التهاب السحايا: هو عدوى تصيب أغشية السحايا المحيطة بالدماغ والنخاع الشوكي، إذ تنتفخ هذه الأغشية فور إصابتها بالعامل المسبب، وهو عبارة عن فيروسات في معظم الحالات. أما التهاب السحايا بالمكورات الرئوية، فهو ناتج عن نوع من الجراثيم يُسمى المكورات العُقدية الرئوية.
التهاب السحايا بالمكورات الرئوية مرض نادر، ولكنه خطر في الوقت ذاته، فقد يتطور إلى حالة طارئة مهددة للحياة، وقد يسبب أيضًا مضاعفات تنتهي بالموت. لذلك، قد يقلل تلقي العلاج فور الإصابة من الانعكاسات السلبية للعدوى.
إن المكورات العقدية الرئوية تمثّل أحد أكثر أنواع الجراثيم انتشارًا وسهولة في الانتقال من شخص إلى آخر، إذ تنتقل عبر السعال والعطاس وتسبب طيفًا واسعًا من الأمراض، مثل التهاب السحايا وذات الرئة والتهاب الجيوب الأنفية.
تُعد المكورات العقدية الرئوية المسبب الرئيسي لالتهاب السحايا عند البالغين، وأحد الأسباب الرئيسية لالتهاب السحايا عند الأطفال دون سن الثانية.
انخفضت نسب الإصابات الحادة بالمكورات العقدية الرئوية بما فيها التهاب السحايا انخفاضًا ملحوظًا منذ اعتماد لقاح الالتهاب الرئوي.
الأسباب
تحدث الإصابة بالتهاب السحايا بالمكورات العقدية عند دخول المكورات الرئوية إلى مجرى الدم، ثم تنتقل وتُصيب السائل المحيط بالدماغ والنخاع الشوكي.
إن دخول هذه المكورات إلى جسم الإنسان لا يعني بالضرورة الإصابة بالتهاب السحايا، فقد تسبّب أمراضًا أخرى كما ذكرنا آنفًا، مثل: التهابات الأذن أو الدم أو الجيوب الأنفية أو ذات الرئة.
وفقًا لمؤسسة أبحاث التهاب السحايا الكندية، فإن ما يقارب 40% من الأشخاص يحملون المكورات الرئوية.
لحسن الحظ، فإن الجرثومة عند غالبية الأشخاص يكون خاملًا فلا يسبب أي أمراض. مع ذلك، إن انتقال المكورات الرئوية من شخص مصاب إلى آخر سليم قد يؤدي إلى إصابة الأخير بأحد أمراض المكورة الرئوية.
تنتقل هذه المكورات عبر الرذاذ الذي يخرج من الشخص المصاب عبر السعال أو العطاس، أو مشاركة الأدوات الشخصية أو أدوات الطعام وحتى بمشاركة أحمر الشفاه!
عوامل الخطورة
قد تجعل بعض العوامل الشخص أكثر عرضة للإصابة بالتهاب السحايا بالمكورات الرئوية، وتشمل:
- نقص المناعة بعد العدوى أو تعاطي المخدرات.
- مرض السكري.
- صدمة أو إصابة في الرأس.
- التهاب أذن سابق سببه المكورات العقدية الرئوية.
- التاريخ العائلي مع التهاب السحايا.
- تناول الكحول.
- التدخين.
- استئصال الطحال أو توقف عمله.
- الأمراض المزمنة الكلوية أو الرئوية أو القلبية أو الكبدية.
- إصابة صمام القلب بالمكورات العقدية الرئوية.
- زراعة قوقعة الأذن.
- وجود إصابة سابقة بالعقدية الرئوية.
- إصابة سابقة بالجهاز التنفسي العلوي.
وفقًا لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC)، فإن الأطفال المصابين بأمراض تؤثر في الطحال، مثل: فقر الدم المنجلي أو الإيدز، أكثر عرضة للإصابة بالتهاب السحايا بالمكورات العقدية الرئوية.
أفادت المراكز أيضًا بارتفاع خطورة الإصابة لدى الأطفال ذوي الأصل الأفريقي الأمريكي أو من ألاسكا، إضافة إلى الهنود الأمريكيين.
تشيع الإصابة أيضًا لدى الأشخاص الذين هم على تماس مباشر مع الآخرين، مثل طلاب السكن الجامعي أو غيرها من ظروف المعيشة الجماعية، وكذلك الأطفال في دور الحضانة.
الأعراض
تظهر أعراض الإصابة بالتهاب السحايا بالمكورات العقدية الرئوية فجأة، وغالبًا ما تظهر خلال الأيام الثلاثة الأولى من الإصابة بالجرثومة، وتشمل ما يأتي:
- حمى.
- تصلب في الرقبة.
- قشعريرة.
- غثيان وإقياء.
- اضطرابات ذهنية ونفسية.
- صداع شديد.
- حساسية ضوئية.
- فقدان الوعي أو الإغماء.
- تنفس سريع أو لهاث.
- تقوس الرأس والرقبة للخلف.
- قلق وهيجان.
يعاني المصابون أيضًا انتفاخ اليافوخ؛ أي أن البقعة الناعمة أعلى رأس الطفل تُدفع إلى الخارج عند الأطفال المصابين بالتهاب السحايا بالمكورات العقدية الرئوية.
التشخيص
يبدأ الطبيب التشخيص بالفحص البدني للمريض، وملاحظة الأعراض في حال الاشتباه بالإصابة بالتهاب السحايا بالمكورات الرئوية.
قد يطلب الطبيب بزلًا قطنيًا؛ أي سحب عينة للنخاع الشوكي من العمود الفقري للمريض، وقد يلجأ إلى اختبارات أخرى، تشمل:
- زرع الدم؛ لاكتشاف إذا ما كان هناك بكتيريا أو جراثيم في الدم.
- التصوير المقطعي المحوسب للرأس.
- تصوير الصدر بالأشعة السينية.
تُعد هذه الفحوصات ضرورية؛ لأن العلاج الفوري والسريع قد يعطي نتائج أفضل ونسب شفاء أعلى.
العلاج
يُدخل المصابون بالتهاب السحايا بالمكورات الرئوية إلى المستشفى لتلقي العلاج بالمضادات الحيوية وريديًا.
عادةً ما يعالج الأطباء هذا الالتهاب بالسيفترياكسون، وقد يُلجأ للمضادات الحيوية الأخرى، مثل:
- البنزيل بنلسين.
- الكلورامفنيكول.
- الفانكومايسين.
- السيفوتاكسيم.
قد يصف الأطباء أيضًا الستيرويدات القشرية لتقليل التورم حول الدماغ والعمود الفقري.
الخلاصة
يُصنّف التهاب السحايا بالمكورات الرئوية مع الأمراض شديدة الخطورة، إذ يموت نحو 20% من الأشخاص المصابين به. الأطفال وكبار السن الذين تزيد أعمارهم على 65 عامًا، هم الأكثر عرضةً للإصابة؛ لذلك يُنصح بإعطائهم اللقاح أكثر من غيرهم، ولهم أن يناقشوا خيار التلقيح مع طبيبهم.
اللقاح هو الطريقة الوحيدة لتجنب الإصابة بالتهاب السحايا بالمكورات الرئوية عندهم؛ لذلك يتلقى جميع الأطفال في الولايات المتحدة لقاحًا للمكورات العقدية الرئوية.
نتيجة التلقيح، أبلغت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها عن انخفاض ملحوظ في معدلات الإصابة، إذ انخفضت من 100 حالة في كل 100000 شخص في عام 1998 إلى 9 حالات من كل 100000 شخص في عام 2015.
أخيرًا، من المهم ذكر أن التهاب السحايا بالمكورات الرئوية يسبب مضاعفات على المدى الطويل لدى المريض، تشمل:
- فقدان السمع أو البصر.
- أذية دماغية.
- اضطرابات سلوكية.
- فقدان الذاكرة.
- تشنجات.
- تأخر نمو.
يضمن العلاج الفوري الحصول على نتيجة أفضل، فإذا استشار المريض طبيبه فور ظهور الأعراض الأولى، فإن احتمالية الشفاء أعلى.
اقرأ أيضًا:
التهاب السحايا الفيروسي: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج
التهاب السحايا الفيروسي، هل يمكن أن تؤدي قبلة لإصابة رضيع به؟
ترجمة: المايا محمد علي
تدقيق: جنى الغضبان
مراجعة: عبد المنعم الحسين