ابتكر العلماء طريقةً جديدةً تمامًا لتبريد الأشياء ألا وهي التبريد الأيوني الحراري ionocaloric، وهي طريقة فريدة من نوعها لخفض درجات الحرارة، ولتبريد أكثر أمانًا وأفضل بيئيًا للكوكب، وقد تستبدل طرق التبريد الحالية.
تعتمد فكرة عمل أنظمة التبريد الحالية على نقل الحرارة بعيدًا عن مصدرها عبر سائل يتحول إلى غاز عند امتصاصه للحرارة، ثم يتكثف ويتحول مرة أخرى إلى سائل عندما يمر عبر أنبوب مغلق. ومع فاعلية هذه الطريقة فإن تلك السوائل المستخدمة في التبريد غير صديقة للبيئة.
عمومًا، هناك أكثر من طريقة لدفع مادة ما على امتصاص الطاقة الحرارية والتخلص منها.
طور باحثون من مختبر لورانس بيركلي الوطني ومن جامعة كاليفورنيا في الولايات المتحدة طريقةً للاستفادة من قدرة بعض المواد على تخزين الطاقة وتحريرها عندما تغير من حالتها المادية، فمثلًا عند رفع درجة حرارة قالب من الجليد فإنه يذوب ويتحول من حالته الصلبة إلى ماء سائل. في حقيقة الأمر، عملية ذوبان الجليد تلك تعني امتصاص الحرارة من الجو المحيط ما يجعل المكان أبرد وأقل حرارة.
إحدى طرق دفع الجليد على الذوبان بدون رفع درجة الحرارة هي إضافة بعض الجزيئات المشحونة أو الأيونات. أوضح مثال لتلك العملية هي وضع الملح على الطرق لمنع تشكل الجليد عليها. تستخدم الدورة الأيونية الحرارية الملح أيضًا لتغيير حالة السائل وتبريد المكان.
صرح مهندس الميكانيكا درو ليلي من مختبر لورانس بيركلي الوطني في كاليفورنيا في يناير 2023: «إن طبيعة مواد التبريد مشكلة غير محلولة حتى الآن، لم ينجح أحد في تطوير حل بديل لتبريد الأشياء، بشرط أن يعمل بكفاءة، وأمان، ولا يضر البيئة. نظن أن للدورة الأيونية الحرارية القدرة على الإيفاء بتلك المتطلبات إذا نُفذت على نحو مناسب».
حاكى الباحثون نظرية الدورة الأيونية الحرارية لمعرفة ما إذا كان بإمكانها منافسة كفاءة مواد التبريد المستخدمة حاليًا، أو على الأقل تُحسِّنها. مرور التيار الكهربائي عبر ذلك النظام يحرك الأيونات الموجودة فيه، فيعمل على تعديل نقطة إنصهار المادة وبالتالي تغيير درجة الحرارة.
كذلك استخدم الفريق في التجارب ملحًا مصنوعًا من اليود والصوديوم لإذابة كربونات الإيثيلين، وهي مذيب عضوي شائع يدخل أيضًا في تصنيع بطاريات الليثيوم أيون، ويستخدم ثاني أكسيد الكربون مادةً أولية لإنتاجها.
في التجربة، طُبقت شحنة كهربائية مقدارها أقل من فولت واحد، فنقصت درجة الحرارة 25 درجة مئوية، وهي نتيجة تتجاوز ما حققته تقنيات التبريد الأخرى حتى اللحظة.
تعتمد أنظمة التبريد المستخدمة حاليًا على الغازات مثل مركبات الهيدروفلوروكربون المختلفة (HFCs) وهي أحد أسباب ظاهرة الاحترار العالمي. تعهدت البلدان الموقعة على تعديل بروتوكول كيغالي بتخفيض إنتاج مركبات الهيدروفلوروكربون واستهلاكها على الأقل بمقدار 80% على مدى السنوات الخمس وعشرين القادمة، وهنا ربما يؤدي نظام التبريد الحراري الأيوني دورًا رئيسيًا لإنهاء تلك المشكلة، وعندها قد يحل هذا الإبتكار أزمة الاحترار العالمي ويحد منها، بل وقد يقلل من درجة حرارة المناخ على الكوكب.
قال رافي براشر مهندس في مختبر لورانس بيركلي الوطني: «نضع في اعتبارنا ثلاثة أشياء ونحاول تحقيق التوازن بينها: مدى تأثير مادة التبريد على الاحترار العالمي، وكفاءة الطاقة لنظام التبريد، ثم تكلفة الجهاز نفسه. طبقًا لمحاولتنا الأولى. تبدو بياناتنا واعدةً للغاية لجميع الجوانب الثلاثة السابقة».
ثم أردف قائلًا: «لدينا هذا النظام الديناميكي الحراري الجديد تمامًا، وكذلك إطار العمل الذي يضم عناصر من مجالات مختلفة، وأظهرنا أنه يعمل وقابل للتطبيق، وحان الآن وقت التجارب لاختبار تركيبات مختلفة من المواد ومن التقنيات لمجابهة أي تحديات هندسية مقبلة».
يريد الباحثون الآن إخراج هذه التكنولوجيا من المختبر وتطبيقها في الحياة العملية كي يُمكن استخدامها تجاريًا وعلى نطاق واسع دون أي مشاكل تشغيلية، ومن الجدير بالذكر أن هذه الأنظمة يمكن استخدامها للتدفئة أيضًا إلى جانب التبريد.
اقرأ أيضًا:
تقنية تبريد فائق جديدة لحفظ الأعضاء لمدة أطول
ترجمة: عمرو أحمد
تدقيق: باسل حميدي
