تمكن العلماء للمرة الأولى من ملاحظة تفاعل شائع في الكيمياء الكمية، باستخدامهم حاسوبًا كميًا لمتابعة عملية التفاعل، بعد إبطائه مئة مليار مرة مقارنةً بالسرعة العادية.
يُعرف هذا التفاعل باسم الانقطاع المخروطي، وقد اكتُشف منذ فترة طويلة، إلا أنه عادةً ما يستمر مدةً لا تتجاوز فيمتو ثانية، أو كوادريليون جزء من الثانية، ما يجعل من المستحيل إجراء الملاحظات والمراقبة مباشرةً.
رصد التفاعل فريق بحثي، تابع لجامعة سيدني في أستراليا وجامعة كاليفورنيا سان دييغو، باستخدام جسيم مشحون مُحتجَز في حقل، ما سمح للفريق بمتابعة حالة نظيرة للتفاعل محل الدراسة، في ظروف تستمر فترةً طويلة نسبيًا.
قالت العالمة أولايا أجوديلو من جامعة سيدني: «باستخدام حاسوبنا الكمي، استطعنا بناء نظام يتيح إبطاء ديناميكيات المواد الكيميائية إلى مستوى ميلي-ثانية، ما سمح لنا بجمع قياسات وملاحظات عالية الأهمية وغير مسبوقة».
الانقطاعات المخروطية هي الانتقال السريع للطاقة بين سطوح الطاقة المحتملة داخل الجزيئات، ما يعني أن وصف هذا التفاعل بلغة العلوم مثل الفيزياء الكمية والرياضيات، يُصبح أدق وأوضح، إذ يشمل التداخل بين حقول الطاقة، وعملية تغير الموجات في طبيعة الجسيمات.
من وجهة نظر كيميائية، تحكم التفاعلات الكمية التفاعلات المبنية على الضوء في مختلف الأحوال والسيناريوهات، متضمنةً عملية التمثيل الضوئي، والتفاعلات القابلة للملاحظة بالعين المجردة.
ما جعل عمليات البحث الحديثة ممكنة، الوسائل الخاصة التي تمكن العلماء بواسطتها من رصد تغير حالة الإلكترون ضمن خصائص قابلة للاستشعار والقياس بالأنظمة، وذلك باستعمال كمبيوتر كمي حاصر للأيونات الممثلة لوحدات معالجة كمية، إذ يستخدم الحقول الكهربائية للتلاعب بحالة الإلكترون ومحاصرته.
بإتمام هذه العمليات المعقدة المطلوبة، تمكن الفريق العلمي من إبطاء كل شيء على مستوى التفاعل، كي يُلاحَظ ويُقاس.
وفقًا للعلماء، تشبه هذه الأبحاث أخذ ملاحظات في الديناميكية الهوائية لجناح طائرة، في أثناء عملية اختبار في نفق هوائي.
يقول كريستوف فالهو، من كلية الفيزياء بجامعة سيدني: «تجربتنا العلمية لا توصف بأنها تقريبات رقمية فحسب، بل ملاحظات ودراسات تناظرية مباشرة لديناميكيات كمية، تنتشر بسرعات تسمح بدراسة هذه الجسيمات وملاحظتها».
ولمّا كانت ظاهرة التقطعات الضوئية أمر شائع في الكيمياء الضوئية، فإن البحث الجديد سيكون مفيدًا للغاية في الكثير من مجالات البحث، وسيُظهر أيضًا كيف يمكن للرؤى والاكتشافات أن توجد عبر التعاون بين علماء من مختلف مجالات العلوم.
عمومًا، تحمل لنا الحواسيب الكمية أملًا كبيرًا للمساعدة عندما يتعلق الأمر بمحاكاة أنماط التفاعلات الجزيئية، إذ إن الفهم الأفضل للمواضيع والأحداث الأسرع والأصغر مثل هذه التفاعلات، يعني أننا نحمل أفكارًا جيدة حيال كيفية استخدامها واستثمارها.
تقول أولايا أجوديلو: «بفهم هذه العمليات الأساسية التي تجري داخل الجزيئات وما بينها، تُفتح آفاق جديد لنا في علم المواد، وتركيب الأدوية، ومعالجة الطاقة الشمسية».
ويمكن تطوير بعض العمليات الأخرى المعتمدة على تفاعل الجزيئات مع الضوء، مثل كيفية تشكل الضباب الدخاني أو أسباب تلف طبقة الأوزون.
اقرأ أيضًا:
مراقبة سلوك الإلكترون أثناء التفاعلات الكيميائية لأول مرة
لاول مرة نجح العلماء بتصوير التفاعلات الكيميائية على مستوى الجزيئات
ترجمة: زين العابدين بدور
تدقيق: نور حمود
مراجعة: أكرم محيي الدين