من الفضاء تبدو الأرض هادئة، ومع ذلك ما يحدث عليها قد يجعلك مندهشًا. ما يوجد أسفل الأرض ساخن جدًا، وفي بعض الأحيان تصبح الحرارة الباطنية للأرض زائدة عن اللازم لدرجة أن تنفذ وتخرج، والطريق الوحيد للخروج يكون عبر المَنافس إلى الغلاف الجوي، وهي ظاهرة تُعرف باسم الثوران البركاني. البركان فتحة في القشرة الأرضية تسمح بخروج الحمم البركانية الساخنة، الغازات، الصخور، الرماد البركاني والبخار من حُجرة الصهارة تحت سطح الأرض.
تحدث الانفجارات البركانية بالدرجة الأولى في المناطق ذات النشاطات الاهتزازية أو في المناطق الضعيفة، على سبيل المثال؛ تحدث حين تتصادم الصفائح القارية للأرض وتتداعى، وتحدث أيضًا حين تذوب القشرة الأرضية باستمرار. يشبه البركان الجبل ويختلف عنه في ذات الوقت. يُعرَّف الجبل على أنه ارتفاع طبيعي شاهق عن سطح الأرض، كتلٍّ كبير من الرمال.
والبركان أيضًا كتلٍّ كبير من الرمال، ولكن التل هنا يكون مزيجًا من الحمم البركانية، الغبار، الرماد والمركبات الأخرى التي تكدست فوق بعضها البعض مع الوقت. عندما تبرد الحمم البركانية تصبح صلبة وتشكل كومة صغيرة تشبه المخروط. في الواقع، الجبل الذي نراه اليوم ما هو إلا حمم بركانية متماسكة، مكدسة ومتراكمة فوق بعضها من انفجارات بركانية سابقة.
يُشاع أن البراكين طريقة الأرض لتجدد نفسها، وقد يكون هذا صحيحًا أو لا، ولكن البراكين -وبلا شك- أحد أعظم ملامح الطبيعة. إذ تُعتبَر سبب تشكل بعض الأماكن الجميلة مثل كوستاريكا وسلسلة جزر الهاواي ونيكاراغوا؛ وهي عروض رائعة لسخاء الطبيعة، مع العلم أن ما يسبب تصاعد الصهارة البركانية هو ما يؤدي لتشكل التضاريس الرائعة والهائلة.
يمكن أن يكون البركان نشطًا، هادئًا أو خامدًا. فالبركان النشط هو البركان الذي يقذف الحمم البركانية والغازات ويُظهِر بعض الإشارات للنشاط الزلزالي، أما البركان الهادئ فهو البركان الذي لم يثُر لفترة طويلة من الوقت ويمكن أن يثور ثانيةً في أيّ وقت في المستقبل. أما البركان الخامد فهو الذي ظل خامدًا لأكثر من 2000 سنة ولم يُظهِر أي علامة على أنه نشيط.
كيف تتشكل البراكين ؟
تتألف الأرض من ثلاث طبقات رئيسية: القشرة الخارجية التي نعيش عليها؛ ويُقدِّر العلماء عمقها بـ 1800 ميل تقريبًا. تُسمى الطبقة الثانية الوشاح، وتحتوي على معادن مُنصهرة وغازات. المعادن المُنصهِرة صلبة بشكل أساسي تحولت للحالة السائلة بسبب الحرارة المرتفعة، والاسم المشترك لهذه الصخور المنصهرة والغازات هو الصهارة.
الصهارة سائل يتكون من العديد من البقايا، البلورات والغازات التي تشمل السيليكون، الأكسجين، الألمنيوم، المنغنيز، الحديد والمغنيزيوم. عندما تُقذف للخارج إلى السطح، تبرد وتتحول إلى صخور بركانية وفلزّية. يشابه الحجر المقذوف كرة معدنية مغلية لدرجة تتراوح من 4000 إلى 9000 درجة فهرنهايت.
تُحفِّز درجة الحرارة العالية في الحجر المقذوف جميع المعادن بداخله ليكون في الحالة السائلة، فهو غني بالمعادن المذابة كالحديد والنيكل. يحدث الانفجار البركاني عند ازدياد الضغط في طبقة الوشاح.
أثناء الثوران البركاني، تندفع المواد المنصهرة خلال المَنافس (فتحات في القشرة الأرضية) إلى السطح، ومن المهم إدراك أن الصهارة هي الصخور المنصهرة التي لا تزال أسفل قشرة الأرض، أما عندما تتدفق للخارج أثناء الانفجار إلى السطح تُعرف عندها بالحمم البركانية.
يمكن أن يحدث الانفجار البركاني بشكل آخر قاذفًا بقايا الحمم البركانية عاليًا في الغلاف الجوي ما يؤدي إلى تشكّل سحب كثيفة من الحمم البركانية. بعض ثورانات الحمم البركانية غير عنيفة؛ إذ تتدفق بشكل تدريجي من خلال المَنافس المحيطة الأخرى وتتكدس في المناطق المحيطة.
وترتفع الجسيمات الحرة من الرماد في الغلاف الجوي ونظرًا لخفتها تحملها الرياح القوية بعيدًا. تبلغ درجة حرارة الحمم البركانية المنبعثة من أسفل القشرة الأرضية حوالي 2200 درجة فهرنهايت، وعندما تخرج من المنافس تكون عادة حمراء ساخنة وتصبح أكثر قتامةً عندما تبرد، أما الحمم البركانية التي تحوي السيليكون فتشبه العسل وتتدفق تدريجيًا للخارج.
الأنواع الرئيسية للبراكين
البراكين المركبة – Composite volcanoes:
وتعرف أيضًا باسم البركان الطبقي، وقد ساهمت في تشكل بعض الجبال التي لا تُنسى مثل جبل Fuji وجبل Cotopaxi وجبل Rainier. تتألف هذه الأنواع من البراكين من المنافس التي ترتفع من أسفل القشرة الأرضية إلى سطح الأرض، وقد تشمل شبكة من المنافس ترتفع وتتسلق فيها الحمم البركانية عبر الجدران. رغم احتواء الحمم البركانية على مجموعة من المعادن فإنها تستطيع الصعود عاليًا. للبراكين المركبة طاقة هائلة لتنفجر بعنف.
براكين مخروط الرماد – Cinder cone volcanoes:
يُعدّ هذا النوع أبسط أنواع البراكين، ويحدث عندما تتصاعد الفقاعات وجسيمات من الحمم البركانية ضمن العنق البركاني. يقذف الثوران الحمم البركانيّة في الهواء بقوة، وتُحمل الجسيمات الخفيفة بواسطة الهواء بعيدًا، أما الثقيلة منها ترجع لتتوضع حول العنق البركاني.
عندما تحدث هذه الظاهرة باستمرار، يتشكل شكل بيضوي أو مخروط دائري، ويشكل الجزء العلوي من المخروط فوهة بركان على شكل وعاء، ونادرًا ما ترتفع هذه الأنواع من البراكين أكثر من 1000 قدم حول محيطها.
البراكين الدرعية – Shield volcanoes:
كما يوحي الاسم فإنها تبدو كالدروع من الفضاء، وتكون الحمم البركانية المنبعثة من البراكين الدرعية خفيفة بشكل مميز؛ ما يعني أنها تستطيع الانتقال لمسافات بعيدة أسفل منحدرات البركان.
تتشكل البراكين الدرعية تدريجيًا خلال فترات زمنية طويلة، حيث تشهد على العديد من الانفجارات البركانية فتتشكل الطبقات خلال هذه الفترة. لا تثور هذه البراكين بقوة وبشدة كبراكين مخروط الرماد، وهاواي أكبر مثال لمنطقة تنتشر فيها البراكين الدرعية.
قبب الحمم البركانية – Lava Domes:
تُعرف أيضًا بالقباب البركانية، وتنتج كميات قليلة من الحمم البركانية تكون أكثر كثافة وغير قادرة على التحرك لمسافات طويلة. تتكوم الحمم البركانية المنبعثة من القبب البركانية فقط فوق وبجانب المنفس (عنق البركان)، ويزداد حجم القبة البركانية نتيجة لازدياد الحمم البركانية ضمنها.
ينشأ الجبل من المواد الخارجة من جوانب القبة البركانية المتنامية. لدى هذه القبب البركانية تاريخ من الانفجارات العنيفة، إذ تنبعث منها كميات هائلة من الرماد والصخور الساخنة.
اقرأ أيضًا:
- كيف أثرت الثورات البركانية على انهيار الامبراطورية الفرعونية القديمة؟
- يبدو أن هذا البركان الإيطالي العملاق يعيد دورة حياته النارية
- هل تصبح أنفاق الحمم البركانية على القمر مسكنًا لرواد الفضاء؟
- ما هي الصواعق البركانية وكيف تنشأ؟
ترجمة: يزن باسل دبجن
تدقيق: رزوق النجار