الاعتداء الجنسي أزمة مستمرة تتعلق بالصحة العامة ولا يُبلّغ عنها بما يكفي، وما يرجح استمرارها لسنوات هو أن احتمالية التبليغ عن المعتدين من المعارف أقل بكثير من احتمالية التبليغ عن معتدين مجهولين. بعد العمل مع ضحايا الجرائم الجنسية لمدة 23 سنة من الواضح أن الرعاية ما بعد الاعتداء ضرورية للبدء برحلة التعافي ، وهذا أيضًا ما تؤكده الأبحاث التي توضح نوع المساعدات الأكثر مؤازرة للمجموعات المتنوعة للضحايا.
رحلة التعافي: جسدية وعقلية ومالية
درست ليزا فيدينا وزملاؤها العوامل المختلفة التي تؤثر في التعافي من الاعتداء الجنسي في دراسة سُميت «تجارب الاعتداء الجنسي وفقدان الأمان الاقتصادي والصحة لدى نساء من خلفيات عرقية مختلفة»، إذ درسوا العلاقة المتبادلة بين صفات ضحايا الاعتداء الجنسي والصحة النفسية والجسدية وفقدان الأمان الاقتصادي لدى مجموعة من الضحايا بهدف دراسة التجارب المختلفة لدى النساء اللاتينيات والأمريكيات من أصل أفريقي والبيضاوات لإيجاد خطط للتدخل ومنع حدوث الاعتداءات على مستوى سكاني. ووجدوا مؤشرات مميزة ضمن كل مجموعة تتعلق بالصحة النفسية والجسدية.
من هذه المؤشرات:
- معاناة النساء الأمريكيات من أصل أفريقي مشاكل صحية جسدية ونفسية مرتبطة بعوائق مالية تمنعهم من الوصول إلى الرعاية الصحية.
- معاناة النساء البيضاوات من مشاكل صحية نفسية وجسدية مرتبطة بانعدام الأمان المتعلق بالمسكن والغذاء.
بينما لم يجدوا مؤشرات محددة لدى النساء اللاتينيات، ما قادهم إلى الاقتناع بإمكانية وجود عوامل أخرى لم تُقس في هذه الدراسة كانت ستقدم توقعًا أفضل للنتائج الصحية لهذه المجموعة من النساء.
العنف الجنسي منتشر ومستمر
وجدت فيدينا وزملاؤها أن العنف الجنسي مشكلة منتشرة ومستمرة في الولايات المتحدة، وفيما يتعلق بالأنواع المختلفة للسلوك التهجمي الجنسي ذكروا إحصائيات وطنية تقدر أن 20% من النساء قد تعرضن للاغتصاب بالإجبار أو بالتجريد من القوة، وأن 13% قد أجبرن على الممارسة الجنسية، وأن 27% قد تعرضن إلى احتكاك جنسي غير مرغوب كاللمس غير المرغوب للأعضاء الجنسية أو التقبيل.
ولاحظوا في دراستهم أن المعدلات الأعلى للعنف الجنسي قد سُجلت بين النساء ذوات البشرة الملونة مقارنة بالنساء البيضاوات. تعود هذه الفروقات العرقية والإثنية إلى التفرقة العرقية الراسخة وعدم المساواة، وأن التفرقة العرقية في مجالات التعليم والدخل والعمل قد تمنع العديد من النساء الوصول إلى الفرص والموارد الضرورية لتحقيق الأمان.
الصحة النفسية والجسدية
أقر الباحثون الارتباط الواضح والموثق بين الاعتداء الجنسي والمشاكل النفسية والجسدية، إذ وجدوا أن النساء اللاتي تعرضن إلى الاعتداء الجنسي معرضات للاكتئاب والقلق واضطراب ما بعد الصدمة، إضافةً إلى أنهن معرضات لخطورة الإصابة بالأمراض الجسدية بصورة أكبر كالألم وارتفاع الضغط والسكري. إذ إن الصحة الجسدية معرضة للخطر عند وجود أعراض لمشاكل نفسية، وأن تعاطي الكحول والمخدرات وصعوبات النوم تسبب مشاكل صحية مزمنة.
توجد أبحاث جديدة عن البيولوجيا العصبية للصدمة تربط العمليات البيولوجية والتوتر المزمن بعمل جهاز المناعة، ما يجعل ضحايا الاعتداء الجنسي عرضة للأمراض المزمنة بصورة أكبر.
رحلة التعافي تتضمن الرعاية والثقافة
وصلت فيدينا وزملاؤها إلى نتيجة مفادها أن تقليل هذه النتائج الصحية الجسدية والنفسية السيئة يتطلب رعايةً يسهُل الحصول عليها وتحمل نفقاتها، وتدريبًا للشرطة وتدخلًا طبيًا للتقليل من انعدام الأمان المالي. ويؤكدون الحاجة إلى أبحاث مستقبلية حول العلاقة بين الصحة والاعتداء الجنسي تتضمن تقييمًا للتمييز العرقي أيضًا، وضرورة البحث عن العوامل الثقافية ذات الصلة، كالتبادل الثقافي، ووضع الهجرة إضافةً إلى انعدام الأمان الاقتصادي بين النساء ذوات البشرة الملونة لتنظيم تدخلات خاصة بكل ثقافة.
اقرأ أيضًا:
المساعدة بعد الاغتصاب و الاعتداء الجنسي
ما هي المؤشرات الدالة على تعرض طفل لاعتداء جنسي؟
ترجمة: ليلان عمر
تدقيق: نغم رابي
مراجعة: آية فحماوي