غيرت الثورة الفرنسية أوروبا إلى الأبد، بعد قرون من القمع في ظل الملكية المطلقة شهدت فرنسا صعود “الطبقة الثالثة” باحتجاج عنيف في يوليو 1789.
في 14 يوليو اقتحم الباريسيون سجن الباستيل، الحصن الذي عُد رمزًا للقمع الملكي، وبعد مضي بضع سنوات أعدموا الملك لويس السادس عشر وزوجته ماري أنطوانيت.
تأثرت المثل العليا للثورة “حرية – عدالة – أُخوة” بفكر عصر التنوير وقادت إلى سيطرة الدولة على الكنيسة الكاثوليكية ومنح حق الاقتراع للرجال وإلغاء الإقطاع. لكن الثوار لم يكونوا متحدين بأي حال في بصيرتهم لهذه الجمهورية الجديدة، والإجراءات الصارمة المُصَممة على اقتلاع المشبوهين والخونة جرت إلى عهد الإرهاب، حينما أُعدم آلاف الناس حول البلاد بصفتهم أعداء الثورة.
استطاعت نهضة نابوليون بونابرت القاسية لوحدها أن تُنهي الثورة بعد عقد من بدايتها. وكانت حقبة ارتكب فيها الناس العاديون فجأةً أشياء غير اعتيادية.
فيما يلي بعض الشخصيات الرئيسية لعهد الثورة الفرنسية.
إيمانويل جوزيف سياس
إيمانويل جوزيف سياس كان عضوًا ليبراليًا من طبقة رجال الدين وقد كتب كُتيبًا شديد التأثير قبل مدة قصيرة من الثورة الفرنسية أسماه: “ما هي الطبقة الثالثة؟” يناقش وجوب حصول الطبقة الثالثة -التي تشكل 98% من السكان- على تمثيل حقيقي في الحكومة، وأصبحت هذه الحجة البيان الفعلي للثورة.
في مايو 1799، أصبح سياس مدير الجمهورية لكنه عارض فسادها. في نوفمبر 1799 أطاح سياس وحلفاؤه بحكومة المديرين، سامحًا للقائد العسكري المشهور نابوليون بالاستيلاء على السلطة في انقلاب 18 برومير (9 نوفمبر)، الذي أنهى الثورة بشكل فعال. عُيّن بونابرت وسياس وروجر دوكو قناصل للجمهورية الفرنسية بعد الانقلاب.
ماركيز دو لافاييت
ماركيز دو لافاييت هو ارستقراطي ليبرالي قاد القوات الفرنسية في الثورة الأمريكية، وبُجل بعد الثورة الفرنسية باعتباره بطلًا عسكريًا ومناصرًا للحرية. كتب لافاييت إعلان حقوق الإنسان والمواطن بالتشاور مع توماس جيفرسون وسياس.
بعد اقتحام سجن الباستيل، أصبح القائد العام للحرس الوطني. لكنه اتهم بالتواطؤ مع العائلة المالكة حينما حاولت الهروب من فرنسا إلى فارين في يونيو 1791. وتلطخت سمعته أكثر في 1791 عندما أطلق الحرس الوطني النار على المتظاهرين في شامب دو مارس.
موقف لافاييت المعتدل تجاه التطرف المتنامي لليعاقبة أدى لصدور مذكرة اعتقال بحقه، فهرب من فرنسا، لكن اعتقلته القوات النمساوية وقضى 5 سنوات في السجن وعاد بمجرد استيلاء نابوليون على الحكم.
جان بول مارا
جان بول مارا أكثر صحفيي الثورة الفرنسية تأثيرًا. صحيفته الخاصة (صديق الشعب Ami du peuple) أخذت موقفًا متطرفًا وعنيدًا تجاه قادة الثورة الفرنسية خاصةً المحافظين منهم. وكان مدافعًا نشيطًا عن الطبقة العاملة من السانز كولوتس.
يُعتقد أن مارا عندما كان قائدًا للجنة مراقبة كميونة باريس تورط بتنظيم مجازر سبتمبر عام 1799 حين ذُبح أكثر من 1200 شخص مشبوه. وكان له أيضًا دور أساسي في عمليات تطهير الجيرونديين المعتدلين.
اغتالته شارلوت كورداي المتعاطفة مع الجيرونديين حينما كان في حمام علاجي لمرضه الجلدي. حضر جنازته المؤتمر الوطني بأكمله وبُجِلَ كشهيد ثوري.
جاك بيير بريسو
جاك بيير بريسو كان أكثر قائد بارز لحزب الجيرونديين، الفصيل الأكثر تحفظًا في المؤتمر الوطني. تكونت هذه الجماعة من رجال الأعمال والتجار والممولين، ودعمت فكرة الملكية الدستورية على النقيض من جماعة مونتانيارد (الجبليين) الأكثر تطرفًا، الذين نادوا باحتياجات الطبقة العاملة الحضرية.
تأثير بريسو كان هائلًا لدرجة أن الجيرونديين كانوا غالبًا ما يُعرفون بالبريسونيين.
بعد اعتقال لويس السادس عشر بتهمة الخيانة، عارض بريسو إعدامه ودعا لاستفتاء شعبي بهذا الشأن. وهددت النمسا وبروسيا بالرد في حال إيذاء لويس السادس عشر.
حث بريسو الجمعية التشريعية لإعلان الحرب ضد النمسا في 1792، الأمر الذي استهل كارثة على الفرنسيين.
في الثاني من يونيو 1793 أحاط باريسيون مسلحون ببناية المؤتمر وأجبروهم على طرد الجيرونديين.
أُعلن بريسو وحلفاؤه جميعًا أعداءً للثورة الفرنسية وأُعدموا بالمقصلة في أكتوبر من نفس العام.
أوليمب دو غوج
أوليمب دو غوج كاتبة مسرحية جيروندية، قامت بحملة لحقوق المرأة ولإلغاء العبودية في الجمهورية الجديدة بعد الثورة الفرنسية. جادلت في إعلانها الخاص بحقوق المرأة والمواطنة في العام 1791 بإنه لو كان على النساء الخضوع للمساءلة واعتلاء المقصلة، فلهن الحق في اعتلاء المناصب أيضًا.
كتبت غوج للجمعية الوطنية عارضةً الدفاع عن لويس السادس عشر في محاكمته ما سبب غضبًا عارمًا. نادى كُتيبها المؤرخ 1973 “الجِرار الثلاثة – Les Trois Urnes” بالملكية الدستورية، الأمر الذي كان جريمة كُبرى، فأعدمت بالمقصلة بعد ثلاثة أيام من إعدام الجيرونديين الآخرين. واستخدم إعدامها تحذيرًا للنساء النشِطات سياسيًا من التحدث علنًا.
جورج دانتون
كان جورج دانتون عضوًا في جماعة اليعاقبة، وقائد نادي كورديليرس، أحد النوادي السياسية في الثورة الفرنسية، ووزير العدل في العام 1792.
أدى خطاب جورج دانتون الذي ألقاه في الثاني من سبتمبر إلى مذابح. وهو أول رئيس للجنة السلامة العامة، لكن بعد طرد الجيرونديين بدأ حملةً ضد استخدام العنف.
اتهمه صديقه السابق روبسبير بكونه من معارضي الثورة الفرنسية، مدعيًا أنه قد انتفع ماليًا منها، حتى أُعدم دانتون بالمقصلة في الخامس من ابريل 1794.
ماكسميليان روبسبيير
المحامي والخطيب الشهير، ماكسميليان روبسبيير، كان قائد نادي اليعاقبة المتطرف في الجمعية الوطنية. قاد حملة بصفته عضو جمعية الولايات العامة من أجل حق الذكور في الاقتراع العام وإلغاء العبودية وحقوق السانز كولوت.
تبعًا لطرد الجيرونديين في يونيو 1793 شكلت زمرة روبسبيير، جمعية المونتانيارد، لجنة السلامة العامة التي كانت الحكومة التنفيذية الفعلية في فرنسا، وقادها روبسبيير.
تحت قانون الإرهاب لهذه اللجنة، أُعدم ما يقارب 40,000 شخص. بحلول يوليو 1794 الهلع المتنامي حول من سيُعدم تاليًا قاد إلى انقلاب السابع والعشرين من يوليو الذي أدى لاعتقال روبسبيير ومن ثم إعدامه في اليوم التالي.
اقرأ أيضًا:
لويس السادس عشر: آخر ملوك فرنسا
ترجمة: صفا روضان
تدقيق: عثمان مرزوك