يُعد التحام العينين (أو تصقلب العينين) حالةً مرضيةً ولاديةً نادرة، تظهر عند فشل انقسام الدماغ إلى جزئين أيمن وأيسر. ويسبب عيوبًا بنيوية في الرأس والوجه، ويتمثل العرض الأساسي بوجود عين واحدة كاملة أو مشقوقة جزئيًا. معدل النجاة لهذه الحالة منخفض، إذ يموت معظم الرضع المولودين مع هذه الآفة خلال ساعاتٍ من الولادة أو يولد الجنين ميتًا، إذ لا يقتصر الأمر على التحام العينين بل يتضمن تشوه دماغ الجنين في مرحلةٍ مبكرةٍ من الحمل.
ما التحام العينين؟
يُعرف أيضًا باندماج مقدم الدماغ اللافصي، وتشير تسمية اندماج الدماغ لمجموعة من الاضطرابات النادرة التي تصيب مقدمة الدماغ عند عدم اكتمال انقسامها لنصفي الدماغ الأيمن والأيسر، بينما يُفترض بمقدم الدماغ أن يتكون من نصفي الكرة المخية والمهاد والوطاء.
تتضمن أنواع اندماج الدماغ:
- اندماج الدماغ اللافصي: يظهر حين لا ينقسم الدماغ لنصفين أيمن وأيسر.
- اندماج الدماغ الشبه فصي: يتشكل حين يندمج النصف الأيسر مع الأيمن في الفصين الجبهي والجداري للدماغ.
- اندماج الدماغ الفصي: تظهر حين يتشكل البطينين الجانبيين الأيمن والأيسر، بينما يبقى نصفا الدماغ مندمجين.
- اندماج مقدم الدماغ المتغاير: يتشكل نصفا الدماغ الأيمن والأيسر ويبقيان متصلين في هذه الحالة.
يعد التحام العينين النوع الأشد خطورةً من أنواع اندماج الدماغ، وتتشكل هذه الحالة في الأيام من الحمل (18 إلى 28)، ويعاني المصابون بالتحام العينين من عدم انقسام الدماغ لنصفين أيمن وأيسر.
يؤثر التحام العينين في بنية الوجه والرأس أيضًا، وتتمثل العلامة الأوضح بوجود عين واحدة أو عينين منفصلتين جزئيا داخل جوف واحد، بينما تتضمن العلامات الأخرى:
- غياب الأنف.
- خرطوم تشبه بنيته بنية الأنف يتوضع فوق العين.
- صغر حجم الدماغ والرأس بشكل غير طبيعي.
- شفة أو حنك مشقوق.
- عيوب في الأسنان.
- اضطرابات هرمونية.
- انخفاض سكر الدم.
- انخفاض مستوي الصوديوم في الدم.
- عيوب في الأعضاء التناسلية.
الأسباب:
ما يزال السبب الأساسي لالتحام العينين غير معروف حتى الآن، لكن الباحثين يشيرون إلى تأثير بعض العوامل الأخرى في زيادة خطر الإصابة بهذه الحالة، ومنها:
- عوامل جينية.
- السكري الحملي.
- العدوى في أثناء الحمل.
- التعرض للأشعة فوق البنفسجية.
- تناول الكحول وبعض أنواع العقاقير في أثناء الحمل.
تشير المنظمة الوطنية للاضطرابات النادرة (NORD) إلى أن ثلث الرضع المولودين باندماج في الدماغ لديهم اضطرابات صبغية، والأكثر شيوعًا هو وجود 3 نسخ من الصبغي 13 (تثلث الصبغي 13)، إذ يتسبب ذلك في اضطراب عمل بعض الجينات والبروتينات المؤثرة في الدماغ . وتتسبب تشوهات الصبغيات الأخرى في حدوث هذه الآفة أيضًا.
يظهر اندماج الدماغ أيضًا في متلازمة سميث-ليلمي-أوبتيز. يؤثر هذا الاضطراب الجيني النادر في الكثير من الأعضاء والأجهزة في الجسم.
التشخيص:
يتطور التحام العينين وغيره من حالات اندماج الدماغ خلال الثلث الأول من الحمل (الأسابيع 3 و 4). ويستطيع الطبيب تشخيص الحالة باستخدام التصوير بالأمواج فوق الصوتية للجنين في أثناء نموه في رحم الأم، إذ يظهر التحام العينين وغيره من العيوب البنيوية في الدماغ وغيره من الأعضاء باستخدام هذا الإجراء.
قد يلجأ الطبيب بعد ذلك إلى المسح بالرنين المغناطيسي لتشخيص حالة الالتحام، إذ تستخدم هذه التقنية أمواج الراديو والمجال المغناطيسي لتشكيل صورة للجنين وأعضائه وغيرها من سماته الجسدية. لا يهدد التصوير بالأمواج فوق الصوتية أو مسح الرنين المغناطيسي صحة الأم أو الجنين.
وعند عدم القدرة على تشخص حالة التحام العينين في أثناء الحمل، يكون الفحص البصري للجنين بعد الولادة.
متوسط العمر المتوقع:
يظهر التحام العينين عند 1 من أصل 250 جنين، وعند 1 من أصل 100000 مولود، و 50% من الولادات يولد الجنين فيها ميتًا، ويعيش الرضع المصابون بالتحام العينين ساعات معدودة فقط.
بينت مصادر موثوقة ولادة طفل مصاب بالتحام العينين في الأردن عام 2015، وتوفي الطفل بعد 5 ساعات في المشفى. وأظهرت دراسات أخرى أن الأطفال المصابين بالتحام العينين يعيشون ساعات معدودة فقط.
لا تتطور أدمغة الرضع المصابين بالتحام العينين وأعضاؤهم بطريقة صحيحة، فلا يستطيع الدماغ المصاب دعم جميع أعضاء الجسم اللازمة للحياة. ولا يوجد أي علاج مرجعي لالتحام العينين أو غيرها من حالات اندماج الدماغ، ويركز العلاج على تحديد الأعراض وتقديم الدعم لحياة المرضى.
الخلاصة
يعد التحام العينين حالة مرضية ولادية تظهر في أثناء تطور الجنين داخل الرحم. لا يعيش معظم الأجنة المصابين بالتحام العينين حتى الولادة، ويبقى الرضع المصابون بهذه الآفة على قيد الحياة بضع ساعات فقط.
يظن الباحثون أن العوامل الجينية تؤدي دورًا في ظهور هذه الحالة المرضية. ويرون أيضًا أن الخطر الأكبر من إصابة الرضيع بالتحام العينين هو وجود الصفة الوراثية المعيبة هذه لدى الآباء، ما يزيد من احتمال تكرار الحالة عند حدوث الحمل التالي. لكن التحام العينين يُعد حالة نادرة وغير مرحجة الحدوث.
يُنصح بإجراء اختبارات جينية للآباء الحاملين لهذه العيوب الجينية، وقد لا تكون نتائج الاختبار حاسمة، ويفضل على ذلك التواصل مع طبيب أطفال ومستتشار جيني في هذا الخصوص.
إذا أصيب فرد من العائلة بالتحام العينين، يجب التأكد أن الأمر لا يتعلق بتصرفات أو خيارات أو نمط حياة الأم أو أي فرد من العائلة. يعود سبب الحالة غالبًا إلى عيوب صبغية أو جينية أو أنها تتطور من تلقاء نفسها.
قد تُعالج هذه العيوب قبل الحمل في المستقبل، ما يمكننا من تفادي حالات الإصابة بالتحام العينين.
اقرأ أيضًا:
حول العينين: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج
ترجمة: رهف وقّاف
تدقيق: محمد حسان عجك