في 27 ديسمبر 2023، رفعت صحيفة نيويورك تايمز دعوى قضائية ضد شركة OpenAI بزعم أن الشركة ارتكبت انتهاكًا متعمدًا لحقوق الطبع والنشر من خلال أداة الذكاء الاصطناعي التوليدية شات جي بي تي.
زعمت صحيفة التايمز إن شات جي بي تي دُرّب تدريبًا غير قانوني على كميات هائلة من النصوص من مقالاتها، وأن مخرجات شات جي بي تي تحتوي على لغة مأخوذة مباشرة من تلك المقالات.
لمعالجة هذه المشكلة، طلبت صحيفة التايمز أكثر من مجرد المال، فقد طلبت من محكمة فيدرالية أن تأمر بـ (تدمير) شات جي بي تي.
إذا وافقت المحكمة على هذا الطلب، فإن ذلك يجبر شركة OpenAI على حذف نماذجها اللغوية الكبيرة المدربة، مثل GPT-4، إضافةً إلى بيانات التدريب فيها، ما قد يمنع الشركة من إعادة بناء التكنولوجيا فيها.
يثير هذا الاحتمال قلق 100 مليون شخص يستخدمون شات جي بي تي كل أسبوع، ويُطرح سؤالين مهمين؛ أولهما، هل يمكن أن تأمر المحكمة الفيدرالية بتدمير شات جي بي تي؟ والثاني، إذا كانت تستطيع، فهل ستفعل؟
الجواب على السؤال الأول هو نعم. بموجب قانون حقوق الطبع والنشر، تتمتع المحاكم بسلطة إصدار أوامر التدمير. لفهم السبب، لنأخذ تسجيلات الفينيل كمثال، التي جذبت شعبيتها الواسعة المزورين الذين يبيعون التسجيلات المقرصنة.
إذا رفعت شركة تسجيل دعوى قضائية ضد أحد المزورين بسبب انتهاك حقوق الطبع والنشر وفازت، فماذا سيحدث لمخزون المزور؟ ماذا يحدث للأقراص الرئيسية، والأقراص الختامية المستخدمة في إنتاج المنتجات المقلدة بكميات كبيرة، والآلات المستخدمة في إنشاء هذه الأقراص في المقام الأول؟
لمعالجة هذه الأسئلة، يمنح قانون حقوق الطبع والنشر المحاكم سلطة تدمير السلع المخالفة والمعدات المستخدمة في إنشائها. من وجهة نظر القانون، لا يوجد أي استخدام قانوني لأسطوانة الفينيل المقرصنة، ولا يوجد أيضًا سبب مشروع لاحتفاظ المزور بقرص رئيسي مقرصن، ولن يؤدي السماح لهم بالاحتفاظ بهذه العناصر إلا إلى المزيد من خرق القانون. لذلك، في بعض الحالات، يكون التدمير هو الحل القانوني المنطقي الوحيد.
إذا قررت المحكمة أن شات جي بي تي يشبه سلعة مخالفة أو معدات قرصنة، فيمكنها أن تأمر بإتلافه. قدمت صحيفة التايمز في شكواها حججًا مفادها أن حالة شات جي بي تي تتلائم مع كلا القياسين.
لم يُستخدم قانون حقوق الطبع والنشر مطلقًا لتدمير نماذج الذكاء الاصطناعي، ولكن لا ينبغي لـ OpenAI أن تقف عند هذه الحقيقة، فقد أصبح القانون منفتحًا جدًا على فكرة استهداف الذكاء الاصطناعي.
قد استخدمت بالفعل لجنة التجارة الفيدرالية مؤخرًا التفكيك الخوارزمي، فقد أجبرت لجنة التجارة الفيدرالية شركات مثل WeightWatchers على حذف، ليس فقط البيانات التي جُمعت على نحو غير قانوني، ولكن أيضًا الخوارزميات ونماذج الذكاء الاصطناعي المدربة على مثل هذه البيانات.
يبدو أنها مسألة وقت فقط قبل أن يُستخدم قانون حقوق الطبع والنشر للأمر بتدمير نماذج الذكاء الاصطناعي ومجموعات البيانات، لكن المرجح أن هذا لن يحدث في هذه الحالة. وبدلًا من ذلك، قد نرى ثلاث نتائج أو سيناريوهات أكثر احتمالًا.
الأول والأكثر قابلية للحدوث هو أن الطرفين قد يتوصلا إلى تسوية، وفي حالة التوصل إلى تسوية ناجحة، قد يكون ذلك محتملًا، ستُرفض الدعوى ولن يتم الأمر بإتلافها.
الثاني هو أن المحكمة قد تنحاز إلى OpenAI، وتوافق على أن شات جي بي تي محمي بموجب مبدأ حقوق الطبع والنشر المتمثل في (الاستخدام العادل).
إذا تمكنت شركة OpenAI من الزعم بأن شات جي بي تي أداة تحويلية، وأن خدمتها لا توفر بديلًا لمحتوى صحيفة نيويورك تايمز، فقد تفوز.
الثالث هو أن تخسر شركة OpenAI، لكن القانون ينقذ شات جي بي تي على أية حال، ولا يمكن أن تأمر المحكمة بتدميره إلا إذا استُوفي شرطين:
أولاً، يجب ألا يمنع التدمير الأنشطة المشروعة، وثانيًا، يجب أن يكون (العلاج الوحيد) الذي يمكن أن يمنع الانتهاك.
يعني هذا أن OpenAI يمكنها إنقاذ شات جي بي تي من خلال إثبات أن له استخدامات مشروعة وغير منتهكة، أو أن تدميره ليس ضروريًا لمنع المزيد من انتهاكات حقوق الطبع والنشر.
تبدو كلتا النتيجتين ممكنتين، ولكن جدلًا، تخيل أن الشرط الأول للتدمير قد استُوفي. من الممكن أن تستنتج المحكمة أنه بسبب المقالات الواردة في بيانات تدريب شات جي بي تي، فإن جميع الاستخدامات تنتهك حقوق الطبع والنشر الخاصة بصحيفة التايمز، وهي الحجة المقدمة في العديد من الدعاوى القضائية الأخرى المرفوعة ضد شركات الذكاء الاصطناعي المنتجة.
في هذا السيناريو، ستصدر المحكمة أمرًا قضائيًا يأمر OpenAI بالتوقف عن انتهاك حقوق الطبع والنشر. فهل ستنتهك OpenAI هذا الأمر؟ على الأغلب لا. قد يحاول مزور واحد في مستودع مشبوه الإفلات من ذلك، لكن هذا أقل احتمالًا مع شركة تبلغ قيمتها 100 مليار دولار أمريكي.
بدلًا من ذلك، قد تحاول إعادة تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي فيها دون استخدام مقالات من صحيفة التايمز، أو قد تقوم بتطوير حواجز حماية برمجية أخرى لمنع المزيد من المشكلات. مع أخذ هذه الاحتمالات في الاعتبار، من المرجح أن تنجح OpenAI في تحقيق الشرط الثاني، ولن تأمر المحكمة بتدمير شات جي بي تي.
بالنظر إلى كل هذه العقبات، فالواضح أنه من غير المرجح أن تأمر أي محكمة OpenAI بتدمير شات جي بي تي وبيانات التدريب فيه، ولكن ينبغي للمطورين أن يعلموا أن المحاكم لديها القدرة على تدمير الذكاء الاصطناعي غير القانوني، ويبدو أنهم على استعداد شديد لاستخدامها.
اقرأ أيضًا:
ما أهمية المضائق البحرية في التجارة العالمية؟
الماء العذب يمثل فرصة وتحدي لسلاسل التوريد العالمية
ترجمة: دياب حوري
تدقيق: بسام موسى
مراجعة: هادية أحمد زكي