تُعد الحروق واحدة من أكثر الإصابات المنزلية شيوعًا خاصة بين الأطفال. يُعنی بمصطلح (حرق) أكثر من مجرد الإحساس بالحرقة مكان الإصابة، إذ تتميز الحروق بأضرار جلدية شديدة تؤدي إلى موت خلايا الجلد المصابة. يمكن لمعظم الناس التعافي من الحروق دون عواقب صحية خطيرة، وذلك حسب سبب الإصابة ودرجتها. ومن ناحية أخرى تتطلب الحروق شديدة الخطورة رعاية طبية طارئة وفورية لمنع المضاعفات والموت.
درجات الحروق
تُصنف الحروق ضمن ثلاث درجات أساسية: الدرجة الأولى والثانية والثالثة. تعتمد كل درجة على شدة الأضرار التي تلحق بالجلد، إذ تكون حروق الدرجة الأولى أقل خطرًا، وحروق الدرجة الثالثة هي الأشد.
يشمل الضرر ما يلي:
- حروق من الدرجة الأولى: جلد أحمر دون (نفطات – Blisters)، تتمركز في البشرة. (النفطة: تورم يحوي سائلًا أو أحيانًا دمًا أو قيحًا)
- حروق من الدرجة الثانية: نفطات في بعض طبقات الجلد، تشمل البشرة كاملة وجزءًا من الأدمة أو كلها.
- حروق من الدرجة الثالثة: ينتشر الحرق إلى عمق شديد ويكون ذا مظهر جلدي أبيض، يشمل البشرة والأدمة والنسيج تحت الجلد.
- هناك أيضًا حروق من الدرجة الرابعة: يشمل هذا النوع جميع أعراض حروق الدرجة الثالثة، ويمتد أيضًا إلى ما تحت الجلد من أوتار وعظام.
أسباب الحروق
للحروق مجموعة متنوعة من الأسباب، بما في ذلك:
الاحتراق بالسوائل الساخنة والمغلية.
- الحروق الكيميائية.
- الحروق الكهربائية.
- الاحتراق بالنار، بما في ذلك: لهيب أعواد الثقاب، والشموع، والولاعات.
- التعرض المفرط لأشعة الشمس.
لا يعتمد نوع الحرق على السبب. فعلى سبيل المثال: يمكن أن تسبب السوائل الحارة والمغلية جميع أنواع الحروق الثلاثة، وذلك اعتمادًا على درجة حرارة السائل، وطول مدة تماسه مع الجلد. تتطلب الحروق الكيميائية والكهربائية عناية طبية فورية؛ لأنها يمكن أن تؤثر على ما داخل الجسم، حتى ولو كان تلف الجلد بسيطًا.
حروق الدرجة الأولى
تسبب حروق الدرجة الأولى تلفًا جلديًا بسيطًا. وتُسمى أيضًا (الحروق السطحية)؛ لأنها تؤثر على الطبقة الخارجية من الجلد. تشمل علامات حرق الدرجة الأولى:
- الاحمرار.
- التهاب بسيط، أو تورم.
- ألم.
- جفاف البشرة وتقشرها أثناء شفاء الحرق.
نظرًا لأن هذا الحرق يؤثر على الطبقة العليا من الجلد، فإن العلامات والأعراض تختفي بمجرد توسف خلايا الجلد. وعادة ما تلتئم حروق الدرجة الأولى في غضون 7 إلى 10 أيام دون ندوب.
من الضروري رؤية الطبيب إذا كان الحرق يؤثر على مساحة كبيرة من الجلد، أو إذا كان أكثر من 3 بوصات، أو إذا كان يتموضع على الوجه أو على مفصل كبير، بما في ذلك:
- الركبة.
- الكاحل.
- القدم.
- العمود الفقري.
- الكتف.
- الكوع.
- الساعد.
عادةً ما تُعالج حروق الدرجة الأولى منزليًا. وفي حال عولج الحرق بسرعة أكبر، تزداد احتمالية الشفاء بشكل أسرع.
علاجات حروق الدرجة الأولى
- نقع الإصابة في ماء بارد لمدة خمس دقائق أو أكثر.
- تناول الأسيتامينوفين (السيتامول) أو الأيبوبروفين لتخفيف الآلام.
- تطبيق ليدوكائين (مخدر) مع هلام الصبار أو كريم لتهدئة الجلد.
- استخدام مرهم مضاد حيوي وشاش غير ضاغط لحماية المنطقة المصابة.
لا تستخدم الثلج لأن هذا قد يزيد الأمر سوءًا، ولا تضع أبدًا كرات قطنية على الحرق لأن الألياف القطنية الصغيرة يمكن أن تلتصق بالاصابة وتزيد من خطر العدوى. تجنب أيضًا العلاجات المنزلية مثل وضع الزبدة والبيض؛ لأنها لم تثبت فعاليتها.
حروق الدرجة الثانية
تُعد حروق الدرجة الثانية أكثر خطورة لأن الأضرار تتجاوز الطبقة العليا من الجلد مؤدية إلى ظهور نفطات، كما يصبح الجلد أحمر ومؤلمًا للغاية.
تنفتح بعض النفطات فيظهر الحرق بمظهر رطب أو مبلل، وبمرور الوقت قد تتطور أنسجة سميكة وناعمة فوق الجرح تشبه الجلبة وتسمى نضحة ليفية.
بسبب الطبيعة الدقيقة لهذه الجروح، يُنصح بالحفاظ على نظافة المنطقة وضمادها بشكل صحيح؛ لمنع حدوث إنتان، كما يساعد هذا أيضًا الحرق على الشفاء بشكل أسرع.
تستغرق بعض حروق الدرجة الثانية وقتًا أطول من ثلاثة أسابيع للشفاء، ولكن معظمها تلتئم خلال أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع دون ندوب، كما أنها غالبًا ما تترك تصبغات على الجلد.
تطول فترة شفاء الحروق كلما كانت النفطات أسوأ. في بعض الحالات الشديدة، يكون من الضروري تطعيم الجلد لإصلاح الضرر. (يقوم التطعيم على أخذ جلد بشرة صحية من منطقة أخرى من الجسم ونقلها إلى موقع الجلد المحروق).
علاجات حروق الدرجة الثانية
كما هو الحال مع الحروق من الدرجة الأولى، يجب تجنب وضع القطن والعلاجات المنزلية المشكوك في فعاليتها. تشمل علاجات حرق الدرجة الثانية الخفيف بشكل عام:
- وضع الجلد تحت ماء بارد لمدة 15 دقيقة أو أكثر.
- تناول مسكنات الألم التي تُعطى من دون وصفة طبية (أسيتامينوفين أو إيبوبروفين).
- وضع كريم مضاد حيوي للنفطات.
ومع ذلك، يجب طلب علاج طبي طارئ إذا كان الحرق يشمل منطقة واسعة، مثل أي مما يلي:
- الوجه.
- اليدين.
- الأرداف.
- الفخذ.
- القدمين.
حروق الدرجة الثالثة
تُعد حروق الدرجة الثالثة النوع الأشد -باستثناء حروق الدرجة الرابعة- إذ أنها تسبب ضررًا كبيرًا، وتمتد عبر كل طبقات الجلد.
هناك اعتقاد خاطئ بأن حروق الدرجة الثالثة هي الحروق الأكثر إيلامًا. ولكن على العكس، ففي هذا النوع من الحروق، تكون الأذية واسعة لدرجة أنه قد لا يكون هناك أي ألم بسبب تلف الأعصاب.
تتضمن الأعراض التي يمكن أن تُظهرها حروق الدرجة الثالثة اعتمادًا على السبب ما يلي:
- لون أبيض وشمعي.
- تفحم.
- لون بني غامق.
- ملمس جلدي مرتفع.
- لا يوجد نفطات.
من دون جراحة، تلتئم هذه الجروح بتندب شديد وانقباضات. ولا يوجد جدول زمني محدد للشفاء التلقائي الكامل للحروق من الدرجة الثالثة. لا تحاول أبدًا علاج حروق الدرجة الثالثة واتصل بالرقم 911 (أو رقم الطوارئ المحلي في منطقتك) على الفور. بينما تنتظر العلاج الطبي، ارفع الإصابة فوق مستوى القلب. لا تخلع ملابسك، لكن تأكد من عدم وجود ملابس محترقة.
مضاعفات الحروق
مقارنةً بالحروق من الدرجة الأولى والثانية، فإن حروق الدرجة الثالثة تحمل مخاطر الإصابة بمضاعفات، مثل الالتهابات وفقدان الدم والصدمة التي غالبًا ما تؤدي إلى الوفاة. في الوقت نفسه، تحمل جميع الحروق خطر العدوى لأن البكتيريا يمكن أن تدخل الجلد المحروق.
يُعتبر الكزاز من المضاعفات الأخرى المحتملة للحروق بكافة درجاتها. (الكزاز: عدوى بكتيرية مثل الإنتان). يؤثر الكزاز على الجهاز العصبي، ما يؤدي في النهاية إلى مشاكل في تقلصات العضلات. بشكل عام، يجب أن يتلقى كل فرد من أفراد الأسرة جرعات لقاح الكزاز المحدثة كل 10 سنوات لمنع حدوث هذا النوع من العدوى.
تحمل الحروق الشديدة أيضًا خطر انخفاض درجة حرارة الجسم ونقص حجم الدم. على الرغم من أن هذا قد يبدو غير متوقع، تنجم هذه الحالة بالفعل عن فقدان مفرط لحرارة الجسم بسبب الإصابة. ينقص حجم الدم عندما يفقد جسمك الكثير من الدم بسبب الحروق.
الوقاية من الحروق
أفضل طريقة واضحة لمحاربة الحروق هي منع حدوثها. تعرِّضك بعض الوظائف لخطر الإصابة بالحروق بشكل أكبر، ولكن الحقيقة هي أن معظم الحروق تحدث في المنزل، ويُعتبر الرضع والأطفال الصغار أكثر الفئات عرضة للحروق.
تشمل الإجراءات الوقائية التي يمكنك اتخاذها في المنزل ما يلي:
- ترك الأطفال خارج المطبخ أثناء الطهي.
- توجيه مقابض وعاء الطبخ نحو الجزء الخلفي من الموقد.
- وضع طفاية حريق في المطبخ أو بالقرب منه.
- فحص كاشفات الدخان مرة واحدة في الشهر.
- استبدال كاشفات الدخان كل 10 سنوات.
- الحفاظ على درجة حرارة سخان المياه أقل من 120 درجة فهرنهايت.
- قياس درجة حرارة ماء الحمام قبل الاستخدام.
- تخبئة أعواد الثقاب والولاعات.
- وضع أغطية للمآخذ الكهربائية.
- فحص الأسلاك الكهربائية والتخلص من تلك التي تحوي على أسلاك مكشوفة.
- إبقاء المواد الكيميائية بعيدة وارتداء القفازات أثناء الاستخدام.
- وضع واق شمسي كل يوم، وتجنب أشعة الشمس في وقت الذروة.
- التأكد من إيقاف جميع الأجهزة الحرارية المنزلية بشكل كامل.
- تنظيف فلتر المجفف بانتظام لأن المواد تعلق به.
من المهم أيضًا أن يكون لديك خطة للهروب من الحرائق والتدرب عليها مع عائلتك مرة واحدة في الشهر. في حال نشوب حريق، تأكد من الزحف تحت الدخان؛ لأن هذا سيقلل من خطر الموت والمحاصرة بين النيران.
توقعات الشفاء من الحروق
عندما تُعالج الحروق بشكل صحيح وبسرعة، تكون التوقعات للشفاء من حروق الدرجة الأولى والثانية جيدة، فهذه الحروق نادرًا ما تكوّن ندبة، ولكن يمكن أن تؤدي إلى تغير في صبغة الجلد الذي تعرض للحرق.
تهدف المعالجة إلى تقليل حدوث المزيد من الضرر والعدوى. يمكن أن يؤدي التلف الشديد الناجم عن حروق الدرجة الثانية والثالثة الشديدة إلى مشاكل في أنسجة الجلد والعظام والأعضاء العميقة.
قد يحتاج المرضى إلى:
- عملية جراحية.
- علاج فيزيائي.
- إعادة تأهيل.
- رعاية مساعدة مدى الحياة.
يُعد الحصول على علاج فيزيائي مناسب للحروق أمرًا مهمًا، ولا تتردد في طلب دعم نفسي أيضًا، إذ يوجد مجموعات متاحة لدعم الأشخاص الذين عانوا من حروق شديدة، بالإضافة إلى مستشارين معتمدين.
اتصل بالإنترنت أو تحدث إلى الطبيب للعثور على مجموعات دعم في منطقتك. يمكنك أيضًا الاستفادة من مصادر أخرى مثل: (منظمة المساعدة للناجين من الحروق – Burn Survivor Assistance)، و(مؤسسة حروق الأطفال – Children’s Burn Foundation).
اقرأ أيضًا:
الحلقة الحادية والعشرون من سلسلة الإسعافات الأولية الحروق الكهربائية
الحلقة التاسعة عشرة من سلسلة الإسعافات الأولية كيف تتعامل مع الحروق والسلوق؟
لماذا تسمر بشرتنا عند التعرض للشمس ؟ و ما الذي يسبب الحروق الشمسية ؟
ترجمة: بشر معلولي
تدقيق: تسنيم الطيبي