الحرارة المنخفضة حد التجمد، ماذا تفعل عدا عن إبقاء الناس في بيوتهم ودفعهم للخروج في مجموعات عندما يفعلون، حسناً ، هذا كان سؤالاً مجازياً، إذ جاوب العلم عنه، وجاوب بنعم.
وجد خبراءٌ أن الحرارة المنخفضة تؤثر على أفكارنا وقراراتنا دون حتى أن نعرف، من التأثير على ألوان أزياء النساء إلى نظرتنا تجاه المجرمين، ومعاملتنا لأصدقائنا، وإبداعنا، تؤثر الحرارة على النفسية البشرية بشكل أوضحه البحث.
هاته خمس طرق يؤثر فيها البرد على الناس.
١. تأثير الفستان الأحمر
قد يؤثر البرد على ألوان ما ترتديه النساء، لكن في أوقات معينة من الشهر، وفقاً لبحث نشر في 2013-2014 .
أظهر البحث أن “النساء أكثر ميلاً لإرتداء أطياف الأحمر والوردي في أيام الإباضة”، على حد قول جيسيكا تريسي (Jessica Tracy)، التي كتبت البحث، والتي تشغل مركز بروفيسور زميل في علم النفس في جامعة كولومبيا البريطانية في كندا، خلال الإباضة -إطلاق بويضة من المبيض- تكون فرص النساء بالحمل في أعلاها.
رغم عدم وضوح سبب هذا الفعل، يعتقد البعض أن هذا نتيجة للجاذبية الجنسية، “الفكرة الأساسية هي أن اللون الأحمر والوردي تعتبر إشارات جنسية”، قالت تريسي للايف ساينس (live science).
حاول الباحثون تكرار التجربة في الصيف، لكن ذاك التأثير إختفى، ليظهر مجدداً خلال الشتاء، لينشروه في مجلة بلوس ون (plos one) .
قالت تريسي: “لربما ما يحدث هنا هو أن النساء يملكن طرقاً أكثر لإرتداء الملابس المثيرة في الصيف حيث يكون الجو دافئاً”.
فكرة أن النساء يتصرفن بشكل مختلف أثناء الإباضة متنازع عليها، تضيف تريسي، رغم أنها تصر على وجود أدلة وافرة على صحتها.
٢. القتل بدم “بارد”
وجدت دراسة حديثة أن حرارة الغرفة قد تؤثر على حكم الناس على المجرمين.
يميل الناس إلى النظر إلى المجرمين على أنهم باردوا الدم، وأن جرائمهم عن سبق إصرار في الجو البارد، والعكس، أي يميلون إلى النظر إلى المجرمين على أنهم متسرعون وذوو دم حار في الجو الحار، وفقاً لدراسة عام 2014 نشرت في مجلة بلوس ون.
في تلك الدراسة، نظر 133 طالب في ألمانيا إلى ثمان صور لأفراد تم إعتقالهم، ثم قاموا بكتابة الجريمة التي يظنون أن صاحب الصورة قام بإرتكابها، وقاموا بتقييم مدى التسرع أو التفكير التي تضمنتها تلك الجريمة.
ليس من المفاجئ كثيراً أن الناس يربطون بين الحرارة وعقليتهم، قال الباحثون في الدراسة، فالحرارة المنخفضة والمرتفعة تؤثر في طريقة حكم الناس طوال الوقت، مثلاً، ومقارنة مع فرد يحمل كأس شاي ساخن، يميل فرد يحمل شاياً مثلجاً إلى النظر إلى الآخرين على أنهم أكثر برودة.
وفقاً لدراسة تم إجراؤها عام 2008 ونشرت في مجلة العلوم.
٣. الأفلام الرومانسية
عندما يكون الجو بارد خارجاً، هل من طريقة أفضل للحفاظ على الدفء من العناق أمام فلم رومنسي؟
يبدو أن الناس عندما يشعرون بالبرد الفيزيائي يسعون للبحث عن الدفء الجسدي، كما قال باحثون في دراسة نشرت في مجلة أبحاث المستهلك (consumer research) عام 2012 .
خلال عدة تجارب، قام الباحثون بالتلاعب بحرارة كل من الغرفة التي كان المشاركون يجلسون فيها ومشروبهم، ثم طلبوا من المشاركين إختيار فلم لمشاهدته، فكان أن مال المشاركون إلى إختيار الأفلام الرومنسية عندما كان الجو بارداً.
من المثير للإهتمام أن هذا التأثير إختفى عند الأفراد الذين لا يربطون بين الأفلام الرومنسية والدفء النفسي، وفق تقرير قدمته لايف ساينس.
كما وجد الباحثون أن إستئجار الأفلام عن طريق الإنترنت تضمن أفلاماً رومنسية أكثر ضمن الجو البارد.
٤. معضلة السجين
قد تؤثر الحرارة على قدر الثقة الذي نضعها في الآخرين، وفق إحدى الدراسات.
في تجرية تسمى “تجربة معضلة السجين المكرَّرة”، تمت مزاوجة المشاركين ثم وضعهم في سجن إفتراضي، ثم قيل لهم أن السلطات لا تملك دليلاً لإتهام أيٍ من الزوجين، لتطلب من كل منهما أن يشهد ضد الآخر، نشرت الدراسة في مجلة علم النفس التطوري (evolutionary psychology).
كان المشاركون في الدراسة الذين طلب منهم حمل مدفء كيمياءي يدوي خلال الإختبار أكثر إحتمالاً بالضعف لأن يتعاونا مع بعضهما (أي لم يشهدا ضد بعضهما)، مقارنة بمن حملوا كيساً من الثلج.
من الممكن أن يكون الشعور الجسدي بالدفء هو المسؤول عن زيادة ثقة المشاركين ببعضهما، على ذمة الباحثين.
٥. الإبداع الحار والبارد
أنواع مختلفة من الإبداع قد تظهر وفقاً لشعور الفرد بالحر أو البرد، وفقاً لباحثين.
وجد باحثون في سلسلة إختبارات أن المشاركين الذين تم إعطاؤهم وسادة تدفئة طبية أو كأساً من الشاي الحار، أو أُجلسوا في غرفة دافئة كانوا أفضل في الرسم الإبداعي، تصنيف الأشياء، والتفكير في هدايا لآخرين.
لكن حين شعروا بالبرد، كان المشاركون أفضل بالتعرف على الإستعارات، التفكير بأسماء جديدة للباستا، والتخطيط لهدايا غير واقعية.
من الممكن أن الدفء يساعد الناس على إبداع العلاقات الدافئة، بمعنى أنهم سيشعرون بقرب أكبر إلى الآخرين، وسيكونون أكثر كرماً، وعلى النقيض، يحفز البرد الإبداع المرجعي، أو المعالجة الباردة البعيدة، إذ يشعر الناس بالبعد عن الآخرين.
كتب الباحثون في دراسة نشرت عام 2014: “الشعور بالدفء الفيزيائي هو أبسط الدلائل التي يمكن للناس أن يتعرفوا من خلالها على عالمهم الإجتماعي” في مجلة أكتا سايكولوجي (acta psychology).
- تحرير: ناجية الأحمد
- المصدر