فترة الفوتونات. امتلأ الكون في الثانية الأولى وحتى العاشرة بالليبتونات والليبتونات المضادة -الإلكترونات والبوزيترونات- إذ كانت الكثافة مرتفعةً بالقدر الكافي؛ لتشكلها بسرعة توازي سرعة تدميرها لبعضها، وبعد انقضاء الثانية العاشرة أصبح الكون باردًا جدًا، إذ لم يعد بمقدوره إنتاج هذه الجسيمات من الضوء الذي كان يملؤه، أفنت أغلب الليبتونات والليبتونات من المادة المضادة بعضها، تاركةً بقايا الليبتونات التي نملكها حاليًا.
أنشأ الإفناء المتبادل بين المادة والمادة المضادة فوتونات غاما عالية الطاقة، التي سيطرت بدورها على الكون لمدة (377) ألف سنة. كان الكون، في بداية هذه الفترة، مملوءًا ببلازما تشبه المائع، مكونة من الفوتونات، والبروتونات، والنيوترونات، والإلكترونات، والنيوترينوات.
في البدء كان الكون ساخنًا جدًا ليحدث الانصهار النووي، وكانت البروتونات والنيوترونات تصطدم ببعضها بشكل مستمر، ولكنهم كانوا يمتلكون الكثير من الطاقة التي تؤدي إما إلى أن يدمروا بعضهم بموجة من الأشعة، أو أن يرتدوا عن بعضهم.
نزلت درجة حرارة الكون في نهاية الدقيقة الأولى بما فيه الكفاية؛ حتى يحدث الانصهار النووي، إذ ثُبتت البروتونات والنيوترونات معًا؛ لتشكيل الديوتريوم، والتريتيوم -نظائر ثقيلة لنواة الهيدروجين تحتوي على بروتون واحد بالإضافة لنيوترون واحد أو نيوترونيين- ومن ثم لتشكيل نوى الهيليوم -تحتوي على نيوترونيين وبروتونيين- ونسبة صغيرة من الليثيوم ونواة البريليوم. دامت فترة الاصطناع النووي لعدة دقائق فقط، وتشكل في نهايتها كل من نواة الهيدروجين والهيليوم التي سيحويها الكون.
يُعد الهيدروجين العنصر الأكثر حضورًا في الكون منذ انتهاء عملية الاصطناع النووي بعد دقائق من الانفجار العظيم، يتألف 75% من المادة الموجودة في الكون من نواة الهيدروجين (البروتونات)، و24% من نوى الهيليوم، والـ 1% المتبقية تمثلها كل من العناصر المتبقية الموجودة في الكون دون احتساب المادة المظلمة.
لم تكن هناك العناصر الثقيلة مثل: الأكسجين، والكربون، والنيتروجين التي تشكل أجسادنا، إلا بعد حدوث الانصهار النووي في لب النجوم بعد عدة ملايين من السنين من فترة الفوتونات.
هناك مرحلة مثيرة للاهتمام مرت خلال فترة الفوتونات، إذ كانت كثافة طاقة الإشعاع، بعد (70) ألف سنة من الانفجار العظيم، أكبر من كثافة طاقة المادة على طول الكون، وهذا يُحدد كم تمدد الزمكان، لكن وبعد (70) ألف سنة، أصبحت كثافة الإشعاع أقل من كثافة المادة، وعندها بدأ عصر سيطرة المادة على الكون، واستمر حتى مليارات السنين، إلى الوقت الذي ظهر فيه نظامنا الشمسي للوجود، وعندها انخفضت كثافة المادة بما فيه الكفاية؛ لتتحكم الطاقة، والمادة المظلمة بمقدار تمدد الزمكان.
اقرأ أيضًا:
كيف تخلق الفوتونات في مصادر الضوء؟
ترجمة: مازن سفّان
تدقيق: أسماء العجوري