أظهر باحثون من كلية براون للهندسة في جامعة رايس أهمية التعلم العميق في التنبؤ بالأحداث الزلزالية المستقبلية، كالهزات الأرضية والانفجارات البركانية، باستخدامهم البيانات التي جُمعت قبل الانهيار الأرضي المميت في غرينلاند عام 2017.
تُظهر هذه البيانات مجموعةً من الإشارات الصغيرة لحدث على وشك الوقوع، لكن التنبؤ بجمع الأدلة معًا في الوقت المناسب يفوق القدرة البشرية، فقد دمرت كارثة تسونامي قرية نوجاتسيك، وأودت بحياة 4 أشخاص، وإصابة 9، وجرف 11 مبنًى في البحر.
قاد ليونارد سيدو -الباحث والأستاذ المساعد في جامعة غرينوبل ألب والزائر السابق لجامعة رايس- دراسةً وظفت تقنيات طورها مهندسو جامعة رايس والمؤلفون المشاركون مارتن دي هوب وريتشارد بارانوك. بيّنت الدراسة كيف تساعدنا أساليب التعلم العميق على معالجة كميات هائلة من البيانات القادمة من الأجهزة الزلزالية بسرعة كافية للتنبؤ بالأحداث.
قال دي هوب -المتخصص في التحليل الرياضي للمشكلات المعاكسة والتعلم العميق فيما يتعلق بعلوم الأرض والبيئة وعلوم الكواكب في جامعة رايس- إن التطورات في مجال الذكاء الاصطناعي مناسبة لمتابعة كميات هائلة ومتزايدة من البيانات الزلزالية ومراقبتها، إذ يمتلك الذكاء الاصطناعي القدرة على تحديد العديد من الأحداث، وكشف الضجيج البعيد الذي لا يلاحظه البشر غالبًا بسبب التحيزات في نماذجهم، ناهيك عن حجم البيانات الهائل.
قبل ساعات من حادثة قرية نوجاتسيك، بدأت الإشارات الصغيرة بالظهور في البيانات التي جمعتها محطة رصد الزلازل القريبة من المكان، حلل الباحثون البيانات من منتصف ليل 17 حزيران 2017 حتى دقيقة واحدة قبل وقوع الانهيار في الساعة 11:39 مساءً، فقد تأثر بذلك 51 مليون متر مكعب من المواد.
كشفت خوارزمية جامعة رايس عن اهتزازات وترددات ضعيفة متكررة لا يمكن اكتشافها بواسطة السجلات الزلزالية العادية، فقد بدأت الاهتزازات قبل تسع ساعات من الحادثة وتسارعت حتى وقع الانهيار.
قال دي هوب: «قدم المؤلف المشارك بيير بولي في جامعة غرينوبل ورقةً أوليةً لما قدمناه عن الحادثة، ودُرست هذه الورقة الحادثة من دون الاستعانة بالذكاء الاصطناعي، فاكتشفوا شيئًا ظنوا أنه يجب علينا معرفته، إذ كانت واحدةً من أفضل البيانات وأنقاها التي يمكننا العمل بها لأن المنطقة معزولة عن الضجيج والنشاط التكتوني».
يواصل دي هوب اختبار الخوارزمية لتحليل النشاط البركاني في دولة كوستاريكا، ويشارك في مركبة الهبوط الفضائية «إنسايت» التابعة لوكالة الفضاء ناسا، إذ أوصلت هذه المركبة جهاز كشف الزلازل إلى سطح المريخ منذ عامين تقريبًا.
قال دي هوب: «ستنقذ المراقبة المستمرة الدائمة التي تحذرنا في الوقت المناسب الكثير من الأرواح. يسألني الناس هل تعد هذه الدراسة مهمةً أم لا؟ أقول نعم، إنها خطوة مهمة جدًا للتنبؤ بالزلازل قبل حدوثها. لسنا مستعدين الآن، لكنني أظن أن العمل في هذا الاتجاه من أكثر القضايا الواعدة في الوقت الحالي».
عندما انضم دي هوب إلى جامعة رايس قبل خمس سنوات، نقل خبرته في حل المشكلات العكسية التي تتضمن العمل مع البيانات الواردة عكسيًا للوصول إلى السبب، وكذلك بارانوك الخبير الرائد في مجال التعلم الآلي والاصطناعي والاستشعار بالضغط، فقد شكلا معًا فريقًا رائعًا، ما ساعد على التعامل مع العينات المتفرقة لاستخراج البيانات المهمة.
قال بارانوك: «إن الشيء الأكثر إثارةً في هذا العمل ليس النتيجة في الوقت الراهن، بل حقيقة أن هذا النهج المتّبع يُعتبر اتجاهًا بحثيًا جديدًا في مجال الذكاء الاصطناعي، كما هو مطبق في مجال فيزياء الأرض».
قال دي هوب: «لقد درست الرياضيات المتعلقة بالتعلم العميق، أما العالم ريتشارد فقد درس معالجة الإشارات التي تقع في الطرف المقابل تمامًا، لكننا نلتقي معًا في المنتصف، ونمتلك الآن فرصةً كبيرةً لردف جامعة رايس والبناء اعتمادًا على خبرتها مركزًا لخبراء الزلازل، فنجمع كل هذه الخبرات ونضعها معًا، إذ توجد حاليًا بيانات كثيرة يستحيل التعامل معها بطرق أخرى».
يساهم دي هوب في زيادة قوة جامعة رايس في مجال الخبرة الزلزالية بواسطة أساسيات الرياضيات والندوات والنقاشات، التي تحدثت عن أحداث مميزة حول استكشاف الفضاء، والتخفيف من أثر المخاطر الطبيعية كالبراكين والزلازل، إضافةً إلى حدث ثالث سيُعلَن عنه يتمثل في دراسة تطبيقات التعلم العميق على الطاقة الشمسية والكواكب العملاقة.
اقرأ أيضًا:
ذكاءٌ صنعيٌّ جديد قادر على كتابة الأكواد البرمجيّة
لماذا زلازل اليابان أكثر وأشد من سواها؟ ما العلاقة بين اليابان والزلازل؟
ترجمة: سلام محمد حسن
تدقيق: راما الهريسي