لغات البرمجة الكمية هي برامج صُممت لتعمل على أجهزة الكمبيوتر الكمية، وهي مختلفة تمامًا عن برامج الحوسبة التقليدية. لفهم لغات البرمجة الكمية، والتعامل معها بفعالية، لا بد من توفر المعرفة الكافية بمبادئ ميكانيكا الكم، وأساسيات الرياضيات.
بمرور الوقت ستصبح لغات البرمجة الكميّة أدوات قيمة، إذ إن أجهزة الكمبيوتر الكمية تُستخدم في المجال الصناعي، ولحل المشكلات المستعصية على البشرية، وستحل قريبًا محل أجهزة الكمبيوتر التقليدية.
عدد الأشخاص المدربين على لغات البرمجة الكميّة قليل في الوقت الحالي، مقارنةً بمن يجيدون لغات البرمجة التقليدية، لكن ذلك سيتغير مع زيادة الاعتماد على أجهزة الكمبيوتر الكميّة.
يهدف المقال لشرح مفهوم لغة البرمجة الكمية بإيجاز، والفرق بين البرمجة الكمية والتقليدية، وأنواع لغات البرمجة الكمية المتاحة.
ما لغة البرمجة الكمية؟
لغة البرمجة الكمية هي لغة برمجة مُصممة خصوصًا لكتابة برامج أجهزة الكمبيوتر الكمية. تجب مراعاة العديد من العوامل عند تصنيف لغات البرمجة الكمية وتمييزها عن لغات البرمجة التقليدية، منها كيفية تقييمها، واستخدام الخوارزميات الكمية وتنفيذها، وقدرتها على فحص أساسيات النظام الكمي، أي قدرتها على التعامل مع التشابك والتراكب، والكيوبتات «البتات الكمية».
ما الفرق بين البرمجة التقليدية والكمية؟
يمكن فهم الاختلافات بين لغات البرمجة التقليدية والكمية من خلال العناصر الأساسية التي تشكّل أي نظام. فالنظام التقليدي يبرمجه الإنسان، الذي يستخدم العناصر الثنائية الخطية للواحدات والأصفار، التي تُعالج للحصول على النتائج «المعلومات». أما في النظام الكمي، تُدخل الخصائص الفيزيائية المُحسَّنة للجسيمات إلى الكمبيوتر الكمي على شكل مصفوفة، حتى تتمكن الوحدة الأساسية للمعلومات الكمية «كيوبت» من تحديد النتائج.
التنفيذ الناجح لهذه المعادلات والخوارزميات الكمية المعقدة، يتطلب معرفةً متقدمة بالفيزياء والرياضيات. على هذا فإن خبراء البرمجة الكمية، المدربين على فهم تعقيدات العملية الثنائية غير المقيدة التربيعية، أو خوارزمية تحسين التقريب التربيعي، فقط هم من بوسعهم معرفة المشكلات، وفهمها ومعالجتها لتحقيق أقصى استفادة من الحوسبة الكمية.
أنواع لغات البرمجة الكمية:
يتزايد عدد لغات البرمجة الكمية باستمرار، وذلك بسبب زيادة الانفتاح والسعي لتبادل المعرفة والموارد. صُممت لغات البرمجة الكمية لمساعدة الخوارزميات الكمية باستخدام تركيبات متقدمة. فيما يلي سنتحدث بإيجاز عن مجموعات التعليمات الكمية، ومجموعات تطوير البرامج الكمية، وأنواع لغات البرمجة الكمية.
مجموعات التعليمات الكمية:
تُستخدم التعليمات لتحويل الخوارزميات المعقدة إلى تعليمات فعلية، يمكن تطبيقها على المعالجات الكمية. وتختلف اعتمادًا على شكل الكيوبت ضمن البناء الكمي للأجهزة: أيونات فائقة التوصيل، أيونات مبنية من السيليكون، أيونات مقيدة، إلخ.
مجموعات تطوير البرامج الكمية:
توفر مجموعات تطوير البرامج الكمية أدوات متنوعة لتصميم البرامج الكمية واستثمارها، مع تزويد المستخدم بالقدرة على محاكاة البرامج الكمية، أو تحضيرها لتُشغل باستخدام الأجهزة الكمية ذات القاعدة السحابية.
أنواع لغات البرمجة الكمية:
يمكن تقسيم لغات البرمجة الكمية إلى فئتين: اللغات الحتمية، واللغات الوظيفية. تُستخدم البرمجة الحتمية عند الحاجة لتغيير حالة البرنامج، في حين تُستخدم البرمجة الوظيفية عند استدعاء الوظائف وإنشائها.
أفضل لغات البرمجة الكمية لعام 2022:
يعتمد اختيارنا لأفضل لغات البرمجة الكمية لعام 2022 على مدى استخدامها بواسطة كبار خبراء الكم حول العالم، سواء في الأوساط الأكاديمية أو الصناعية.
1. لغة بايثون (Python) «لغة البرمجة الكمية الفعلية»:
عندما يتعلق الأمر بلغة برمجة فعلية، يمكنك تعلمها بسرعة وسهولة لتبدأ مشوارك في الحوسبة الكمية، فقد تكون البايثون هي الحل. طُورت لغة بايثون أول مرة منذ ثلاثين عامًا، بواسطة مؤسسة برمجيات بايثون، وهي لغة برمجة مدعومة بالكثير من المكتبات مثل (QuTip) وغيرها، ما يتيح العمل مع الأنظمة الكمية بسهولة.
سنستكمل الحديث عن بقية اللغات في هذه القائمة، التي تدعم الأدوات مفتوحة المصدر، وبرامج التطوير.
2. لغة كيسكت (Qiskit) «أداة برمجة مفتوحة المصدر»:
صُممت هذه اللغة عام 2017 بواسطة شركة (IBM)، وهي مخصصة للحوسبة الكمية. هذه اللغة جزء من مجموعة تطوير البرمجيات مفتوحة المصدر، التي تعمل مع أجهزة الكمبيوتر الكمية على مستوى الدارات والنبضات والخوارزميات. توفر هذه اللغة العديد من الأدوات لإنشاء البرامج الكمية، ومعالجتها وتشغيلها على نماذج أولية للأجهزة الكمية ضمن مشروع تجربة (IBM) الكمية، أو على أجهزة محاكاة على جهاز كمبيوتر محلي.
3. لغة «أوشن» (Ocean ™):
برنامج أوشن هو مجموعة من أدوات بايثون مفتوحة المصدر، التي يمكن الوصول إليها عبر (Ocean Software Development Kit). بواسطة مستودع (D-Wave GitHub repository)، أو عبر خدمة (Leap) للسحابة الكمية. صممت شركة (D-Wave)، وهي شركة رائدة في صناعة الحوسبة الكمية، برنامج أوشن، للسماح للمطورين بالتجربة والاستفادة من قوة الكمبيوتر الكمي لحل المشكلات المعقدة.
4. اللغة (Q#) «خوارزمية برمجة الحوسبة الكمية»:
ظهرت هذه اللغة أول مرة عام 2017، وهي لغة برمجة خاصة تُستخدم للتعبير عن الخوارزميات الكمية. أهم ميزات هذه اللغة أنها تدعم التحكم في مسار تنفيذ الخوارزمية. إذ يعتمد التحكم في هذا المسار على نتائج القياس الكمي، ما يجعل كتابة الأشياء التي تعتمد على القياسات الوسطية أسهل.
5. لغة «سيرك» (Cirq):
طُورت لغة سيرك بواسطة فريق الذكاء الصناعي الكمي في شركة غوغل، وأُعلن عنها في ورشة العمل الدولية حول برامج الكم، والتعلم الآلي الكمّي في صيف 2018. لغة سيرك هي بيئة عمل مفتوحة المصدر لأجهزة الكمبيوتر الكمية ذات الحجم المتوسط (NISQ). هذه اللغة مدعومة بمكتبات خاصة تتضمن أجهزة محاكاة مدمجة للتعامل مع الإشارات اللاسلكية وقياسات الكثافة، ما يمكّنها من التعامل مع القنوات الكمية المتداخلة باستخدام محاكاة مونت كارلو، أو محاكاة مصفوفة الكثافة الكاملة. تعمل هذه اللغة أيضًا مع محاكي الدالة الموجية (qsim)، إضافةً إلى العديد من المكتبات الأخرى.
ما مستقبل البرمجة الكمية في السنوات القادمة؟
يصعب التنبؤ بإجابة هذا السؤال. نُشر في مجلة «فوربس» في ديسمبر عام 2021، مقال مهم عنوانه «ما الذي يمكن توقعه من الحوسبة الكمية في العامين المقبلين؟»، كتبه الدكتور يودا نافيه، المؤسس المشارك، ومدير التكنولوجيا في شركة كلاسيك. طورت هذه الشركة منصةً برمجية تستخدم الخوارزميات الكمية بهدف التحكم الآلي في الدارات الكمية، يعتقد نافيه أن «الطلب على هذه المنصات البرمجية، والأشخاص القادرين على العمل عليها سيزداد مستقبلًا».
استنادًا إلى رأي خبراء المجال، نتوقع ظهور منصات برمجية تجعل الكم مجالًا أسهل للأشخاص الذين يعرفون كيفية البرمجة، مع أنهم -حتى الآن على الأقل- غير خبراء في الحوسبة الكمية. مثل منصات التعلم الآلي الشائعة، التي تحاول أن تكون أقل تعقيدًا للمستخدمين، وقد تسهّل المنصات الكمية ذلك.
لا شك أنه في السنوات القادمة سنشهد المزيد من حالات استخدام أكثر فعاليةً للحوسبة الكمية على الأجهزة التقليدية. نتوقع أيضًا أن تكون لغات البرمجة الكمية، ومجموعات تطوير البرمجيات الكمية، ومنصات الترميز أكثر قابلية للفهم، ويمكن تحقيق ذلك من خلال الدورات التعليمية، والشهادات المعتمدة. عندها لن نجد صعوبةً في إيجاد المتخصصين في البرمجيات، والمهن المتصلة بذلك.
اقرأ أيضًا:
هل بالإمكان السيطرة على الذكاء الاصطناعي الفائق؟
دراسة تحركات الإلكترونات وسرعتها لتطوير الحوسبة الكمية والكلاسيكية
ترجمة: أحمد عضيم
تدقيق: منال توفيق الضللي