التغيرات المفاجئة للجراثيم المفيدة في أمعائنا عند المكوث في المستشفى
وفقا لدراسة حديثة نشرت في مجلة mSphere فإن النبيت الجرثومي للمريض المقبول في وحدة العناية المشددة (ICU) يختلف بشكل عن النبيت الجرثومي الخاص بالمريض الطبيعي.
قام الباحثون بتحليل المعدل الجرثومي لدى مرضى الـ (ICU)، تحديدا في الأمعاء وفي الفم والجلد، ووجدوا اختلالا في التوازن الجرثومي، والذي زاد سوءا خلال فترة إقامة المريض في المشفى مقارنة مع المرضى الأصحاء. لوحظ حدوث نضوب في الجراثيم المتعايشة في الأمعاء والجراثيم المفيدة لدى مرضى الـ (ICU)، وزيادة في معدل الجراثيم المحدثة للأمراض تاركة المريض معرضا للإنتانات المكتسبة في المشافي، وتجرثم الدم وقصور الأعضاء ومن الممكن أن تصل للموت.
إن ما يحدد ما إذا كان النبيت الجرثومي للأمعاء صحيا أم لا هو أمر غير محدد بشكل واضح حتى الآن. ومع ذلك، يتوقع الباحثون أن الأمراض الخطيرة التي تتطلب البقاء في وحدة العناية المركزة ترتبط مع فقدان البكتيريا التي تساعد على الحفاظ على الصحة الجيدة.
الدراسة الجديدة، التي رصدت التغيرات في بنية البكتيريا، توفر الدليل على هذه الفرضية.
يقول المسؤول عن الدراسة “بول وتشمير” (Paul Wischmeyer)، طبيب التخدير في جامعة كولورادو في كلية الطب: “كانت النتائج كما كنا نخشى لها أن تكون، لقد رأينا الاستنزاف الهائل في الجراثيم العادية المعززة للصحة”.
“وتشمير” الذي سينتقل إلى جامعة دوك في الخريف، هو من يدير المختبر الذي يدرس التدخلات المتعلقة بالتغذية لتحسين الإنذار بالنسبة للمرضى المصابين بأمراض خطيرة. ويشير إلى أن العلاجات المستخدمة في وحدة العناية المركزة بما في ذلك المضادات الحيوية القوية والأدوية المحافظة على ضغط الدم، إضافة إلى نقص التغذية يمكن أن يقلل من تعداد الجراثيم المفيدة المعروفة، وبفهم كيفية تأثير هذه التغييرات على نتائج المرضى يمكننا تطوير تداخل يهدف لاستعادة التوازن البكتيري، والذي بدوره يمكن أن يقلل من خطر الإصابة بالجراثيم الممرضة الخطيرة.
وتتبعت الدراسات السابقة التغييرات في النبيت الجرثومي الطبيعي في الأرقام الفردية والصغيرة من مرضى مصابين بأمراض خطيرة، حيث قام وتشمير ومعاونيه بأخذ عينات من الجلد والبراز وعينات من الفم، من 115 مريض من وحدة العناية المركزة في أربع مستشفيات في الولايات المتحدة وكندا، وقام الباحثون بتحليل مجموعات البكتيريا في العينات مرتين، مرة بعد 48 ساعة من القبول في المشفى، ومرة أخرى بعد 10 أيام في وحدة العناية المركزة أو عند إخراج المريض، وسجلوا أيضا ما يأكله المرضى بالإضافة إلى ما تلقوه من علاج وما هي الأمراض أو الإصابات التي قبلوا بسببها في المشفى.
وقارن الباحثون بياناتهم مع البيانات التي تم جمعها من مجموعة فرعية من الناس الأصحاء الذين شاركوا في مشروع الأمعاء الأمريكي (مشروع الأمعاء الأمريكي هو مشروع يهدف إلى تحديد خصائص النبيت الجرثومي لدى الإنسان، المؤسس من مختبر روب نايت (Rob Knight) في جامعة كاليفورنيا في سان دييغو) وذكروا أن عينات مرضى وحدة العناية المركزة أظهرت مستويات أقل من جراثيم متينات الجدار وجراثيم العصوانيات وهما من أكبر المجموعات الجرثومية في الأمعاء وأكثر وفرة من جراثيم المتقلبات والتي تعد من مسببات العديد من الأمراض.
فوجئ “وتشمير” بمدى سرعة تغير النبيت الجرثومي لدى المرضى، وعبر قائلا: “لقد رأينا الارتفاع السريع في عدد الجراثيم المرتبطة بشكل واضح مع حدوث المرض”، في بعض الحالات أصبحت تلك الكائنات تشكل 95% من نبيت الأمعاء بأكملها وكل الجراثيم هي من النوع المسبب للأمراض، وحدث ذلك التحول في غضون أيام فقط من القبول في وحدة العناية المركزة وكان ذلك حقا شيئا مفاجئا”.
والجدير بالذكر، بأن الباحثين ذكروا أن النبيت الجرثومي لدى بعض المرضى حتى في وقت قبوله في المشفى كان مشابه للنبيت الجرثومي في الجثث !!
وأضاف “هذا حدث لدى عدد كبير من الناس أكثر مما كنا نود أن يحدث”
يشير “وتشمير” أنه بالإمكان تعقب النبيت الجرثومي مثل باقي العلامات الحيوية الأخرى، كما أنه يمكن استخدامها لتحديد مشاكل المريض والتنبؤ بالمخاطر قبل أن تصبح المشكلة ذات أعراض واضحة.
الآن بعد أن بدأ الباحثون بفهم كيفية تغير النبيت الجرثومي الطبيعي في وحدة العناية المركزة، يقول وتشمير أن الخطوة التالية هي استخدام هذه البيانات لتحديد العلاجات التي ربما تتضمن نبيت جرثومي آخر، وذلك بهدف استعادة التوازن البكتيري الصحي لدى المرضى.
ويقول وتشمير أن جميع الذين تعاونوا في هذا المشروع بما في ذلك خبراء التغذية والصيادلة والإحصائيين وأطباء الرعاية العناية المركزة وعلماء الكمبيوتر شاركوا على أساس تطوعي إلى حد كبير دون تمويل كبير لاستكشاف دور النبيت الجرثومي الطبيعي في وحدة العناية المركزة.
* النبيت الجرثومي: هي مجموعة من الجراثيم المتعايشة في أمعاء الإنسان، وتساعد على هضم بعض الأطعمة وإنتاج بعض الفيتامينات ووجودها يمنع مرور الجراثيم الممرضة.