة الجسم والأطراف.
عندما يؤثر الرنح في المخيخ المخي، قد يواجه المصاب مشكلات مع الحركات الإرادية، قد يرتعش الرأس والعيون والأطراف والجذع عند القيام بالحركات الإرادية، وقد يتداخل الكلام مع تباين في الإيقاع والصوت.
رنح حسي
ينتج هذا النوع عن فقدان الإدراك بالمستقبلات الحسية العميقة، أي فقدان قدرة الشخص على الإحساس بالموقع النسبي للأجزاء المتجاورة من جسمه، فمستقبلات الحس العميق مسؤولة عن تحديد إن كان الجسم يتحرك بجهد مناسب إضافة إلى تحديد وضعية أجزاء الجسم بالنسبة لبعضها. ينتج عن الرنح الحسي عادةً:
- مشية خشبية وغير منتظمة يرتطم فيها الكعب بقوة عند كل خطوة.
- عدم استقرار في وضعية الجسم ويصبح الأمر أسوأ في الأماكن ضعيفة الإضاءة.
إذا وقف المصاب وعيناه مغلقتان وقدماه متقاربتان معًا سيزداد عدم الاستقرار لأن فقدان الإدراك بالمستقبلات الحسية يزيد الاعتماد على المعلومات البصرية.
قد يجد المصابون صعوبة في القيام بالحركات الإرادية بتناسق وانسيابية في الأطراف والجذع والحنجرة والبلعوم والعيون.
الرنح الدهليزي
يؤثر هذا النوع من الرنح في النظام الدهليزي الذي يؤدي دورًا في السمع، وقد ينتج عن أذية عصب في الأذن، وفي الحالات أحادية الجانب الحادة (المفاجئة) قد يؤدي الرنح الدهليزي إلى دوار وغثيان وإقياء.
في الحالات ثنائية الجانب المزمنة بطيئة التطور، قد يشعر المصاب بعدم الاستقرار وعدم الثبات فقط.
وقد تندمج عدة أسباب مثل رنح الدهليز المخيخي.
أعراض الرنح
تتنوع الأعراض اعتمادًا على نوع الرنح وشدته، وعمر الإصابة بالرنح يعتمد على سبب حدوثه، فإذا تطور الرنح لأسباب جينية قد تظهر الأعراض منذ الولادة، أما إذا كان بسبب أذية أو حالة صحية أخرى، فقد تظهر الأعراض بأي عمر.
قد تتحسن الأعراض في بعض الحالات وتختفي في النهاية، وتتضمن الأعراض الأولية عادةً:
- ضعف التنسيق بين الأطراف.
- مشكلات في التحدث ومن ضمنها الحديث البطيء والمتداخل، وصعوبة تشكيل الكلام ومشكلات في التحكم بالصوت والإيقاع والنبرة.
ومع الوقت قد تظهر أعراض أخرى:
- صعوبة البلع ما يؤدي إلى الاختناق أو السعال.
- الارتعاش أو الرجفان في بعض أجزاء الجسم.
- الرأرأة، وهي حركات سريعة متكررة إيقاعية غير إرادية في العين قد تكون عمودية أو أفقية أو دائرية.
- مشكلات في التوازن.
- صعوبات في المشي قد تؤدي إلى استخدام الكرسي المتحرك.
- مشكلات في السمع والرؤية.
- الاكتئاب نتيجة صعوبات العيش مع الرنح.
قد يظهر رنح توسع الأوعية الشعرية في الطفولة، وفيه يبدو الطفل مهتزًا قليلًا، إضافة إلى:
- ظهور أوردة عنكبوتية في بياض العين أو الأذن أو في أي مكان آخر على الوجه.
- الإصابة بالتهابات متكررة.
ويعد رنح فريدريك نوعًا جينيًا ومتدرجًا، ويظهر غالبًا في الأعمار بين 10 إلى 15، ومن أعراضه:
- الجنف (انحناء جانبي في العمود الفقري).
- ضعف عضلة القلب.
- أقدام مقوسة مرتفعة.
قد يترافق رنح فريدريك ببعض الأمراض مثل السكري ومشكلات القلب، وقد تحدث مضاعفات متعلقة بالعمود الفقري والأقدام والقلب والعضلات والرؤية والسمع. وسيحتاج المصاب بهذا النوع من الرنح إلى علاج داعم طوال حياته.
إذا نتج الرنح عن إصابات أو مرض مثل السكتة الدماغية مثلًا فإن الأعراض تتحسن عادة مع الوقت وقد تختفي في النهاية بالكامل.
العلاج
عادة لا يوجد دواء للرنح، لكن المعالجة قد تخفف الأعراض وتساعد على تحسين جودة حياة المرضى، وقد يقترح مقدم الرعاية الصحية خيار علاج محدد يستهدف أحد الأعراض كما يلي:
مشكلات التنسيق والتوازن:
يستطيع المصاب استخدام الأجهزة التكيفية مثل عصي المشي والعكازات وأجهزة الووكر والكراسي المتحركة، إذ قد تساعده على إبقاء استقلاليته واعتماده على نفسه. وقد يكون من الضروري إجراء بعض التعديلات لتسهيل حركة مريض الرنح في المنزل (أن يصبح المنزل ملائمًا للكرسي المتحرك مثلًا).
الرعاش والتيبس وتشنج العضلات والضعف:
قد يصف الطبيب العلاج والمداواة الفيزيائية أو المهنية لتحسين قوة المصاب والمحافظة على قدرته الحركية ومساعدته على إيجاد طرق جديدة لأداء مهامه اليومية.
انحناء العمود الفقري:
قد يصف الطبيب العلاج التقويمي.
الاكتئاب:
قد يساعد الإرشاد النفسي العلاجي وبعض الأدوية.
مشكلات الحديث:
قد يساعد مقوم النطق المريض على علاج مشكلات التواصل وتعلم التحكم في العضلات لتحسين البلع والسعال ومنع الاختناق. وفي الحالات الضرورية قد يستطيع مقوم النطق مساعدة الشخص على تعلم كيفية استخدام الأدوات المساعدة على النطق.
العوز:
قد يساعد أخد المكملات الفيتامينية أو اتباع حمية غذائية مخصصة المصابين بالعوز، وقد تحدث الحساسية للغلوتين عند الإصابة بالرنح، فاتباع حمية خالية من الغلوتين قد يساعد أيضًا.
مشكلات مناعية:
قد يتضمن علاج رنح توسع الأوعية الشعرية حقن غلوبيولين غاما لدعم النظام المناعي في الجسم.
حركة العين التي لا يمكن السيطرة عليها:
قد تساعد الأدوية على علاجها.
الأسباب
ينتج الرنح عن:
- أسباب جينية.
- حالة صحية تؤدي إلى أذية في الأعصاب، مثل السكتة الدماغية أو التصلب المتعدد.
- عوز فيتامين ب 12.
- مشكلة مناعية.
الرنح الوراثي:
ينتج الرنح الوراثي عندما يورّث أحد الوالدين (أو كلاهما) عيبًا جينيًا إلى طفلهم. وفي بعض الحالات، قد يزداد سوء الرنح من جيل إلى التالي وقد يحدث في عمر أصغر.
وإذا كان المصاب بالرنح لديه نوع موروث ويفكر بالإنجاب، فقد يوصي الطبيب بفحص جيني واستشارة ضمن خطة الإعداد للإنجاب.
إن احتمالية توريث الجين المعيب يعتمد جزئيًا على نوع الرنح، ففي رنح فريدريك يجب أن يملك كلا الوالدين الصفة الجينية لهذا الرنح كي يورثوها لأطفالهم، بينما في حالة الرنح النخاعي المخيخي، يكفي أن يحمل الجينَ المعيب أحدُ الوالدين فقط، وسيكون احتمال الإصابة 50% عند كل طفل.
أحيانًا، يولد الشخص مصابًا بالرنح أو يصاب به ويطوره خلال حياته دون أي سبب واضح ودون وجود أي إصابة بتاريخ عائلة المصاب، وقد يعود هذا إلى خلل في تكوين المخيخ قبيل الولادة.
الرنح المكتسب:
قد تؤدي الحالات والظروف التالية إلى الإصابة بالرنح:
- إجراء جراحة في الدماغ أو وجود ورم في الدماغ أو إصابة في الرأس.
- التعاطي المفرط للكحول أو المخدرات.
- بعض الالتهابات مثل الجدري.
- التعرض للمواد الكيميائية السامة.
- بعض الحالات العصبية مثل التصلب المتعدد والشلل الدماغي.
- السكتة الدماغية.
قد تسبب بعض الأورام الرنح بسبب متلازمة الأبعاد الورمية في الجهاز العصبي، فهذه الأورام التي تكون بيضوية الشكل عادةً تنتج موادًا كيميائية تضعف المخيخ، ويعد الرنح العرض الأساسي لهذه الحالة.
التشخيص
يُنصح الشخص الذي تظهر عليه أعراض الرنح بزيارة طبيب مختص بالجهاز العصبي، الذي سيفحص الشخص ويتفقد تاريخه المرضي وقصته السريرية لمعرفة أسباب إصابته (مثل إصابة سابقة في الدماغ) أو تاريخ عائلته المرضي للحصول على أي مؤشرات لرنح موروث. وقد يطلب الفحوص التالية:
- تصوير بالرنين المغناطيسي أو تصوير مقطعي حاسوبي، للبحث عن الآفات أو الأورام أو أي نوع من الأذية الدماغية.
- فحوصات جينية للتحقق من كون الرنح موروثًا.
- فحوصات دم، لأن بعض أنواع الرنح يؤثر في تكوين الدم.
- فحوصات بول، إذ تستطيع هذه الفحوصات الكشف عن الاضطرابات الجهازية التي تحدث في بعض أنواع الرنح. ففي مرض ويلسون مثلًا، قد تظهر عينة بول منذ 24 ساعة كميات غير اعتيادية من النحاس.
قد يأخذ تأكيد التشخيص بعض الوقت لأن أحد الأعراض قد يدل على عدة حالات أخرى تختلف عن الرنح، والرنح الذي ليس له سبب واضح يسمى الرنح الفرادي أو الرنح ذاتي العلة مجهول المنشأ.
الآفاق المستقبلية للمصاب
لا يوجد أي دواء للرنح، ويحدد نوعه وسببه ومدى خطره الآفاق المستقبلية للمصاب، فبعض أنواع الرنح الموروث قد تقصر من مدة حياة المصاب، ولكن كثيرًا من المصابين يتمتعون بنفس مدة حياة الناس غير المصابين. أما إذا حدث الرنح بسبب حادث أو عملية جراحية أو مرض، فقد يستقر الرنح ويتحسن، أو قد يسوء مع الوقت. وفي الكثير من الحالات، قد يؤدي تلقي العلاج الملائم للرنح المكتسب إلى نتائج جيدة مع إمكانية الشفاء التام.
اقرأ أيضًا:
متلازمة الرنح وتوسع الشعيرات: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج
ترجمة: بشر اسماعيل
تدقيق: محمد حسان عجك
مراجعة: غزل الكردي