البروتينات السكرية جزيئاتٌ مكونة من سلاسل بروتينية وسكرية تساهم في العديد من الوظائف الفيزيولوجية من ضمنها المناعة. تحتوي الكثير من الفيروسات على بروتينات سكرية تساعدها على دخول خلايا الجسم، ولكن يمكن أن تكون أيضًا أهدافًا علاجية أو وقائية هامة.
مم تتكون البروتينات السكرية؟
البروتينات السكرية تحتوي على غليكانات مرتبطة تساهميًا على جوانبها بسلاسل من الأحماض الأمينية.
الغليكان هي سلاسل قليلة السكاريد، وهي بوليمرات سكرية (أي تتكون من وحيدات متماثلة من السكر)، التي يمكن أن ترتبط إما بالدسم (شحميات سكرية) أو الأحماض الأمينية (البروتينات السكرية). تتشكل هذه الروابط عادة خلال عملية تسمى الغلكزة (glycosylation).
بسبب مجموعات الهيدروكسيل في السكريات، فإن البروتينات السكرية هي أكثر انجذابًا للماء من البروتينات البسيطة. تؤدي الطبيعة المحبة للماء للجزيء أيضًا إلى الطي المميز للبنية الثلاثية للبروتين.
تحدث أغلب عمليات الغلكزة على البروتينات بعد ترجمتها ومعظم هذه البروتينات تُصنّع في الشبكة الهيولية الداخلية الخشنة.
توجد أشكال مختلفة من عملية الغلكزة اعتمادًا على نوع السكريات المضافة إلى الشحوم والبروتينات.
السكريات عبارة عن جزيء قصير، غالبًا ما يكون متفرّعًا، وقد يتكون من:
- السكريات البسيطة (على سبيل المثال: الغلوكوز، الغالاكتوز، المانوز، الزايلوز).
- السكريات الأمينية (السكريات التي تحتوي على مجموعة أمينية، مثل N-أسيتيل غلوكوز أمين أو N-أسيتيل غالاكتوز أمين)
- السكريات الحمضية (السكريات التي تحتوي على مجموعة الكربوكسيل، مثل حمض السياليك أو N-أسيتيل نيوروأمينيك أسيد)
البروتينات السكرية المرتبطة ب-O والمرتبطة ب-N
البروتينات السكرية المرتبطة بـO هي التي ترتبط فيها السكريات بذرة الأكسجين من مجموعة الهيدروكسيل التابعة للمجموعة R للحمض الأميني الثريونين أو السيرين. قد ترتبط السكريات المرتبطة بـO أيضًا بالهيدروكسي ليزين أو هيدروكسي برولين. هذه العملية تسمى الغلكزة بالأكسجين O-glycosylation. تُجمَع البروتينات السكرية المرتبطة بـ O بالسكر في جهاز غولجي.
تحتوي البروتينات السكرية المرتبطة بـN على سكريات مرتبطة بالنيتروجين من المجموعة الأمينية (-NH2) التابعة للمجموعة R للحمض الأميني الأسباراجين. عادة ما تكون مجموعة R هي سلسلة الأميد الجانبية للأسبراجين. تسمى العملية الغلكزة بالنيتروجين N-glycosylation. تكتسب البروتينات السكرية المرتبطة بـN السكر من غشاء الشبكة الهيولية الداخلية ثم يتم نقلها إلى جهاز غولجي للتعديل.
مع أن البروتينات السكرية المرتبطة بـ O و N هي الأشيع، توجد ارتباطات أخرى ممكنة أيضًا:
- تحدث الغلكزة ب-P عندما يرتبط السكر بفوسفور الفوسفوسيرين.
- تحدث الغلكزة ب-C عندما يرتبط السكر بذرة الكربون في حمض أميني. مثلًا يرتبط المانوز بالكربون في التربتوفان.
- يحدث Glypiation عندما يرتبط غلوكوز-فوسفاتيديل-إينوزيتول (GPI) بالنهاية الكربونية لعديد ببتيد.
الفرق بين الغلكزة (glycosylation) والغلوزة (glycation)
تحصل البروتينات السكرية على سكرها بعملية إنزيمية مُشكّلة جزيئًا لن يكون فعّالًا لو صُنع بطريقة أخرى. توجد عملية أخرى تدعى الغلوزة تربط السكر تساهميًا بالبروتينات والشحوم.
الغلوزة ليست عملية إنزيمية، فهي تقلل غالبًا أو تُعدِم وظيفة الجزيئة المنتَجة. تحدث الغلوزة عادة مع التقدم بالعمر وبشكل أبكر مع المرضى السكريين ومن لديهم مستوىً عالٍ من السكر في دمهم.
أمثلة على البروتينات السكرية ووظائفها وعلاقتها ببعض الأمراض
للبروتينات السكرية دور في البنية والتكاثر والجهاز المناعي والهرمونات وحماية الخلايا وعضياتها.
توجد البروتينات السكرية على سطح الطبقة الشحمية المضاعفة للأغشية الخلوية، وتسمح طبيعتها المحبة للماء بالعمل في البيئة المائية، حيث تساهم في تعرف الخلايا على بعضها وفي ربط الجزيئات الأخرى.
البروتينات السكرية للسطح الخلوي مهمة أيضًا للربط التصالبي بين الخلايا والبروتينات الخارجية كالكولاجين ما يضفي متانة واستقرارًا نسيجيًا.
تسمح البروتينات السكرية في الخلايا النباتية للنباتات بالوقوف في وضع مستقيم ضد قوة الجاذبية.
البروتينات السكرية ليست مهمة فقط للتواصل بين الخلايا، بل تساعد على التواصل بين الأعضاء أيضًا. توجد البروتينات السكرية في المادة السنجابية في الدماغ فتؤمّن تواصلًا مع المحاور العصبية والجسيمات المشبكية.
قد تكون الهرمونات بروتينات سكرية مثل موجهة الغدد التناسلية المشيمية البشرية (HCG) والإريثروبويتين (EPO) الذي هو عبارة عن سايتوكين تفرزه الكلى يحفز إنتاج كريات الدم الحمراء في نقي العظام بمستويات عالية استجابة لنقص الأكسجة (بمستويات منخفضة منه عادة)، بالإضافة إلى الهرمون المنبه للجريب (FSH) الذي له دور في التطور والنمو والبلوغ والتكاثر.
يعتمد تخثر الدم على البروتينات السكرية البروثرومبين والثرومبين والفيبرينوجين.
قد تكون واسمات الخلية بروتينات سكرية. ترجع المجموعات الدموية MN إلى نمطين عديدَي الأشكال من البروتين السكري غليكوفورين A. يختلف النمطان في ثمالتين فقط من الأحماض الأمينية، و هذا يكفي لإحداث مشكلات للأشخاص الذين يتلقون عضوًا متبرَّعًا به من شخص لديه مجموعة دم مختلفة. لكل من معقد التوافق النسيجي الأعظمي (MHC) والمستضد H لمجموعة الدم ABO بروتينات سكرية مميزة.
الغليكوفورين مهم أيضًا لأنه موقع ارتباط المتصورات المنجلية (طفيلي على الدم البشري).
البروتينات السكرية مهمة أيضًا للتكاثر، فهي تسمح بارتباط النطفة بسطح البويضة.
الموسينات بروتينات سكرية توجد في المخاط، وهي تحمي الأسطح الظهارية الحساسة في الطرق التنفسية والبولية والهضمية والتناسلية، إذ يحتفظ الموسين بالمياه، ما يجعل المخاط مادة مزلقة فعالة.
تعتمد الاستجابة المناعية على البروتينات السّكرية. تحدد سكريات الأضداد (وهي بروتينات سكرية) مستضدًا محددًا يمكنها الارتباط به. تحتوي الخلايا البائية والخلايا التائية على بروتينات سكرية سطحية تربط المستضدات أيضًا.
تحتوي العديد من الفيروسات على بروتينات سكرية سطحية تسمى المجالات الشوكية-S من ضمنها فيروس سارس-كوف-2 (الفيروس المسبب لكوفيد-19) إذ تمكّن الأشواك الفيروسات من الارتباط بمستقبلاتها الهدفية ودخول الخلايا. عادة تعمل هذه البروتينات السكرية السطحية أيضًا كمعدِّلاتٍ طبيعيةٍ للأضداد التي ينتجها الجسم في مكافحة العدوى ومن ثمّ منح درجة معينة من المناعة المستقبلية. لكن بعض الفيروسات كفيروس نقص المناعة المكتسب لديها مجالات شوكية مفرطة السكريات ما يعيق ارتباط الأضداد وقدرتها على التعرف، فيجعل الفيروسات مثل فيروس نقص المناعة المكتسب أكثر مراوغة وصعب الشفاء.
البروتينات السكرية وكوفيد-19
الفيروسات التاجية بيتا التي تتضمن فيروس ميرس (MERS-COV) وسارس (SARS-COV) وسارس-كوف-2 تدخل الظهارة التنفسية والهضمية بواسطة البروتين السكري الشوكي S. ترتبط الفيروسات بمستقبلات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين 2 من خلال المجال الشوكي SB الذي يعطي منظر التاج ما نتج عنه اسم الفيروس التاجي.
تتطلب الفيروسات التاجية أيضًا TMPRSS2 لتشكِّل البروتين السكري الشوكي SB لدخول الخلايا من خلال الالتقام الخلوي.
أيضًا يعد المجال SB للفيروسات التاجية بيتا الموقع الرئيسي للأضداد لتعديل الفيروسات. وبالتالي فإن التلقيح الناجح يجب أن يستهدف البروتين السكري الشوكي على سطح سارس-كوف-2. وقد ثبت أن الأمصال متعددة النسيلة في الفئران تثبط دخول سارس-كوف-2 إلى الخلايا بحصار المجال الشوكي SB.
بسبب اختفاء فيروس سارس بين البشر وانحصار فيروس ميرس في الشرق الأوسط لم تكن الحاجة إلى اللقاحات أولوية قصوى. مع ذلك فكون كوفيد-19 وباءًا عالميًا، أصبحت الحاجة إلى إنتاج لقاح ناجح بسرعة أولوية عالمية. أُنتجت الآن عدة لقاحات توزَّع حول العالم.
السبب وراء انتشار الأوبئة الموسمية كل عام رغم وجود أضداد للسلالات السابقة في عدة فيروسات كالفيروسات التاجية وفيروسات الإنفلونزا هو تبدل مجالاتها الشوكية السطحية باستمرار وتحوّرها.
لقد تحور سارس-كوف-2 الآن إلى العديد من المتغيرات المختلفة، مع بعض التغييرات في البنية الفيروسية للمجال الشوكي في المتغيرات الحديثة. ما سبّب قلقًا حول إمكانية تبدل طرق العدوى أو فعالية اللقاحات.
الخلاصة
باختصار، البروتينات السكرية هي جزيئات من السكريات قليلة السكاريد (الغليكانات) مرتبطة بسلاسل جانبية من الأحماض الأمينية للبروتينات التي تسهم في العديد من الوظائف الفيزيولوجية. تختلف هذه الوظائف من الدعم البنيوي مثل الكولاجين إلى تحديد الزمرة الدموية. توجد البروتينات السكرية أيضًا على أسطح الفيروسات التي تتيح الارتباط بمستقبلات خلايا الجسم.
يحتوي سارس-كوف-2 (يسبب كوفيد-19) على بروتين شوكي سكري يرتبط بمستقبلات الإنزيم المحول للأنجيوتينسين في الرئتين والتدخل بالمجال الشوكي كان هدفًا للقاح، إضافةً إلى أهداف علاجية أخرى.
اقرأ أيضًا:
أدلة جديدة تتحدى فكرة أن الطفرات عشوائية تمامًا
حصل العلماء على الجينوم البشري الأكثر اكتمالًا على الإطلاق!
ترجمة: شهاب أحمد شاعر
تدقيق: آلاء رضا