الجامود أو التخشّب هو اضطراب نفسي حركي، أي أنه خلل في العلاقة بين الوظيفة العقلية والحركية، ويؤثر في قدرة الشخص على الحركة بصورةٍ طبيعية.
قد يعاني المصابون بالجامود مجموعة متنوعة من الأعراض. إن أكثر الأعراض شيوعًا هو الذهول، ما يعني أن الشخص لا يستطيع الحركة أو التحدث أو الاستجابة للمنبهات. ومع ذلك، قد يُظهر بعض الأشخاص المصابون بالجامود حركة مفرطة وسلوكًا مضطربًا.
قد يستمر الجامود من بضع ساعات إلى أسابيع أو أشهر أو سنوات، وقد يتكرر باستمرار لمدة أسابيع إلى سنوات بعد النوبة الأولى.
إذا كان الجامود عرضًا جانبيًا لمرضٍ ما؛ فيُطلق عليه اسم الجامود الخارجي، وإن لم يكن كذلك؛ فإنه يُعد مرضًا بذاته.
أنواع الجامود:
لم يعد الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية (DSM-5) يُصنف الجامود إلى أنواع، ولكن ما يزال العديد من المتخصصين في الصحة العقلية يصنفون الجمود إلى ثلاثة أنواع وهي: لاحركي وانفعالي وخبيث.
الجمود اللاحركي هو النوع الأكثر شيوعًا ويسبب بطء الحركة. قد يحدق الشخص المصاب بالجامود اللاحركي في الفضاء ولا يتكلم غالبًا.
يكون الأشخاص الذين يعانون الجامود الانفعالي متعجّلين ومضطربين، وينخرطون أحيانًا في سلوكيات مؤذية. يُعرف الجامود الانفعالي أيضًا باسم الجامود مفرط الحركة.
قد يعاني الأشخاص المصابون بالجامود الخبيث الهذيان، وغالبًا ما يُصابون بالحمى، وقد يكون لديهم ضربات قلب سريعة وارتفاع ضغط الدم.
مسببات الجامود:
وفقًا للدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية (DSM-5)، هناك عدة حالات قد تسبب الجمود. وذلك يشمل:
- الاضطرابات التي تؤثر في نمو الجهاز العصبي.
- الذهان.
- اضطرابات ثنائية القطب.
- الاكتئاب.
- الحالات الطبية الأخرى، مثل نقص حمض الفوليك، واضطرابات المناعة الذاتية النادرة، والاضطرابات الورمية النادرة التي ترتبط بالأورام السرطانية.
الأدوية:
إن الجامود هو أحد الآثار الجانبية النادرة لبعض الأدوية المُستخدمة لعلاج الأمراض العقلية. عند الشك في أن أحد الأدوية المُتناولة يسبب الجامود، فعندها يجب طلب العناية الطبية الفورية، وتعد هذه حالة طبية طارئة. كما أن التوقف عن تناول بعض الأدوية التي تسبب متلازمة السحب قد يسبب الجامود، مثل كلوزابين (كلوزاريل).
أسباب عضوية:
تشير الدراسات إلى أن بعض الأشخاص المصابين بالجامود المزمن قد يعانون تشوهات في الدماغ.
يعتقد بعض الخبراء أن زيادة أو نقصان في بعض النواقل العصبية يسبب الجامود. مثلًا: الدوبامين، أو حمض غابا أمينوبوتيريك (GABA).
عوامل خطر الجامود:
إن النساء أكثر عرضة للإصابة بالجامود، ويزداد الخطر مع التقدم في السن.
مع أن الجامود ارتبط تاريخيًا بالفصام، فإن الأطباء النفسيين الآن يصنفون الجامود على أنه مرض بذاته، وقد يُصاب الأشخاص به تزامنًا مع اضطرابات أخرى.
ما يقدر بنحو 10% من المرضى النفسيين المصابين بأمراض حادة يعانون الجامود. ويعاني 20% من مرضى الجامود مرض انفصام الشخصية، بينما يعاني 45% منهم اضطراب المزاج.
قد تعاني النساء المصابات باكتئاب ما بعد الولادة (PPD) الجامود.
ومن عوامل الخطر الأخرى: تعاطي الكوكايين، وانخفاض تركيز الملح في الدم، واستخدام الأدوية مثل سيبروفلوكساسين (سيبرو).
أعراض الجامود:
يوجد العديد من الأعراض، وأكثرها شيوعًا مايلي:
- الذهول: إذ لا يستطيع الشخص التحرك والتحدث، ويبدو أنه يحدق في الفضاء.
- الوضعية الشمعية: إذ يبقى الشخص في الوضع نفسه لفترة طويلة.
- سوء التغذية والجفاف الناتج عن قلة الأكل أو الشرب.
- الإيكولاليا: وفيها يستجيب الشخص للمحادثة عبر تكرار ما يسمعه فقط.
تُلاحظ هذه الأعراض الشائعة عند من يعانون من الجامود المتأخر أي الشذوذ الحركي المتأخر.
تشمل أعراض الجامود الأخرى ما يلي:
- التخشب: وهو نوع من تصلب العضلات.
- عدم الاستجابة للمحفزات الخارجية.
- إيكوبراكسيا، وهو تقليد حركات شخص آخر.
- العجز عن الكلام.
- السحل.
تشمل الأعراض الخاصة بالجامود الانفعالي حركات مفرطة وغير عادية، وتشمل مايلي:
- الأرق.
- حركات بلا هدف.
يسبب الجامود الخبيث الأعراض الأكثر خطورة، وذلك يشمل:
- الهذيان.
- الحمى.
- التعرق.
- قد تتقلب العلامات الحيوية مثل ضغط الدم ومعدل التنفس ومعدل ضربات القلب، وهذه الأعراض تتطلب العلاج الفوري.
التشابه مع حالات مرضية أخرى:
تعكس أعراض الجامود أعراض الحالات الأخرى، بما في ذلك:
- الذهان الحاد.
- التهاب الدماغ، أو التهاب في أنسجة المخ.
- متلازمة الذهان الخبيثة (NMS)، وهو رد فعل نادر وخطير للأدوية المضادة للذهان.
- حالة الصرع غير المتشنجة، وهو نوع من النوبات الشديدة.
يجب على الأطباء استبعاد هذه الحالات قبل تشخيص الجامود، ويجب أن يُظهر الشخص على الأقل اثنين من أعراض الجمود الرئيسية لمدة 24 ساعة قبل أن يتمكن الطبيب من تشخيص الجامود.
تشخيص الجامود:
لا يوجد اختبار مؤكد لتشخيص الجامود.
يجب أن يستبعد الفحص البدني والاختبار أولاً الحالات الأخرى.
مقياس تصنيف بوش-فرانسيس BFCRS: وهو اختبار يُستخدم غالبًا لتشخيص الجامود، إذ يحتوي هذا المقياس على 23 عنصرًا تُسجَّل من 0 إلى 3. التصنيف 0 يعني غياب الأعراض، والتصنيف 3 يعني وجودها.
قد تساعد اختبارات الدم في استبعاد اختلال توازن الكهرليتات، إذ قد يؤدي خللها إلى تغييرات في الوظيفة العقلية.
قد يؤدي الانسداد الرئوي، أو جلطة الدم في الرئتين، إلى أعراض الجامود.
قد يكون أيضًا اختبار دم الفيبرين D-dimer مفيدًا، وتُشير الدراسات الحديثة إلى أن الجامود يرتبط بمستويات مرتفعة من D-dimer. ومع ذلك، فإن العديد من الحالات مثل الانسداد الرئوي قد تؤثر في مستويات D-dimer.
قد تستبعد الأشعة المقطعية أو التصوير بالرنين المغناطيسي وجود ورم في الدماغ.
علاج الجامود:
الأدوية:
عادة ما تكون الأدوية هي الطريقة الأولى لعلاج الجامود، وتشمل أنواع الأدوية التي توصف: البنزوديازيبينات، ومرخيات العضلات، وأحيانًا مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقة، وعادةً ما تكون البنزوديازيبينات هي أول الأدوية الموصوفة.
تشمل البنزوديازيبينات كلونازيبام (كلونوبين)، ولورازيبام (أتيفان)، وديازيبام (فاليوم). تعمل هذه الأدوية على زيادة الناقل العصبي GABA في الدماغ، ما يدعم النظرية القائلة بأن نقصان GABA يؤدي إلى الجامود.
عادةً ما يستجيب الأشخاص الحاصلون على تصنيفات عالية في BFCRS بصورة جيدة لعلاجات البنزوديازيبين.
تشمل الأدوية المحددة الأخرى التي يمكن وصفها بناءً على حالة الفرد، ما يلي:
- الباربيتورات.
- بروموكريبتين (سيكلوسيت، بارلوديل).
- كاربامازيبين (كارباترول، إبيتول، تيجريتول).
- كربونات الليثيوم.
- هرمون الغدة الدرقية.
- الزولبيديم (أمبين).
بعد 5 أيام، إذا لم تكن هناك استجابة للدواء أو إذا تفاقمت الأعراض، قد يوصي الطبيب بعلاجات أخرى.
العلاج بالصدمات الكهربائية ECT:
وهو علاج فعال للجامود، ويُجرى في المستشفى تحت إشراف طبي، وهو إجراء غير مؤلم.
عند تخدير المريض، توصّل آلة خاصة صدمةً كهربائيةً إلى الدماغ، ما يؤدي إلى حدوث نوبة في الدماغ لمدة دقيقة تقريبًا.
يُعتقد أن النوبة تسبب تغيرات في كميات النواقل العصبية في الدماغ؛ ما يحسن أعراض الجامود.
وفقًا لمراجعة الدراسات لعام 2018، فإن العلاج بالصدمات الكهربائية والبنزوديازيبينات هما العلاجان الوحيدان اللذان أثبتا فاعليتهما سريريًا في علاج الجامود.
التوقعات:
عادةً ما يستجيب الناس بسرعة لعلاجات الجامود. إذا لم يستجب الشخص للأدوية الموصوفة، قد يصف الطبيب أدوية بديلة حتى تهدأ الأعراض.
إن للأشخاص الذين يخضعون للعلاج بالصدمات الكهربائية معدل انتكاس مرتفع للجامود، وعادةً ما تظهر الأعراض مرة أخرى في غضون عام.
الوقاية:
نظرًا لأن السبب الدقيق للمرض غير معروف غالبًا، فإن الوقاية منه غير ممكنة. ومع ذلك، يجب على الأشخاص الذين يعانون الجامود تجنب تناول الأدوية المضادة للذهان مثل الكلوربرومازين. فسوء استخدام الأدوية قد يؤدي إلى تفاقم أعراض الجامود.
اقرأ أيضًا:
الجامود: الأسباب والأعراض والعلاج
الكاتاتونيا: عندما يتحول الجسد إلى دمية من الشمع!
ترجمة: فاطمة الرقماني
تدقيق: نور حمود