تعد أساليب الحيوانات وسلوكها الذي تتبعه للتكاثر من أغرب أعمال الطبيعة وأكثرها إثارة للإعجاب. فبدءًا من الغناء لجذب الشريك وصولًا إلى مساعدته على خلع ملابسه؛ تمهد مملكة الحيوان الطريق لجميع أنواع سلوكيات التكاثر. ولكن إناث الضفادع قد ضاقت ذرعًا، إذ يُلقي بحث جديد الضوء على تجنب إناث الضفدع الأوروبي الشائع (Rana temporaria) التزاوج، ووجد أن لديها بعض الحيل في جعبتها لتجنب الوقوع في فخ الذكور.
قد يؤدي التزاوج بين أفراد الضفادع من هذا النوع إلى العديد من النتائج السلبية التي قد تنتهي بوفاة الإناث أحيانًا. لذلك وُجد أن إناث الضفادع الأوروبية تُطور ثلاثة سلوكيات لمنع أو إيقاف التقدم غير المرغوب فيه من قِبل ذكور الضفادع. وقد أطلق الباحثون على هذه الأسماء: التهرب، وتقليد صوت الذكور، وعدم القدرة على الحركة أو التظاهر بالموت.
لمَن لا يعرف عن كيفية تزاوج الضفادع، فإن الضفادع الأوروبية تتزاوج في فترة تُعرف باسم التكاثر المتفجر. وهذا يعني حدوث تجمعات كبيرة من الذكور والإناث في فصل الربيع. يصعد ذكور الضفادع عادةً على ظهور الإناث في وضع يعرف باسم Amplexus أو حضن الإلقاح الخارجي. ويحاول ذكور الضفادع التزاوج مع أكبر عدد ممكن من الإناث؛ ما قد يؤدي إلى تراكم بيوض التزاوج لعدد من ذكور ضفادع فوق أنثى واحدة. قد يؤدي ذلك إلى موت الإناث؛ لأن ذكور الضفادع تتشبث بالإناث في الماء وتغرقها.
قالت الدكتورة كارولين ديتريش، من متحف التاريخ الطبيعي في برلين والمؤلفة الرئيسية للدراسة، لصحيفة نيويورك تايمز: «قد يبدو الأمر مثيرًا للاشمئزاز».
سابقًا، كان العلماء يعتقدون أن إناث الضفادع تكون سلبية إلى حد كبير في هذه العملية، ولكن وجد الفريق أن سلوكيات التجنب الثلاثة السابقة كانت أكثر شيوعًا بين إناث الضفادع الأصغر حجمًا وأن هذه الإناث الأصغر حجمًا كانت أكثر نجاحًا في الهروب من ذكور الضفادع. يشير هذا إلى أن إناث الضفادع تكون أقل سلبية في مرحلة التكاثر الانفجاري مما كان يُعتقد سابقًا.
وُضعت مع كل ذكر أُنثيان مختلفتان في الحجم في صناديق وراقبوها لمدة ساعة واحدة. وسُجلت لقطات للتفاعلات فيما بينها وحللها الفريق. لاحظ الباحثون سلوكيات التجنب الثلاثة جميعها سويةً وكل واحدة على حدة. ووجدوا أن الإناث الأصغر حجمًا استخدمت الأساليب الثلاثة أكثر من الإناث الأكبر حجمًا وكان لديهن فرصة أكبر للتهرب من محاولات التزاوج مع الذكور.
من بين إناث الضفادع، استخدمت 83% أسلوب التهرب لتجنب الذكور؛ ما جعله الخيار الأكثر شيوعًا. بينما استخدمت نحو نصف الإناث (48%) سلوك إطلاق النداءات، وهي عبارة عن تقليد إناث الضفادع للأصوات التي يصدرها الذكور لخداعها والنزول من على ظهرها.
قالت ديتريش لمجلة New Scientist: «عادةً ما يستخدم الذكور هذه النداءات للإشارة إلى الذكور الآخرين بأنهم ليسوا إناثًا، وبالتالي النزول عنهم والسماح لهم بالرحيل».
أيضًا، تظاهرت نحو 33% من الإناث بالموت، إذ صلّبت أنثى الضفادع أذرعها وأرجلها في الأوقات التي كان الذكر على ظهرها. حدث هذا السلوك جنبًا إلى جنب مع أساليب الهروب وإصدار النداءات.
يقترح الفريق أن هذه الأساليب قد تهدف إلى إثبات قوة الذكر وقدرته على التحمل، ما يؤدي إلى ذكور أفضل وأكثر لياقة وقادرين على التشبث أثناء التزاوج ونقل جيناتهم إلى بيوض الأنثى. ولكن نظرًا لأن هذه السلوكيات شوهدت في كثير من الأحيان عند الإناث الأصغر سنًا منها الأكبر سنًا، فقد يشير ذلك أيضًا إلى أن هذه استجابات للضغط النفسي لسلوك التزاوج.
أيضًا، يشير الباحثون إلى أن دراسة مستويات الستيرويدات القشرية الناتجة عن الإجهاد لدى هذه الضفادع قد تسلط الضوء على هذه السلوكيات، وتعترف بأن الملاحظات التي رأوها في الصندوق قد تختلف عن نسبة هذه السلوكيات في البرية.
قالت ديتريش لصحيفة الغارديان: «أعتقد أنه حتى لو أطلقنا على هذا اسم الضفدع الشائع واعتقدنا أننا نعرفه جيدًا، فما تزال هناك جوانب لا نعرفها وربما لم نفكر فيها بعد».
اقرأ أيضًا:
علاج جديد ساعد الضفادع على تجديد أرجلها المبتورة، ما يقرب فرصة إعادة نمو أجزاء الجسم البشري أيضًا
أنواع جديدة من الضفادع السامة تتطوّر أمام أعيننا
ترجمة: فاطمة الرقماني
تدقيق: جعفر الجزيري
