طوّر العلماء نماذج أجنة بشرية من الخلايا الجذعية بعد زرعها في المختبر، ما يعطي رؤية أولية لآلية تكيّف هذه الخلايا في جدار الرحم بعد الأسبوع الأول من الزرع.
قد نستطيع فهم الخصوبة وفقدان الحمل المبكر والعيوب الخلقية فهمًا أفضل، بواسطة معرفة الآلية الدقيقة والشاملة لما يحدث مباشرةً بعد أن تعشش البويضة الملقحة في بطانة الرحم في بداية الحمل. لكن التحديات الأخلاقية والتقنية أعاقت قدرتنا على دراسة هذه المراحل الحاسمة من تطور الجنين البشري.
يقول عالم الوراثة الجزيئية جاكوب هانا من معهد وايزمان للعلوم: «يتكون الجنين في الشهر الأول من الحمل، أما الأشهر الثمانية المتبقية فيحدث بها أساسًا نمو هذا الجنين وتطوره».
«ما زال ذلك الشهر الأول يمثل لغزًا إلى حد بعيد. يقدم نموذج الجنين البشري المشتق من الخلايا الجذعية طريقةً مقبولة أخلاقيًا لدراسة ما يحدث في الشهر الأول من الحمل بدقة».
حوّل فريق البحث الخلايا الجذعية المشتقة من الإنسان، غير المعدلة وراثيًا وغير المتمايزة، إلى هياكل معقدة تحاكي تطور أجنة بشرية.
تكشف هذه العملية قدرة الخلايا الجذعية البشرية على التنظيم الذاتي، ما يتيح التقدم في توليد خلايا جذعية شبيهة بالجنين، لتزويد الباحثين بطريقة جديدة لدراسة الظواهر التي ظلت حتى الآن غامضة بسبب التحديات العملية والأخلاقية.
تشمل السمات الرئيسية التي لم تظهر في النماذج السابقة: أنواع سلالات الخلايا الجذعية الثلاثة الرئيسية، التي تشكل المشيمة والهياكل الداعمة للجنين، إضافةً إلى طبقة الخلايا التي تكوّن الجنين قبل أن ينطوي على نفسه وينمو إلى أنسجة وأعضاء مختلفة.
أظهرت الأبحاث السابقة أن الخلايا الجذعية المأخوذة من أجنة الفئران يمكن توجيهها اصطناعيًا لتنمو إلى الأنسجة التي تدعم الجنين ذاته، وتتجمع ذاتيًا في نموذج جنيني هيكلي قائم على الخلايا الجذعية -اختصارًا (SEM)- في مرحلة ما بعد تكون المعدة، إذ تتشكل الخلايا الجنينية إلى الأنواع الثلاثة الرئيسية لأنسجة الجسم.
كتب الباحثون: «نحاول توسيع هذه النتائج لتشمل البشر، باستخدام الخلايا الجذعية الجنينية البشرية غير المعدلة وراثيًا. لقد بدأنا باختبار القدرة على تكوين هياكل تشبه أجنة بشرية، التي قد تحاكي المراحل المختلفة لتطور الإنسان طبيعيًا في الرحم».
حدد العلماء الظروف المثالية لنمو الجنين، متضمنةً أعداد الخلايا، وتغير تركيب الخلية في أثناء نموها، بدءًا من حدوث الزرع إلى 7 – 8 أيام بعد الإلقاح.
كتب المؤلفون: «أظهرت النماذج البشرية المجهرية الكاملة ديناميكيات النمو التي تشبه المراحل المميزة للتطور الجنيني بعد الزرع في مدة 13-14 يومًا بعد الإلقاح».
تصور النماذج تجميع السلالات والمكونات المعروفة للأجنة البشرية في مراحلها المبكرة، متضمنةً الأديم الظاهري، والأرومة السفلية، والأديم المتوسط خارج الجنين، والأرومة المغذية، والكيس المُحي.
وجد الباحثون أن مجموعة البيانات الخاصة بالنماذج الجنينية البشرية التي حصلوا عليها خلال تجربتهم، مشابهة لتلك الموجودة لدى أجنة بشرية، خلال وقت قصير من زرعها.
لاحظ الباحثون أن النماذج الجنينية البشرية ليست متطابقة مع الأجنة المزروعة في المختبر، لكنها تمثل نموذجًا يفتح إمكانيات بحثية هائلة.
يقول هانا: «تفشل العديد من حالات الحمل في الأسابيع الأولى، غالبًا قبل أن تعرف المرأة أنها حامل. وأيضًا، في هذه المرحلة تنشأ العديد من العيوب الخلقية التي تُكتشف لاحقًا».
«يمكن استخدام نماذجنا للكشف عن الإشارات الكيميائية الحيوية والميكانيكية التي تضمن التطور السليم في هذه المرحلة المبكرة، والطرق التي قد يسوء بها هذا التطور».
اقرأ أيضًا:
طور العلماء نموذجًا يحاكي بنية الأجنة البشرية في المختبر
علماء بريطانيون يطلبون الإذن لتعديل الأجنة البشرية جينيا
ترجمة: فاطمة الرقماني
تدقيق: أكرم محيي الدين