يمكن وصف التدمير الخلاق بإنه تفكيك وتدمير الممارسات والأعمال المعهودة من أجل إفساح الطريق والمجال لأفكار إبداعية. ابتكر عالم الاقتصاد النمساوي جوزيف شومبيتر مصطلح التدمير الخلاق لأول مرة عام 1942، ووصفه بأنه الابتكار في عمليات التصنيع من أجل زيادة الإنتاجية، ولكن هذا المصطلح استُخدم لاحقًا في الكثير من السياقات الأخرى.
كيف يعمل التدمير الخلاق؟
يصف شومبيتر التدمير الخلاق بأنه الطفرة الصناعية التي تُحدث ثورة مستمرة في الهيكل الاقتصادي من الداخل، وتستمر في تدمير النظام القديم وإنشاء بنية اقتصادية جديدة في نفس الوقت.
تفترض نظرية التدمير الخلاق أنه يجب تدمير الإجراءات والافتراضات طويلة الأمد لإفساح المجال لاستغلال الطاقات والموارد من أجل الابتكار.
تتعامل نظرية التدمير الخلاق مع الاقتصاد على أنه عملية طبيعية ومتغيرة دائمًا، وهذا يتعارض مباشرةً مع النموذج الرياضي التقليدي الثابت لطرق كامبريدج الاقتصادية. إذ لم يعد التوازن الهدف الأساسي للعمليات الاقتصادية، بل يعاد تشكيل العديد من المتغيرات أو استبدالها بالابتكار والمنافسة.
وكما توحي كلمة التدمير، لا بد من أن تنتج هذه العملية خاسرين ورابحين، وهكذا يخلق رواد الأعمال والعاملين في التقنيات الجديدة حالة من عدم التوازن ويسلطون الضوء على فرص الربح الجديدة، وبذاك يُترك الملتزمون بالتكنولوجيا القديمة عالقين.
يعد شومبيتر التنمية الاقتصادية نتيجة طبيعية للقوى الداخلية في السوق وتنشأ من خلال فرصة البحث عن الربح.
حدود التدمير الخلاق
عندما وصف شومبيتر التدمير الخلّاق لم يكن يؤيده بالضرورة، وبدا عمله متأثرًا جدًا بالبيان الشيوعي الذي كتبه كارل ماركس وفريدريك إنجلز الذي أدان البرجوازية لأنها تدعو دائمًا لتخفيز الإنتاج، ما يؤدي لاضطراب مستمر في جميع الظروف الاجتماعية.
أمثلة على التدمير الخلاق
يُعد خط تجميع السيارات الخاص بهنري فورد أحد أمثلة التدمير الخلاق لإحداثه ثورة في صناعة السيارات، ولكنه أزاح الأسواق القديمة والأفكار التقليدية في التصنيع وأجبر بذلك العديد من العمال على ترك العمل. ومن الأمثلة الحديثة قد يكون الإنترنت هو المثال أكثرها شمولًا للتدمير الخلاق، فلم يقتصر الخاسرون على موظفي البيع بالتجزئة وأرباب عملهم، بل شملت صرافي البنوك ومديري المكاتب ووكلاء سفر وغيرهم، وأضاف الإنترنت عبر الهاتف النقال مزيدًا من الخاسرين، مثل سائقي سيارات الأجرة وصانعي الخرائط.
وبالحديث عن الفائزين بخلاف المثال الواضح للمبرمجين، انقلبت صناعة الترفيه رأسًا على عقب بسبب الإنترنت وازدادت الحاجة إلى المواهب الإبداعية. وكما دمر الإنترنت العديد من الشركات الصغيرة فإنه أنشأ العديد من الشركات الجديدة عبر خدماته.
ولاحظ شومبيتر نقطةً أساسية: في العملية التطورية تكافَأ التحسينات والابتكارات وتعاقَب الطرق الأقل كفاءة في تنظيم الموارد، وهكذا يتجه الاقتصاد نحو التقدم والنمو ورفع مستويات المعيشة عمومًا.
اقرأ أيضًا:
ترجمة: عمرو سيف
تدقيق: محمد حسان عجك